يتفوق ال​لبنان​ي في مجالات كثيرة في مختلف دول العالم، والطبّ هو إحدى هذه المجالات التي شهدت تفوقا عظيما ساهم بتغيير حال البشر. الدكتور طوني تنوري هو أحد هؤلاء اللبنانيين الذين رفعوا إسم لبنان، والأهم انه من أولئك الذين لم ينسوا وطنهم الام ويحاولون نقل النجاح من الخارج إليه.

تخرج تنوري من كلية الطب في ​الجامعة اللبنانية​ في العام 1994، وأكمل دراساته العليا في ​الولايات المتحدة الأميركية​، ليختار التخصص في جراحة العمود الفقري والعظام والمفاصل في جامعة جورج تاون في واشنطن. أبدع تنوري في اختصاصه فأصبح رئيس قسم العمود الفقري في مركز بوسطن الطبي لجراحة العظام في ولاية بوسطن الأميركية.

وقّعت شركة الأجهزة الطبيّة المتخصصة جونسون آند جونسون وهي من أكبر الشركات العالمية عقدا مع تنوري عندما كان في سنته الجامعية الأخيرة، وهي قد وجدت في أفكار الطبيب اللبناني مشاريعَ مستقبلية، وبالفعل أبهر تنوري العالم بعد توصله الى طرق حديثة لعلاج آلام ومشاكل العمود الفقري عبر جراحات حديثة ومتقدمة جداً، لا تتسبب بأية آثار او مضاعفات جانبية، كتلك التي تنتج من جراحات الظهر والعمود الفقري التقليدية، وتجعل الشفاء أسرع وتُبعد خطر الالتهابات.

يملك تنوري اليوم 12 اختراعاً طبياً وتقنية حديثة للعلاج، وقد ساهم في تطوير عمليات جراحة الظهر والعمود الفقري من خلال ثقوب وجروح صغيرة جداً، وسجل اختراعاته في كبرى مستشفيات الجراحة الأميركية والأوروبية. كما لديه أكثر من 50 دراسة منشورة في مجلات طبية متخصصة في معالجة العمود الفقري، ومشارك في كتب عدة تُدَرَّس للأطباء في الجامعات الأميركية.

The International Musculoskeletal Society هو إسم الجمعية التي ساهم تنوري بتأسيسها عام 2008 من أجل تدريب الأطباء حول العالم ولاسيما اللبنانيين منهم والعرب. ويرى أنه تمكن بفضل عمل هذه الجمعية من نقل نجاحه وتجاربه الى لبنان عبر تدريب الأطباء على أحدث التقنيات وآخر التطورات في مجالات الجهاز الحركي.

أمور بسيطة تعيق الطبيب في لبنان من التقدم والتطور، أبرزها بحسب تنوري غياب ​البنى التحتية​ اللازمة والنظام الطبي الكامل. ويقول: "دائما أقدم شركة جونسون اند جونسون كمثال على ما نقول، اذ ان الطبيب لكي يصل بأبحاثه حتى النهاية يجب ان تتوافر له الامكانيات والتشريعات اللازمة الى جانب السوق الكبير لتسويق أفكاره وابتكاراته، وهذا ما يميز الاطباء في الدول الكبرى عنهم في لبنان"، مشيرا الى أن الطبيب اللبناني الذي يبدع خارجا لا يعني انه لا يمكن له الابداع في لبنان انما بعد تأمين المستلزمات لذلك. ويلفت النظر مثلا الى أن من أبسط الأمور غير المتوفرة في لبنان هي حماية ​الملكية الفكرية​.

ويشير تنوري الى أن الطب في تطور مستمر ولذلك فإنه خلال 10 سنوات من الآن لن يبقى للعمليّات القديمة مكان، وستتحول بأكملها للتقنيات الحديثة القائمة، ولذلك يجب أن نعمل لأن يكون لبنان من الرواد في هذا المجال وأن يعود ليكتسب دوره الطبي في ​الشرق الأوسط​.

يعلم تنوري أن تكاليف الجراحة الحديثة أكبر من القديمة، مؤكدا في الوقت نفسه أن حساب تكاليف العملية القديمة والأدوية المرافقة لها وأيام التعطيل عن العمل بعدها تجعلها بمكان متقارب مع كلفة العملية الحديثة.

لم ينسَ تنوري لبنان، ويحاول جاهدا إفادة هذا البلد من إمكاناته، لذلك غالبا ما يتواجد في بيروت لإجراء عمليات جراحية وللمشاركة بمؤتمرات طبية تتيح للأطباء مواكبة التطور.