تحرك الشارع ال​إيران​ي منذ ما يقارب العام بوجه السياسات الاقتصادية الرديئة التي أوصلت نسبة كبيرة منه الى حافة ​الفقر​. في الأيام الماضية شهدت إيران تراجعا لمستوى عملتها أمام الدولار هو الأكبر منذ فترة طويلة، إذ وصل سعر صرف التومان الايراني الى 10000 للدولار الواحد، الأمر الذي أثّر ويؤثر بشكل مباشر على الحياة الاجتماعية الايرانية.

تستقطب العاصمة الايرانية طهران ما يزيد عن 5 ملايين شخص يقصدونها يوميا من أجل العمل، الأمر الذي يجعلها مكتظّة ومن بين الدول الأكثف سكانيا. تضم تشكيلات متنوعة من الإيرانيين، ويسكن فيها ما يقارب الـ13 مليون نسمة. إن هذا الاكتظاظ أصبح عبئا على العاصمة بعد أن ارتفعت معدلات ​البطالة​ فيها وباقي المناطق، ووصلت الى حوالي 29.2 بالمئة، مع العلم أن في العام 2017 وصلت معدلات البطالة بحسب وزير الداخلية وقتها عبد الرضا فضلي في محافظات ايرانية كمحافظتي كرمانشاه الكردية و​الأهواز​ العربية، و​بلوشستان​ إلى 60 بالمئة.

تشير مصادر مطلعة على الوضع الإيراني الى ان مستوی متوسط الدخل الفردي السنوي للايرانيين منخفض جدا لأسباب ضعف في الادارة والبنی الأساسية، مشددة عبر "النشرة" على ان معيشة الإيرانيين ليست في وضع يليق بشعب يملك ثروات ومقدّرات تحلم بها الدول الأخرى. وتضيف: "يصنّف ​البنك الدولي​ إيران بالمركز 96 من أصل 173 بلدا في العالم من حيث متوسط الدخل السنوي للفرد، اذ يبلغ حوالي 5500 دولارا سنويا، وهو رقم ضئيل مقارنة بالدخل الفردي السنوي في البلدان النفطية.

لا شك أن العقوبات الدولية والأميركية على إيران قد سببت الضرر الكبير للإيرانيين، ولعل الضربة الأبرز كانت عبر قطاع النفط الذي تشتهر به. اما بالنسبة للشعب الإيراني فهو بقسم كبير منه بحسب المصادر قد بلغ حدّ الانفجار، مشيرة الى أن التظاهرات التي خرجت في الأشهر الماضية تُنذر بحصول الأسوأ، رغم أن الاعتصامات والتظاهرات قد شهدت دخول أياد خفية لتخريب الوضع الأمني.

يقول بارسا يعقوب زاده أن "الوضع في إيران لم يعد كما كان عليه سابقاً، إقتصادياً واجتماعياً"، لافتاً في حديث لـ"النشرة" إلى أنه "رغم السياسات الإقتصادية المستحدثة من قبل الحكومة لتخطّي العقوبات الأميركية، إلا أن رفاهية العيش في تراجع واضح، وأسعار السلع الى ارتفاع، لأن السوق الايراني يحاول التماشي مع سعر صرف التومان مقابل الدولار للحصول على مزيد من الكسب وتحديدا من المشتري الأجنبي، انما هذا الأمر ينعكس فقرا وحاجة على الايراني الذي لا تزال رواتبه نفسها بينما تضاعفت كل الأسعار في السوق".

ويروي شاب عشريني تعلّم في مدارس ​أرمينيا​ "اننا في حيرة من أمرنا، هل نسكن خارج أرضنا حيث المفاهيم والتقاليد والأعراف تختلف ولن نكون في راحة، أم نتحمل تعب ومشقة الحياة الاقتصادية في وطننا كرمى لما تربينا عليه"؟.

أما ليلى صوفي، والتي تظهر علناً تمسّكها بنظام الحكم في ايران وتعلن تأييدها له، فترى أن كل ما يحصل هو ثمن الوقوف إلى جانب المظلومين، معتبرة في حديث لـ"النشرة" أن "هذه التضحيات ضرورية للوصول إلى عالم خالٍ من هيمنة بلد واحد على عالم بأجمعه". الا أنها لا تنفي صوفي الحالة الاقتصادية الصعبة في ايران، مضيفة: "تحملنا هذه الأوضاع لسنين، الخلاص بات قريباً لذا علينا التحمل".

ترى المصادر أن الصورة العامة في إيران توحي وكأن الشعب الى جانب الحكومة، ولكن في هذه الصورة مغالطات كثيرة لأنّ المعارضين للحكومة يكاد يصبحون أكثر من الموالين لها، الامر الذي دفع رئيس الجمهوريّة ​حسن روحاني​ لاتخاذ تدابير اقتصادية استثنائية لمواكبة التدهور الاقتصادي، الا أن ذلك لن يكون كافيا لوقف الانهيار، ولذلك يطالب الشعب بالمزيد، وبعضهم طالب بوقف دعم إيران لأطراف خارجية والالتفات الى الشعب، مع العلم أن لهذا الدعم قصة اخرى قد لا يعرفها الجميع.