في ظل تعثر عملية ​تشكيل الحكومة​، مع إستمرار العقد التي باتت معروفة على حالها، بدأت بعض الأوساط السياسيّة بالحديث عن خطوات من الممكن القيام بها، في حال إستمرار الواقع على ما هو عليه، لناحية "تسلح" رئيس الحكومة المكلف ​سعد الحريري​ بعدم وجود مهلة قانونية لإنجاز مهمّته، لكن كل هذه الخطوات تدور في فلك "الإجتهاد" القانوني لا أكثر، بينما من الناحية السياسية لدى الحريري "حصانة" لا تقل أهمية عن الدستورية.

في هذا السياق، تشير مصادر قانونية، عبر "النشرة"، إلى أن الصيغ التي يتم التداول بها لا يمكن التسليم بها من الناحية الدستوريّة من حيث المبدأ، باستثناء الحديث عن تقديم إقتراح قانون معجّل مكرر يقضي بتحديد مدّة التكليف، لكنها تلفت إلى أن هذا الأمر يحتاج إلى توافق سياسيّ غير متوفر في الحالة الراهنة، في ظل غياب حكومة كاملة الصلاحيات، نظراً إلى أن الإستناد إلى نظرية "تشريع الضرورة" يتطلّب التوافق على جدول الأعمال، ومن غير المتوقع أن يبادر رئيس الحكومة المكلف، بوصفه رئيساً لحكومة تصريف الأعمال أيضاً، إلى تقديم مثل هذا "التنازل" من خلال حضوره جلسة يُدعى لها لإقرار مثل هذه الإقتراح.

بالنسبة إلى الصيغ الأخرى، توضح المصادر نفسها أنها تدور حول فكرة أن المجلس النيابي هو صاحب صلاحية التكليف، وبالتالي يستطيع أن يضع حداً لها في حال توفر أكثرية نيابية تريد هذا الأمر، سواء كان ذلك من خلال "عريضة"، كما اقترح النائب ​جميل السيد​، أو عبر "توصية" تصدر عن المجلس النيابي، إلا أنها تشدد على أن كل هذه الصيغ تصطدم بالعديد من المعوقات، أبرزها موقف تيار "المستقبل" وباقي النواب السنة، حيث تؤكد أن هؤلاء يعتبرون أن الأمر من صلاحيات رئيس الحكومة التي لا يجب المس بها.

إنطلاقاً من ذلك، تلفت هذه المصادر إلى أن الموضوع يتوقف عند الإرادة السياسية في البلاد، وبالتالي الجواب على السؤال المركزي حول ما إذا كان هناك من يرغب في إخراج رئيس الحكومة المكلّف من السراي الحكومي، نظراً إلى أنه في هذه الحالة من الممكن الموافقة على أي صيغة حكوميّة يتقدم بها، على أن تسقط في المجلس النيابي من خلال حجب الثقة عنها، إلا أنها تشدد على أن هذا الأمر غير مطروح.

في الجانب المقابل، ترفض مصادر نيابية في كتلة "المستقبل"، عبر "النشرة"، الحديث عن سحب التكليف من الحريري، مشددة على أن هذا الأمر غير وارد من الناحيتين الدستورية والقانونية في ظل غياب أي نص يجيز ذلك، مشيرة إلى أن هذا الأمر من صلاحيات موقع ​رئاسة الحكومة​ التي لا يمكن المس بها، مؤكدة رفضها تحديد أي مهلة زمنية لأي رئيس مكلّف، خصوصاً أن المسؤولية، في معظم الأحيان، لا تقع على عاتقه بل على القوى السياسية التي تضع شروطاً تعجيزيّة.

بالتزامن، تلفت المصادر نفسها إلى أن رئيس الحكومة المكلّف لديه "حصانة" سياسيّة لا تقلّ أهميّة عن تلك الدستوريّة، فهو، بحسب ما أظهرت نتائج الإنتخابات النيابيّة، لا يزال "الزعيم" الأول على الساحة السنيّة، لا بل الوحيد الذي يملك كتلة سنيّة في المجلس النيابي، كما أنه من جهة ثانية يحظى بشبه إجماع من مختلف الكتل النيابيّة الأساسيّة، وبالتالي لا يمكن الحديث عن إمكانية "عزله"، وتضيف: "الحريري لا يزال يحظى بدعم "​التيار الوطني الحر​"، على عكس ما يتم الترويج له من قبل البعض، والأمر نفسه ينطبق على "​حزب الله​"، بالرغم من عدم تسميته من قبل كتلته في الإستشارات، بينما تضامن كل من رئيس المجلس النيابي ​نبيه بري​ ورئيس الحزب التقدمي الإشتراكي ​وليد جنبلاط​ ورئيس حزب القوات اللبنانية ​سمير جعجع​ معه معروف".

على صعيد متصل، تشدد هذه المصادر على أن أحداً لا يمكن أن يغامر بمثل هذه الخطوة في المرحلة الراهنة، لا سيّما أنّ التجربة أثبتت أن تداعياتها تكون سلبيّة على الأوضاع الداخليّة، وبالتالي المطلوب التعاون مع رئيس الحكومة لإنجاز مهمّته أولاً وأخيراً، خصوصاً أن العراقيل ليست عنده بل في مكان آخر.