رحلت الزَّميلة في "الوكالة الوطنيَّة للاعلام"، أمينة السِّرِّ في إدارة الوكالة، زينة طنُّوس فرح، صباح أمس السَّبت، بعد صراعٍ طويلٍ مع المرض، وأَلمٍ عظيمٍ في الوجدان، تاركةً سيرةً ناصعةً من التَفانِي في العمل، وفراغًا هائلاً ليس مَن يملأه!.

رحلت تاركةً ابتسامةً كانَت تستقبل بها كلَّ قاصد حقٍّ من الزّملاء في "الوكالة"، وطيبةً جُبِلَت في معدَنِها الأَصيل، ومحبَّةً تتَّسعُ للجميع!

رحلَت مُسامحَةً "تفتيشًا مركزيًّا"، زار "الوكالة" الشَّهر الفائت، مُسائِلاً مَن تأخَّر عشرَ دقائِقَ عن دوامه، وَمَن كان خارج الوزارة بداعي تغطيةٍ إعلاميَّة فلَمْ يوقِّع على حُضُوره، وَمَن لم تكن في "الوكالة" صباحًا على رغم أنَّ دوام العمل عندها يبدأ الخامسة بعد الظُّهر حتَّى العاشرة ليلاً، وَمَن كانَت على فراش الموتِ تُحتَضَر، وقَد تناسى "التّفتيش" طبعًا المحسوبيَّات... فانتفضَت زينة عليْه شاهرةً "ورقة النَّعوة"، في وجه مساءلةٍ إداريَّةٍ لا إنسانيَّةٍ في حقِّها...

هكذا قرَّرت الزَّميلة العزيزة، أَنْ تَرحلَ إلى حيثُ لا "تَفتيشَ" يُسائِل تفانيَها! فَرحلَت مُسلِّمة الوجدانَ الوطنيَّ، مسألةَ تثبيت زملائها الإعلاميِّين الَّذين تصحُّ فيهم في زمن الحرب مقولة "برهوم" الَّذي يُستدعى "لجَلي الصُّحون"، وفي زمن السِّلم و"العزايم، يُقال: بَرهوم نايم"...

ففي الوكالة مَن أحيلوا إِلى التّقاعد بعدما أفنَوا عمرهم في الخدمة، ولم يكفِهم تعويض الضَّمان للتَّشافي من نزلةٍ صدريَّةٍ ألمَّت بهم، فعاشوا أيَّامهم الأخيرة في صراعٍ مع المرض و​الفقر​ في آنٍ... وفي الوزارة مَن يَحسب أيَّامه المفصليَّة على عتبةِ التَّقاعد، متأمِّلاً بوقف الزَّمن قبل بدء المعركة المفتوحة مع القَدَر، لأَنَّ وقف الزَّمن هذا قد يكون أَيسر من إحقاقِ حقِّ العاملين في "الوكالة الوطنيَّة للإِعلام".

رحلت زينة وفي قلبها الكبير كلُّ تلك المواجع، لا بل استبدلَت الهمَّ والألمَ والموت، بابتسامةِ المُؤمن، وبإيمانٍ مردُّه أنَّ في ​لبنان​ فخامةَ عمادٍ على رأس الجمهوريَّة، يؤمن أنَّ "شطف الدَّرج يكون من الأعلى إلى الأسفل"، وهو عازم أَن يُعطي كلَّ ذي حقٍّ حقَّه!

رحلت زينة وفي جُعبتها وزناتٌ كثيرةٌ، ستقول للربٍّ إنَّها كانت أمينةً عليها، على مِثال ما جاء في الإِنجيل المقدَّس عن ذاك العبد الَّذي قال له سيِّدُه: "كنْتَ أَمينًا على القليل، فكن أَمينًا على الكثير"، وَقد ورثَ ذاك العبدُ الملكوتَ المعدَّ له قَبْل إِنشاءِ العالم...

سيتقبّل ذَوو الزَّميلة الصَّديقة الرَّاحلة التَّعازي يومي الاثنين والثُّلاثاء في 30 و31 الجاري من الرَّابعة بعد الظُّهر حتى الثَّامنة مساءً، في صالون الكنيسة. ويوم الخميس في 2 آب في قاعة كنيسة ​مار الياس​ بطينا-بيروت، من الثَّانية عشرة ظهرًا حتَّى السَّادسة مساءً.