اتسعت دائرة التباين بين المسؤولين ال​إسرائيل​يين بشأن "قانون القومية" العنصري، الذي أقرّه "الكنيست" الإسرائيلي، باعتبار أنّ أراضي فلسطين المحتلة هي "الدولة القومية للشعب اليهودي"، وحق التقرير فيها حصري للشعب اليهودي فقط، واعتبار المواطنين الفلسطينيين، المسلمين والمسيحيين من الدرجة الثانية، واستبعاد لغتهم العربية كلغة أساسية.

وعبّر عدد كبير من المسؤولين الإسرائيليين عن مخاطر هذا القانون العنصري، الذي أثار جدلاً واسعاً، حتى بين وزراء حكومة الإحتلال اليمينيّة المتطرّفة وأعضاء في "الكنيست"، وانطلقت تحرّكات لتشمل المجتمع الفلسطيني بأسره، حتى مَنْ كان يلتزم الخدمة الإجبارية أو تطوّع في جيش الإحتلال الإسرائيلي.

وأمام هذا الاستياء من القانون العنصري، اضطر عدد من النوّاب الدروز إلى تقديم طعن أمام "المحكمة العليا" الإسرائيلية، تلاه تقديم "رابطة المحامين الدروز" التماساً بالطعن بالقانون بإسم 130 شخصية درزية، بينهم أعضاء دروز في "الكنيست" وضبّاط كبار في جيش الإحتلال، حيث أقدم عدد منهم على خلع البزة العسكرية.

وفي محاولة للإلتفاف على القانون العنصري، وتبرير نكث المسؤولين الإسرائيليين بالتزاماتهم أمام الدروز، التقى رئيس حكومة الإحتلال بنيامين نتنياهو أمس (الخميس) نوّاباً دروزاً، بحضور وزير المالية موشيه كحلون، وزير الدفاع ​أفيغدور ليبرمان​، وزير ​السياحة​ ياريف ليفني ووزير الاتصالات ​أيوب قرا​ (وهو درزي وصوّت لصالح القانون، وينتمي إلى حزب "الليكود" اليميني الذي يترأسه نتنياهو).

وأوضح قرا أنّه "تعرض لتهديدات بالقتل عقب التصويت على القانون".

وسيلتقي نتنياهو اليوم (الجمعة) زعماء دروزاً، بهدف وضع خطة يعبّر من خلالها الكيان الإسرائيلي عن التزامه تجاههم.

ولعل أبرز تعبير عن الخلاف بين المسؤولين الإسرائيليين كان على لسان كحلون، الذي يترأس حزب "كولانا" (ثاني أكبر الأحزاب في ائتلاف نتنياهو)، بقوله: "آخر شيء نريده هو إلحاق الأذى ب​الطائفة الدرزية​".

فيما أعلن زعيم حزب "البيت اليهودي"، القومي المتديّن، وزير التعليم نفتليت بينيت عبر حسابه على "تويتر" بأنّ "الشكل الذي سُنَّ فيه قانون القومية كان مدمّراً للدروز، وشكّل مساساً بمَنْ ربطوا مصيرهم بمصير الدولة اليهودية بالذات، بالطبع هذا لم يكن في نيّة الحكومة الإسرائيلية، المسؤولة عن إيجاد طريق لرأب الصدع مع المواطنين الدروز".

من جهته، اعتبر أمين سر اللجنة التنفيذية لـ"منظّمة التحرير الفلسطينية" الدكتور ​صائب عريقات​ أنّ "القانون العنصري شرعن الاستيطان وقوننه بكل أشكاله، وهذا يجعل من قيام دولة فلسطين أمراً مستحيلاً، فهذا القانون هو تدمير للمشروع الوطني الفلسطيني، ونقطة ارتكاز لـ"صفقة القرن"، لأنّ الرئيس ترامب عندما اعتبر ​القدس​ عاصمة لإسرائيل، قال إنّها عاصمة الشعب اليهودي، وهم ينقلون الصراع من سياسي إلى ديني بامتياز".

وجاء كلام عريقات خلال لقاءين عقدهما، مع القناصل والممثّلين والسفراء المعتمدين لدى فلسطين، القادمين من القارّات الخمس، ومع ممثّلي المؤسّسات الصحفية الأجنبية في فلسطين، عُقِدَا في قرية الخان الأحمر - شرقي القدس، المهدّدة بالهدم من الإحتلال، بحضور ممثّلين عن 25 دولة وممثّلين عن ​الأمم المتحدة​ و​الصليب الأحمر الدولي​.

وقال عريقات: "قبل أيام أقرّت الحكومة الإسرائيلية قانون القومية العنصري، وهذا القانون لن تكون حياتنا بعد إصداره، كما كانت عليه قبل إصداره، وهو ليس قانوناً جديداً، فإسرائيل كانت تمارس العنصرية بشكل متناثر، وحالياً يعتقد نتنياهو بأنّ الوقت مناسب لسن هذا القانون العنصري".

وأمس، استشهد الفتى الفلسطيني أحمد طارق دار يوسف أبو عيوش (من قرية كوبر شمال - رام الله)، وجُرِحَ 3 مستوطنين من مستوطنة آدم - جنوب شرق مدينة رام الله، أعلن الإحتلال لاحقاً عن مصرع أحدهم متأثراً بجراحه.

وزعم إعلام العدو أنّ الشهيد دخل المستوطنة، ونفّذ عملية الطعن داخل منزل مستخدماً بلطة، قبل أنْ يُطلق الإحتلال النار عليه، ما أدّى إلى استشهاده، حيث تبيّن أنّ جميع الإصابات كانت بالجزء العلوي من جسده.

ودفعت قوّات الإحتلال بجنودها إلى مكان العملية، ونفّذت عمليات بحث وتمشيط خشية وجود منفّذ آخر.

هذا، ويتوجّس الإحتلال خشية من مسيرة العودة اليوم (الجمعة)، التي أطلقت عليها الفصائل والقوى الفلسطينية "جمعة أطفالنا الشهداء"، حيث يزحف عشرات آلاف الفلسطينيين باتجاه الحدود الجنوبية لقطاع غزّة منذ انطلاق مسيرات العودة الكبرى (30 آذار الماضي)، والتي استشهد فيها منذ انطلاقتها حتى اليوم 152 شهيداً، وأُصيب 16750 بجراح مختلفة واختناق بالغاز.

ودفعت قوّات الإحتلال بتعزيزات إضافية، إلى محيط القطاع استعداداً للمسيرات، وتحسّباً لوقوع مواجهات بين وحدات الإحتلال والمتظاهرين.

وأوقف جيش الإحتلال جميع أعمال السياج الحدودي، خشية من قنّاصة غزّة، بعد مقتل ضابطين إسرائيليين قنصاً على حدود القطاع.

وزعمت وسائل إعلام العدو أنّ ​إطلاق نار​ وانفجار وقعا مساء أمس، بالقرب من السياج الحدودي مع قطاع غزّة، في وقت ذُكِرَ أنّ ​المقاومة​ قصفت مستوطنات غلاف غزّة.

وقد أعلن وزير الأمن الداخلي جلعاد اردان أنّ "إسرائيل تسير بخطى متسارعة لجهة شن عملية واسعة النطاق في قطاع غزّة في أعقاب التصعيد على الجبهة الجنوبية".

وقال: "نحن نقترب بخطوات كبيرة لمواجهة جديدة مع "حماس".. من الواضح أنّه بعد 4 سنوات من الهدوء، يعود السكان إلى واقع لا يُطاق، وهناك إنذارات في الليل، وأطفال في الملاجئ، وإذا كانت "حماس" لا تفهم رسائلنا، فسيتم فرض عملية واسعة مثل الحروب السابقة، إنْ لم يكن أكثر".

إلى ذلك، وصل أمس، إلى قطاع غزّة، مبعوث السلام إلى الشرق الاوسط نيكولاي ميلادنوف، عبر معبر بيت حانون "ايرز"، حيث التقى رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" اسماعيل هنية وعدداً من قيادات الحركة، دون أنْ يصدر أي تصريح حول الزيارة.

وكان ميلادينوف قد وصل إلى غزّة مطلع الأسبوع، والتقى أيضاً قيادة "حماس" في إطار محاولاته لنزع فتيل التوتّر من حدود غزّة.

في غضون ذلك، سجّلت فلسطين انتصاراً دبلوماسياً على ​الولايات المتحدة الأميركية​ والكيان الإسرائيلي، بتبنّي ​المجلس الاقتصادي والاجتماعي​ للأمم المتحدة في نيويورك، قراراً بشأن التبعات الاقتصادية والاجتماعية للإحتلال الاسرائيلي للأرض الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك ​القدس الشرقية​.

وقامت "إسرائيل"، السلطة القائمة بالإحتلال، وذلك حسب بيان البعثة المراقبة الدائمة لدولة فلسطين لدى الأمم، أصدرته أمس (الخميس)، باقتراح تعديل على القرار يهدف إلى تقويض الدعم العارم الذي يحوزه القرار الفلسطيني سنوياً.

وعلى الرغم من الجهود المضنية التي بذلتها الولايات المتحدة لحشد الدعم للمقترح الإسرائيلي، إلا أنّ هذا المقترح فشل فشلاً كبيراً، بحصوله على 5 أصوات من أصل 54 صوتاً، في حين حصل القرار الفلسطيني على الغالبية الساحقة 45 صوتاً مقابل صوتين ضد القرار، وهما الولايات المتحدة وكندا.

وجرى تقديم القرار من قِبل مجموعة 77 والصين، ويتم تبنّيه سنوياً، ليتناول الآثار المدمّرة للإحتلال الإسرائيلي على الاقتصاد والنسيج الاجتماعي الفلسطيني، وليدين السياسات الإحتلالية التعسّفية التي ينتهجها الكيان الإسرائيلي بهدف تدمير الاقتصاد الفلسطيني.