لم يستسغ الإحتلال الإسرائيلي لقاء رئيس دولة فلسطين ​محمود عباس​ مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في الكرملين بالعاصمة الروسية، موسكو.

فهي الزيارة الأولى للرئيس الفلسطيني منذ خضوعه لعملية في الأذن الوسطى في رام الله منذ أكثر من شهرين.

وفيما يؤكد الرئيس عباس رفضه "صفقة العصر"، ويستمر بقطع العلاقات مع الولايات المتحدة الأميركية، كانت محطته الأولى في الكرملين، استباقاً للقاء الرئيس الروسي بنظيره الأميركي دونالد ترامب، اليوم (الإثنين) في قمة هلسنكي.

وتأتي زيارة الرئيس عباس، بعد أيام من لقاء الرئيس بوتين، برئيس حكومة الإحتلال بنيامين نتنياهو، لذلك فإنّ التشويش على الزيارة الفلسطينية، كان بشن الإحتلال، منذ ظهر السبت عدواناً على قطاع غزّة، هو الأعنف منذ العدوان الذي شنّه الإحتلال على القطاع في مثل هذه الأيام من العام 2014.

وخلال الاجتماع في الكرملين، أطلع الرئيس عباس نظيره الروسي، على تطوّرات الأوضاع في فلسطين والمنطقة، خاصة ما يحدث في الخان الأحمر - شرق القدس، ومحاولات الإحتلال تهجير واقتلاع السكان الأصليين.

وأوضح الرئيس عباس أنّ "هناك أزمة حقيقة في المنطقة تحدث في هذه الأثناء، هي أزمة الخان الأحمر، وهي منطقة حسّاسة جداً، شرق القدس، تسعى إسرائيل إلى تدميرها وتهجير السكان منها، لربط المستوطنات غير الشرعية مع بعضها البعض، وتعزل المناطق الفلسطينية عن بعضها البعض، وهذا الأمر مرفوض ومستهجن، ونحن نوليها كل الأهمية والدعم".

وأشار الرئيس الفلسطيني إلى أنّ "العلاقات الرسمية الفلسطينية مع الولايات المتحدة الأميركية متوقفة تماماً، بعد ما يُسمّى "صفقة العصر"، التي يعدّون لها بعد اعترافهم بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل سفارة بلادهم لها، وسعيهم أيضاً إلى إزاحة ملف اللاجئين عن الطاولة. أميركا قدّمت حلولاً ونرفضها رفضاً قاطعاً، وهذا الأمر أدّى إلى قطع العلاقات بيننا".

ونوّه الرئيس عباس بـ"العلاقات الفلسطينية - الروسية الحميمة، التي تجعلنا على تواصل دائم معكم لنسمع منكم آراءكم في القضايا العديدة التي تحدث معنا".

حضر الاجتماع من الجانب الفلسطيني: أمين سر اللجنة المركزية لحركة "فتح" ورئيس اللجنة الأولمبية اللواء جبريل الرجوب وسفير فلسطين لدى روسيا عبد الحفيظ نوفل، ومن الجانب الروسي وزير الخارجية سيرغي لافروف وعدد من المسؤولين.

كما استقبل الرئيس عباس في مقر إقامته بالعاصمة الروسية موسكو، السفراء العرب المعتمدين لدى روسيا الاتحادية، وأطلعهم على نتائج اجتماعه مع الرئيس الروسي، ووضعهم بصورة آخر التطوّرات المتعلّقة بالقضية الفلسطينية على الصعيدين الداخلي والخارجي، إضافة إلى المخاطر المحدقة بمدينة القدس، وما يجري حولها من استهداف لقرية عرب الجهالين، ومحاولات الإحتلال تهجير واقتلاع السكان الأصليين.

والتقى الرئيس عباس، مساء أمس، بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في العاصمة الروسية موسكو، حيث جرى بحث العلاقات الثنائية بين البلدين، ومجمل التطوّرات الخاصة بالقضية الفلسطينية.

هذا، فقد أدّى العدوان الإسرائيلي إلى استشهاد الفتيين أمير النمرة (15 عاماً) ولؤي كحيل (16 عاماً) وإصابة 15 مواطناً آخرين جرّاء استهداف منطقة الكتيبة في غزّة، فضلاً عن الغارات التي شنتها طائرات الإحتلال، وخلّفت دماراً هائلاً، لكن المقاومة ردّت بإطلاق صليات صاروخية وقذائف الهاون التي سقطت في المستعمرات الصهيونية.

وعلى الأثر، سُجّل تحرك مصري، أسفر عن التوافق على وقف إطلاق النار وفق تفاهمات القاهرة للعام 2014.

لكن وقف إطلاق النار هذا، انعكس خلافاً بين المسؤولين الإسرائيليين، بشأن استمرار العدوان على غزّة أو القبول بهدنة وقف إطلاق نار، استطاعت المقاومة فرض معاييرها، وذلك عبر الرد على الاعتداءات، بقصف صاروخي مع استمرار مسيرات العودة وإطلاق الطائرات الورقية المحترقة.

وبدا واضحاً هذا الإنقسام داخل المكوّنات الرئيسية في حكومة الإحتلال، حيث عقد المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر "الكابينت" اجتماعاً بعد ظهر أمس برئاسة نتيناهو، فوّض خلاله جيش الإحتلال، بالرد العسكري على كل طائرة ورقية أو بالون حارق يُطلَق من قطاع غزة تجاه الأراضي الزراعية في الكيان الإسرائيلي.

وكان رئيس البيت اليهودي وزير التربية نفتالي بينيت، الذي يُعتبر أقوى الوزراء في حكومة الإحتلال، قد رفض "القبول بهدنة وقف إطلاق نار لا تشمل وقف مسيرات العودة، ولا تشمل وقف إطلاق طائرات الأطفال الورقية"، مشيراً إلى أنّ "المعادلة التي رفضتها "حماس" على إسرائيل تُعتبر فشلاً ذريعاً للردع الإسرائيلي".

وبعد الاجتماع، قصفت قوّات الإحتلال مطلقي الطائرات الورقية، حيث أُصيب شاب من مطلقي الطائرات مساءً، شمال قطاع غزّة.

وتزامناً، أعلن جيش الإحتلال عن إجراء مناورات حربية، تستمر أسبوعاً اعتباراً من ظهر أمس ( الأحد)، استعداداً لمواجهة محتملة على جبهتَيْ قطاع غزّة وسوريا.

في غضون ذلك، واصلت مصر جهودها من أجل تنفيذ بنود المصالحة الفلسطينية، حيث التقى مسؤول ملف المصالحة عن حركة "فتح" عزام الأحمد أمس (الأحد)، رئيس المخابرات العامة المصرية الوزير عباس كامل.

وقطع الأحمد زيارته إلى بيروت لساعات عدّة، متوجّهاً إلى القاهرة لعقد هذا اللقاء، قبل العودة إلى بيروت.

وجرى خلال اللقاء، إطلاع الأحمد على نتائج لقاء وفد "حماس" بالقاهرة قبل أيام، وأنّ ثمّة طروحات جدية في ما يتعلق بملف المصالحة وإنهاء الانقسام تجري بلورتها، وسيتم العمل عليها ومواصلة الاتصالات في المرحلة المقبلة من أجل إتمامها.