من العيار الثقيل، جاءت إتهامات النائب اللواء ​جميل السيد​ لأحد معاوني رئيس مجلس النواب ​نبيه بري​، ومن العيار الثقيل أيضاً جاءت ردود ​حركة أمل​ على كلام السيّد الذي إتهم فيه مقربون من بري بقبض رشاوى مقابل تطويع ضباط وعسكريين. أمام هذا السجال الشيعي-الشيعي غير المسبوق أقله منذ حوالى عشرين عاماً، كثيرة هي الأسئلة التي تطرح نفسها عن موقف ​حزب الله​. أين هو الحزب من هذا السجال بين حليفين ينتميان الى الطائفة عينها؟. لماذا لم يتدخل بعد لتهدئة الأوضاع بينهما؟. هل سيتدخل لاحقاً أم لا؟. وكيف سيكون شكل تدخله في حال حصوله؟. هل سيقف الى جانب بري ضد السيد أم العكس؟. أم أنه سيحاول إطفاء ما يعتبره فتنة الخط الأحمر داخل الطائفة الشيعية؟.

في العلن لم يحرّك الحزب ساكناً حيال السجال العنيف بين النائب السيد ونواب حركة أمل، وفي العلن أيضاً يتكتم الحزب كثيراً حول ما سيتخذه من موقف على هذا الصعيد، وفي هذا السياق، تنقل مصادر مقربة من الحزب عن قياديين فيه، معلومات ترجّح أن تصدر كتلة الوفاء المقاومة موقفاً من سجال السيد–أمل، حتى ولو جاء ذلك عن طريق التلميح لا التوضيح وتسمية الأشياء بأسمائها. في المقابل، تستبعد مصادر أخرى أن يدخل الحزب في العلن على خط السجال بين الحركة والسيد، وتضيف، "لطالما إعتمد الحزب على العمل وراء الكواليس في الأمور الصغيرة، فكيف إذا كانت المشكلة بحجم نائب حليف وجه أصابع الإتهام لحليف أيضًا بالتمييز التوظيفي بين شيعة الجنوب وشيعة البقاع"؟.

تدخل الحزب علناً أم في السر، في المحصلة لا يمكنه أن يبقى متفرجاً، لماذا؟ تجيب المصادر المتابعة، " لأن جميل السيد نائب فاز على لائحة تحالف حزب الله–حركة أمل وهو يمثل منطقة بعلبك الهرمل التي يعتبرها الحزب خزّانه البشري، وبالتالي لن يسمح بأن تفرق الفتنة إبن الجنوب عن إبن البقاع، الأمر الذي يضعف الحزب الذي لن يرضى بسجال كهذا يضرب بيئته".

حتى ولو كانت معلومات السيد قريبة الى الدقة، وحتى لو كان الحزب مقتنعاً بجزء من كلامه أو بالكلام كاملاً، لن يقف الى جانبه ضد حركة أمل ورئيسها، يروي العارفون، وفي الوقت عينه، لن يتدخل لتكذيب النائب السيد في بداية مشواره النيابي، وهو، أي حزب الله، الذي عمل على تجيير أكبر عدد ممكن من الأصوات التفضيلية له في دائرة بعلبك الهرمل، بهدف إصابة أكثر من عصفور بحجر واحد، وعلى رأس هذه العصافير ​تيار المستقبل​ الذي كان وراء سجن الضباط الأربعة ومن ضمنهم اللواء السيد، بتهمة التورط بجريمة إغتيال الرئيس السابق للحكومة ​رفيق الحريري​.

إذاً، تدخل حزب الله بين السيد وأمل أمر محسوم، ومحسومة أيضاً سرّيته وتوقيته كما مكانه وزمانه، فهل ستنجح مساعيه بتهدئة الوضع، أم أنه سيحاول فقط كي لا يقال فيما بعد إنه ترك الأمور سائبة، الأمر الذي أدى الى تفاقم الأزمة أكثر فأكثر داخل البيت الواحد؟.