أشارت مصادر مطلعة على خلفية التحرّك الروسي لإعادة أعداد كبيرة من ​النازحين السوريين​ في ​لبنان​ و​الأردن​ إلى بلدهم، في حديث إلى صحيفة "الحياة"، إلى أنّ "الرئيس الروسي ​فلاديمير بوتين​ تحّرك في هذا الصدد بناء لاتفاقه مع نظيره الأميركي ​دونالد ترامب​ على معالجة الأزمة الإنسانية في ​سوريا​، وإعادة النازحين إليها باعتبارها خطوة لازمة من أجل التقدّم في الحلّ السياسي".

وأوضحت أنّ "بوتين بادر قبل أيام إلى الإتصال بكلّ من الرئيس الفرنسي ​إيمانويل ماكرون​ والمستشارة الألمانية ​أنجيلا ميركل​ استنادًا إلى هذا الإتفاق بينه وبين ترامب، وأنّه أبلغ الجانبين الفرنسي والألماني ضرورة تحرّك الدول الأوروبية للمساعدة على إعادة النازحين السوريين"، ذاكرةً أنّ "بوتين أبلغ كلا من ماكرون وميركل أنّ ليس من مصلحة دول ​أوروبا​ إبقاء أزمة النازحين قائمة، وسألهما: "هل تضمنون إذا بقي هؤلاء النازحين خارج سوريا ألّا تحصل موجة انتقال جديدة منهم إلى دولكم مجدّدًا مع ما يسبّبه ذلك من أعباء جديدة؟".

ولفتت المصادر إلى أنّ "الجانب الروسي دعا أيضًا الدول الأوروبية إلى المساهمة في تثبيت السوريين في أرضهم من طريق تقديم المساعدات إليهم. وبناء عليه استجاب ماكرون لاتصال بوتين وقرّر إرسال المساعدات التّي يُفترض أن تصل اليوم إلى ​الغوطة الشرقية​، بعد تنسيق لوجستي بين السلطات الفرنسية والسلطات الروسية في هذا الصدد"، منوّهًة إلى أنّ "​فرنسا​ سترسل المزيد من المساعدات لاحقاً".

وركّزت على أنّ "الجانبين الأميركي والأوروبي طرحا أسئلة على الجانب الروسي في شأن مدى ضمانه ألّا يتعرّض ​النظام السوري​ للنازحين الّذين يرغبون في العودة، وعدم اتخاذه إجراءات انتقامية ضدّهم ومضايقتهم أمنيًّا، والعمل على استعادتهم أملاكهم حيث هي مصادرة، وتسهيل حصولهم على الأوراق الثبوتية في حال فقدانها..."، مؤكّدةً أنّ "موسكو أبدت استعدادها للمساهمة في تقديم هذه الضمانات وبأن تواكب الشرطة الروسية عودة النازحين"، مشيرةً إلى أنّ "بناء لذلك عقد اجتماع مطوّل في ​وزارة الدفاع الروسية​ الجمعة الماضي استمرّ ساعات شاركت فيه ​وزارة الخارجية الروسية​ وانتهى إلى وضع خطة لإعادة النازحين، وتولّت الخارجية نقل المقترحات الّتي اتّفق عليها في هذا الإجتماع إلى الجانب الأميركي".

وكشفت المصادر أنّ "وزارة الدفاع الروسية طرحت مقترحاتها استنادًا إلى دراسة أجرتها تشمل المناطق الّتي يمكن عودة النازحين إليها والتدابير الّتي يفترض أن ترافق هذه العودة"، مبيّنةً أنّ "المقترحات الروسية تشمل تشكيل لجنة مع لبنان شبيهة بتلك الّتي تشكّلت مع الأردن لمعالجة تداعيات العملية العسكرية السورية الروسية المشتركة في المنطقة الجنوبية السورية ومحافظة درعا، وهي تضمّ ​روسيا​ و​الولايات المتحدة الأميركية​ و​الأمم المتحدة​ إضافة إلى الأردن وسوريا".

ورجّحت أنّ "اللجنة المتعلّقة بلبنان ستضمّ الفرقاء أنفسهم وستكون على الصعيد الأمني، ما يعني بقاء التنسيق مع الجانب السوري على المستوى الأمني وبإشراف الأمم المتحدة، مثلما كان قد طالب رئيس حكومة تصريف الأعمال ​سعد الحريري​ سابقًا، إزاء المطالبات بالتنسيق مع ​الحكومة السورية​، إذ شدّد في حينها على أن تشرف الأمم المتحدة والدول الكبرى على عودة النازحين وبضمانة منها لأنّ ترك الأمر للنظام السوري غير مأمون النتائج في ظلّ غياب حل سياسي للحرب السورية، وفي ظلّ الخلاف الداخلي على التطبيع مع الحكومة السورية".

وأوضحت المصادر أنّ "تشكيل اللجنة المتعلقة بنازحي لبنان يتوقّف على وجود حكومة لبنانية جديدة لتّتخذ القرار في شأن اشتراكه فيها. وهذا بات من دواعي استعجال تأليف الحكومة العتيدة الّتي تواجهها العراقيل في شأن الحصص والأحجام".