لفت رئيس المجلس الأعلى للحزب السوري القومي الاجتماعي النائب ​أسعد حردان​ خلال اعلان الحزب عن "خطة عمل للمساهمة في عودة ​النازحين السوريين​ إلى بيوتهم وقراهم" إلى "خطة العمل من أجل المساهمة في عودة النازحين الي بيوتهم، وقد اشتملت في عناوينها على قراءة شاملة توضح الأسباب الكامنة من وراء تحويل حالة النزوح الى مشكلة، وقد حمّل قوى ومنظمات دولية ودول اقليمية وعربية وقوى محلية المسؤولية عن هذه المشكلة"، مشيراً إلى أن "مخيمات النزوح اقيمت في عدد من الدول مع بداية الحرب الارهابية على ​سوريا​".

وأشار حردان إلى أن "​النزوح السوري​ الذي نتج عن الحرب الكونية التي تعرضت لها سوريا خلق تداعيات كبيرة على المستويات الإنسانية والخدماتية والاقتصادية، وجزءاً كبيراً من هذا النزوح نتج عن الدور السلبي الذي قامت وتقوم به القوى المشاركة في العدوان على سوريا، وقد شهدنا منذ بداية الأحداث في منتصف آذار 2011 وبعد أقل من شهرين وتحديداً في مطلع أيار بأن مخيمات النزوح قد أُقيمت على نحو نهائي من قِبل ​تركيا​ رغم أن سورياً واحداً لم يكن قد خرج من بيته في ذلك الوقت، الأمر الذي يؤكد بأن إقامة مخيمات النزوح هو عمل مدرج في إطار السيناريو العام المعد لسوريا لاسيما وأنه تبين تباعاً أن موضوع النازحين شكّل ويشكل إحدى أدوات الصراع تحت شعارات إنسانية كاذبة حيث عمدت وتعمد مختلف القوى المعادية إلى إستثمارها بأقصى مردود سياسي ممكن".

أضاف: "في مقدمة الخطة إلى أن قضية النزوح بدأت تظهر في تركيا ثم ​الأردن​ و​لبنان​، ولم يتم التعامل معها كحالة إنسانية بل دخل في صلب الاستثمار السياسي اللبناني الذي مارسته وتمارسه قوى وأحزاب معروفة بعلاقاتها الإقليمية والدولية مما جعل هذه القوى اللبنانية مشاركة على نحو مباشر في إداء أدوارٍ معدة سلفاً أو يُصار إلى إعدادها حسب المتطلبات وتطورات الأحداث على المسرح السوري. وقد دخلت مسألة النزوح في حالة من التعقيد ولا تزال وهي الحالة التي لن ينتج عنها في النهاية إلا الأسباب والعوامل التي تؤدي إلى حالة الإنفجار".

وعرض لتداعيات النزوح السوري على الواقع اللبناني، مشيراً إلى أن "لبنان في الأساس يعاني من مشكلات كبيرة في ما يتعلق بالبنية التحتية والقدرة الاستيعابية والخدماتية لناحية تأمين ​المياه​ و​الكهرباء​ والطبابة وإلى أخره، إضافة إلى ما يعانيه من بطالة ومديونية كبيرة وإنكماش إقتصادي وبالتالي فإن أزمة النزوح تطال اللبنانيين والسوريين على حدٍ سواء".

أضاف: "إن النازحين يعانون من أزمات حياتيه كثيرة لاسيما سوء التغذية و​الأمراض​ المختلفة، أمراض نفسية، عنف أسري، إستغلال جنسي للنساء والفتيات بسبب ​الفقر​ والعوز. إضافة إلى ما يعانيه الأولاد من مشاكل ونقص في التعليم مما يشكل خطراً على جيلٍ كامل"، مشيراً إلى أن "أعداد النازحين تتفاوت بين جهة وأخرى، فالبعض يشير الى نحو مليون نازح، والبعض الآخر الى مليون ونصف المليون وهذه كتلة سكانية كبيرة تترك أثار اجتماعية واقتصادية وسياسية على لبنان وسوريا في وقت واحد وضغطاً ثقيلاً ومتوصلاً على الدولتين اللبنانية والسورية نظراً لاستثمار قضية النزوح على نحو مباشر من قِبل قوى دولية وإقليمية أبرزها ​الولايات المتحدة​، ​بريطانيا​، ​فرنسا​، تركيا، ​السعودية​. وقد عبر مؤتمر ​بروكسل​ في نيسان 2018 عن رؤية هذه القوى وسياساتها واستراتيجياتها إلى هذه الحال، حيث أفصح عن ممانعة هذه القوى لعودة النازحين إلى بيوتهم إلا بشروط سياسية تبدو إلى الآن تعجيزية للبنان وسوريا".

ورأى حردان أنّ "حالة النزوح السوري خضعت ل​سياسة النأي بالنفس​ التي ابتكرتها ​الحكومة اللبنانية​ آنذاك ومارستها بطريقة خاصة وغامضة أحياناً الأمر الذي جعلها تشكل غطاءً سياسياً لقوى معروفة عمدت إلى استثمار حالة النزوح في إطار موقفها المساند لقوى الارهاب التي تحارب الدولة والمجتمع في سوريا كما حاربت الدولة والجيش في لبنان، وقد شكلت مخيمات النازحين خزاناً بشرياً وبيئة مثالية للاستثمارات السياسية لهذه القوى، فيما يلاحظ من جانب آخر نشوء ردات فعلٍ عنصرية صبغت أحزاب لا ترى في هذه الحالة إلا تحدٍ وجودي وحياتيٍ وعمليٍ وثقافيٍ لها. وفي الحالتين خرج النزوح السوري في لبنان من كونه مسألة إنسانية إلى كونه مسألة سياسية في الوقت الذي استمر فيه الموقف الرسمي إلى وقت قريب على حياده الغامض وتمنع من الاتصال ب​الدولة السورية​ وحكومتها من أجل إيجاد سُبل حلٍ لهذه المسألة إلا بشكل خجول".

وقال: "ما هو مستجد الآن في إطار الموقف الرسمي للدولة اللبنانية يندرج في ما عبر عنه فخامة رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​ عن رفضه لمقررات مؤتمر بروكسل وإعلان نيته بصراحة التعاطي مع هذه الحالة بمنطق دولة وبما تفرضه مصالح الدولة والمجتمع في إطار المعايير الدولية وبعيداً عن الاستثمارات السياسية لهذه الجهة أو تلك".