أكدت الحركة البيئيّة اللّبنانية ان "الجمعيّات البيئيّة لم تعارض عبثاً مشاريع وزارة الطاقة المائيّة، بل تبيّن في العام 2014 مخالفة الوزارة للقانون عبر البدء بتنفيذ مشاريع السدود في جنّة، وبلعا، وبقعاتة كنعان والمسيلحة دون إجراء دراسة تقييم الأثر البيئي مسبقاً وإخضاعها لرقابة ​وزارة البيئة​"، لافتة الى ان "​وزارة الطاقة والمياه​ ادّعت أن بناء السدود يساهم في تأمين الأمن الغذائي، متناسيةً أنّ السدود المزعومة تقضي على السهول الخصبة والأراضي الزراعيّة وتطرد المزارعين من أراضيهم، كما هو الحال في جنّة وبسري والمسيلحة وغيرها من المناطق. وفي حين تتهرّب الوزارة من أي حوارٍ علمي حول فضيحة السدود".

وعددت الحركة البيئيّة اللّبنانيّة مخالفات ال​سياسة​ المائيّة للوزارة وهي على الشكل التالي:

أوّلاً: مخالفات وزارة الطاقة والمياه للدراسات والاتفاقات الدوليّة:

- مخالفة توصيات اللّجنة العالميّة المعنيّة بالسدود (World Commission on Dams)التي أكّدت وجوب معالجة المشكلات الاجتماعية والبيئيّة للسدود الموجودة أصلاً قبل التفكير ببناء أي سدّ جديد. غير أنّ الوزارة تقوم بتدشين العديد من السدود قبل معالجة مشاكل القرعون وبريصا والقيسماني وما نتج عنها من هدرٍ للمال العام وتلوّثٍ وأمراض.

- مخالفة توصيات تقرير الأمم المتّحدة بشأن تنمية المياه (UN-Water)التي دعت إلى الاستعاضة عن السدود بالحلول البيئيّة كإعادة تغذية المياه الجوفية على سبيل المثال لا الحصر. وقد أكّد التقرير أنّه يمكن للحلول البيئيّة أن تلبّي الحاجة للمياه بكلفة أقلّ من كلفة السدود.

- مخالفة اتفاقيّة ​باريس​ للمناخ (UNFCCC)التي وقّع عليها ​لبنان​ عام 2016. فمشاريع السدود في لبنان تقضي على مساحات حرجيّة واسعة وتدمّر النظم البيئيّة للأنهر، إضافةً إلى كونها إحدى أخطر مصادر انبعاثات غاز الميتان المسبّب للاحتباس الحراري.

ثانياً: مخالفات وزارة الطاقة للتقارير العلميّة المحلّيّة:

- الاعتماد على دراسات قديمة جدّاً حول الميزان المائي في لبنان، إذ تستند الاستراتيجيّة الوطنيّة ل​قطاع المياه​ على أرقامٍ تعود للستينات والسبعينات من القرن الماضي، مدّعيةً أنّ لبنان يعاني من عجزٍ مائي خطير. إلّا أن الوزارة تتجاهل دراسة الـUNDP الصادرة عام 2014 بالتعاون مع الوزارة نفسها. فقد أكّدت الدراسة ​الجديدة​ أنّ ما يفوق الـ 53% من المتساقطات يغذّي المخازن الجوفيّة سنويّاً، ما يجعل من المياه الجوفيّة الثروة المائيّة الأولى للبنان. وبيّنت الدراسة أن غالبيّة المخازن الجوفيّة غير خاضعة للإجهاد والتملّح على عكس المعتقد السائد. هذه النتائج العلميّة الهامّة تؤكّد عدم حاجة لبنان إلى سدودٍ وبحيرات اصطناعية بل إلى إدارة حكيمة لمياهه السطحيّة والجوفيّة.

- مخالفة توصيات المجلس الوطني للبحوث العلميّة (CNRS) الصادرة عام 2015 والتي دعت إلى التراجع عن بناء السدود في ​جبل لبنان​ لعدم ملائمة طبيعة الأرض لهكذا نوعٍ من الإنشاءات. وقد حذّر المجلس من خطورة بناء السدود على فوالق زلزاليّة كما الحال في وادي نهر ابراهيم ومرج بسري.

-مخالفة دراسة تقييم البيئي الاستراتيجي الصادرة في العام ٢٠١٥ التي وافقت عليها وزارة البيئة والتي دعت إلى النظر في تقليص برنامج السدود واستثمار المصادر البديلة، إضافةً إلى تكثيف ​الحوار الوطني​ للمياه وغيرها من الإصلاحات. وهذا ما لم يحصل.

واليوم إذ يدفع المواطن ثمن فشل السياسة المائيّة من ماله وصحّته وبيئته، تطالب الحركة البيئيّة اللّبنانيّة بإيقاف مشاريع السدود فوراً، لا سيّما في جنّة وبلعا وبسري. وانسجاماً مع تقریر ​الأمم المتحدة​ حول تنمیة الموارد المائیة، في طبعته الصادرة عام 2018، تدعو الحركة البيئية إلى حماية وتعزيز مخزون المياه الجوفية كمصدرٍ اوّل للمياه، وتبنّي الحلول المرتكزة على الطبيعة، واعتماد الهندسة الإيكولوجية بدلاً من الإنشاءات الإسمنتيّة الضخمة. وتقترح الحركة لهذه الغاية نقل قطاع المياه من وزارة الطاقة إلى وزارة البيئة كما في العديد من دول العالم.

أخيراً، تجدّد الحركة البيئيّة اللّبنانيّة التزامها الدفاع عن طبيعة لبنان وأمنه المائي، مؤكّدةً استمرارها في نشر التوعية حول مخاطر السدود العشوائيّة على البيئة والإنسان معاً.