عندما فتح رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​ ومن بعده ​التيار الوطني الحر​ معركة إعادة ​النازحين السوريين​ الى بلادهم، وتحديداً الى المناطق الآمنة في سوريا، وما أكثر هذه المناطق اليوم بعد سبع سنوات على الحرب، لم يكن ذلك أبداً من لا شيء، ولا إنطلاقاً من حسابات طائفية أو مذهبية، حتى ولو أن تجارب النزوح الى لبنان غير مشجعة لناحية العودة، بل من سلسلة دراسات وأرقام كشفت بما لا يقبل الشك التداعيات المالية والإقتصادية للنزوح السوري على الخزينة اللبنانية، والتي لم يعد لبنان قادراً على تحملها.

دراسات عدّة وردت الى القصر الجمهوري، وأخرى وردت الى وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال ​جبران باسيل​ والى الوزارات التي يتولاها التيار، منها ما نشر ومنها ما أرسل الى الجهات الدولية المعنية بالملف. دراسات حضرت أرقامها في الجولات الأوروبية التي قام بها الوزير باسيل، وعن هذه الدراسات وأرقامها تكشف المعلومات أن واحدة منها جاءت على قاعدة شهد شاهد من أهله ومصدرها الأمم المتحدة، التي أجرى برنامجها الإنمائي في العام ٢٠١٧ دراسة كشفت أن العجز المباشر الناتج عن الخدمة الكهربائية للنازحين السوريين بلغ 323 مليون دولار وهو مرشح للارتفاع مع ارتفاع أسعار المحروقات.

في السياق عينه، وفي دراسة أخرى تبيّن أن تداعيات النزوح قلّصت الناتج المحلي بنسبة 5 في المئة وزادت الكلفة على الاقتصاد 18 مليار دولار، كما أنها رفعت معدل البطالة الى 35 في المئة وزادت نسبة الجريمة بنسبة 60 في المئة.

الدراسات عن الخسائر التي خلفها النزوح السوري، لم تقف عند هذا الحدّ، بل وصلت إحداها الى تحديد الخسائر الاقتصادية المباشرة وغير المباشرة على لبنان بـ46 مليار دولار. فعلى سبيل المثال لا الحصر، يتبين في الدراسة أن النفقات المباشرة التي تكبّدتها الحكومة اللبنانيّة تصل الى عشرين مليار دولار في حين أن المجتمع الدولي ساعد لبنان بمبلغ وصل الى 9.7 مليار دولار فقط، وبالتالي فان الكلفة المباشرة لوجود النازحين السوريين في لبنان بلغت عشرة مليارات دولار. وعن القطاعات التي أصابتها الخسائر تتحدث الدراسة عن قطاعات المصارف والسياحة والصحة والعقارات والتربية والكهرباء والنفايات والصرف الصحي والمياه .

ليس فقط في الخسائر المباشرة، تقدّر تداعيات النزوح، فهناك عوامل أخرى يجب أخذها بعين الإعتبار لتقدير حجم الخسائر، يقول المطلعون على الدراسات مشددين على أن هناك خسائر غير مباشرة للنزوح السوري وتظهر بما لا يقبل الشك، بالبطالة التي وصلت في بعض المناطق الى 55 في المئة، وفي التجارة والعجز التجاري الاضافي، وخروج رؤوس الاموال وارتفاع الدين العام ومعدلات الجريمة وهجرة وخسارة الرأسمال البشري.

في المحصلة يتبين أن خسائر النزوح الاقتصادية المباشرة وغير المباشرة بين عامي 2011 و2017 على لبنان قد بلغت (10 مليار دولار+36 مليار دولار) 46 مليار دولار أي ما يقارب الـ7.7 مليار دولار سنويا!.

من هذه الأرقام جاءت صرخة رئيس الجمهورية، ومن هذه الخسائر، جاء تحرك التيار الوطني الحر في كل الإتجاهات داخلياً وخارجياً، ومن هذا التحرك الذي وضعه التيار عنواناً للمرحلة المقبلة يمكن أن يفسر تمسك التيار ب​وزارة الخارجية والمغتربين​.