تأخذ "​القوات اللبنانية​" على محمل الجد الموقف الأخير الذي أطلقه رئيس الحكومة المكلف ​سعد الحريري​ من اسبانيا لجهة تأكيده أن ​تشكيل الحكومة​ بات قريبا. فحصر الملف بشد حبال داخلي وبعقدتين أساسيتين هما "المسيحية والدرزية"، وعدم تشعبه ليتحول اشتباكا سياسيا بخلفيّة شبيهة بخلفية 8 و ​14 آذار​، كما عدم وجود عقد خارجية، كلها عناصر تجعل عملية التأليف ممكنة في وقت قريب، كما تؤكد مصادر قياديّة قواتيّة. لكن كما يبدو، فان الجوّ القواتي يختلف تماما عن الجو العوني وجوّ ​حزب الله​ وهما من خرجا حديثا ليتحدثا عن "أنامل خارجية" تعبث بالملفّ الحكومي وعن ربطه بملفات المنطقة وبخاصة الملفين السوري والعراقي.

وتعتبر المصادر القواتية أن امكانية تدوير الزوايا قائمة وبالتالي ولادة الحكومة تتم مباشرة عند قرار اي من الفرقاء تقديم التنازلات المطلوبة، وهو أمر قد يحصل بين ليلة وضحاها أو قد لا يحصل أبدا في المدى المنظور. من هنا تشير المصادر الى ان كل القوى السياسية باتت تشعر أن "الطبخة استوت" وأن التشكيل سيتم قريبا والا فان الأمور ستكون مفتوحة على أزمة طويلة. وتضيف:"صحيح أن لا مُعطى داخلي جديد يوضح كيفية الخروج من الدوامة التي ندور فيها منذ أسابيع، الا اننا على قناعة بأن حوارا جديا يقوده رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري ورئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​، اللذان نثق بهما تماما، من شأنه أن يُخرج الملف من عنق الزجاجة".

ويبدو حزب "القوات" مرنًا بعكس ما كان عليه قبل نحو أسبوع ونصف حين تم الاعلان عن سقوط الاتفاق السياسي مع "​التيار الوطني الحر​" وهو ما أكده رئيس التيار وزير الخارجيّة في حكومة تصريف الأعمال ​جبران باسيل​ مجددا قبل أيام. فبالرغم من من مقاربة المصادر مطالبتها بالحصول على 5 وزراء قوّات في الحكومة الجديدة تبعا لما تقول انها معايير تحدث عنها باسيل نفسه حين قال ان "القوات" تمثل 31% من المسيحيين ما يجعل، بحسب المصادر، حصتها الوزارية من 5 مقاعد مقابل حصة للتيار ورئيس الجمهورية من 8 وزراء، الا انها في الوقت عينه لا تبدو متشددة ومنطقية في التعامل مع الملفّ، فتراها مقرّة ضمنيا بأنها لن تحصل على أكثر من 4 وزارات بأفضل الأحوال.

وليس حزب "القوات" وحده المعترض على حصول "الوطني الحر" ورئيس الجمهورية على حصة من 11 وزيرا، أي بمعنى آخر على الثلث المعطل، فتيار "المستقبل" أعلن اعتراضه على ذلك ولو لم يكن الأمر بشكل مباشر وصريح. أما اعتراض "الثنائي الشيعي" فلا يزال ضمنيا، فهو يعتبر ان لا لزوم لاعلان موقفه والدخول بمواجهة غير مطلوبة مع عون وباسيل طالما هناك من لن يسمح بتمريره ووصله اليهما. ولا تنحصر المسألة هنا بحركة "أمل" ورئيسها ​نبيه بري​، بل تطال أيضا حزب الله الّذي يستغرب المطالبة بالحصول على حصّة كانت من نصيب كل ​قوى 8 آذار​ مجتمعة في الحكومة الحالية التي تحولت لتصريف الأعمال مؤخرا.

بالمحصلة، لعل ما يمكن استخلاصه من المعطيات المتوافرة ان البحث بعد نحو شهرين من تكليف الحريري لا يزال يقتصر على توزيع الحصص، علما ان ما هو مقبل من استحقاقات سواء لجهة توزيع الحقائب ومن بعدها الأسماء وبالنهاية البيان الوزاري، قد يجعلنا نترحم على ما نعايشه اليوم!.