علمت "الأخبار" أن الجانب الأميركي الذي يملك قناة اتصال ب​مديرية المخابرات​ في ​الجيش اللبناني​، بعث برسالة عاجلة قبل نحو أربعين يوماً، تفيد بأن قيادة العمليات الأميركية في المنطقة، باشرت باتخاذ سلسلة خطوات تمهّد لخروج القوات الأميركية من سوريا، وأن ملفات عسكرية وأمنية تتطلب العلاج قبل الانسحاب النهائي، ومن بينها معالجة ملف عشرات الموقوفين من عناصر "داعش" الموجودين في سجون تتبع للجيش الأميركي في سوريا.

وأفادت المعلومات بأن "الأميركيين شرحوا أنه مع تمدد انتشارهم إلى جانب القوات الكردية في شمال شرق سوريا، وعلى إثر المواجهات مع ​تنظيم داعش​، أُوقف عشرات الأعضاء والكوادر المنتمين إلى تنظيم داعش، وأُخضِعوا جميعاً لتحقيقات مفصّلة، كشفت عن مهماتهم وهوياتهم وجنسياتهم. واتفقت القوات الأميركية مع «قوات سوريا الديموقراطية» (قسد) على آليات، بينها أن تتولى الأخيرة متابعة ملفات الموقوفين من حاملي الجنسية السورية حصراً، أما باقي الموقوفين من جنسيات عربية وأجنبية، فسيخضعون لوصاية القوات الأميركية وإدارتها. وحُدِّدَت هوية المئات من حملة جنسيات أجنبية، بينهم 13 لبنانياً على الأقل.

وأضافت "قال الأميركيون في معرض شرحهم الخطوة للجانب اللبناني، إن القوات الكردية ليست قوات رسمية أو حكومية، وليس هناك دولة معترف بها حتى تُترَك الأمور لإدارتها. وقال الأميركيون أيضاً إنهم يفضّلون نقل كل موقوف بحسب جنسيته إلى بلده الأساسي، بعد التأكد من كونهم مطلوبين في هذا الجرم الإرهابي، وعندها تُترَك لهذه الحكومات حرية التصرف. وأوضح الأميركيون أنهم باشروا العمل على هذا الخط، ونقلوا موقوفين إلى دول عربية عدة، وإلى دول أجنبية، وهم يريدون من لبنان التعاون معهم في الأمر. عند هذا الحد، تردد أن الجانب الأميركي أثار الموضوع أولاً مع رئيس حكومة تصريف الأعمال ​سعد الحريري​، على قاعدة أن تتسلم قوى الأمن الداخلي الموقوفين، لكنّ تقييماً صدر عن فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي أوصى بعدم توريطه في مهمة قد تحمل في طيّاتها أبعاداً سياسية، وربما أمنية غير مضمونة. علماً أن فرع المعلومات تثبت من كون الأشخاص الموقوفين هم من المطلوبين للسلطات اللبنانية".

وعلمت "الأخبار" انه على الأثر، تقرر أن تجري العملية بالتعاون مع مديرية الاستخبارات في الجيش اللبناني، وبعد اطلاع قيادة الجيش على التفاصيل، أُبلِغ الرئيس عون فقط بالخطوة. لكن اللافت للانتباه أن الجيش التزم طلباً أميركياً بعدم التنسيق مع أي جهاز لبناني آخر، وعلى هذا الأساس، أُنجِزَت ترتيبات أمنية خاصة في مطار ​بيروت​ الدولي، بحيث لا يتدخل أحد (غير مخابرات الجيش) في عملية التسليم والتسلّم. بناءً عليه، حطّت طائرة عسكرية أميركية ليلاً، قبل أكثر من شهر، في مطار بيروت، وكان في انتظارها وفد من مخابرات الجيش، بينما تولت القوة الضاربة التابعة للمخابرات الإجراءات الأمنية عزل الطائرة ومنع أيّ أحد من الاقتراب منها، وأُبعِد كل الضباط الآخرين، سواءٌ العاملون في الأمن العام أو قوى الأمن أو جهاز أمن المطار. وقد بُررت الخطوة بأن الطائرة تحمل معدات خاصة بالجيش، ولا وجوب لأحد بالتدخل أو الاطلاع عليها. وتولت سيارات تابعة للمخابرات العسكرية نقل الموقوفين إلى اليرزة، حيث أُخضِعوا لتحقيق مفصَّل، تبين بنتيجته أن الثمانية من حملة الجنسية اللبنانية، وسبق أن سافروا عبر مطار بيروت باتجاه تركيا، ومن هناك انتقلوا إلى الأراضي السورية، حيث كان في انتظارهم من تولى تجنيدهم لمصلحة تنظيم «داعش»، وهم تنقلوا في المدن والقرى التي كانت تحت سيطرة التنظيم سابقاً. وقد أقروا بأنهم شاركوا في العمليات العسكرية، وأُوقفتهم القوات الكردية قبل تسليمهم للجيش الأميركي.

وعلمت "الأخبار" أنّ من بين الموقوفين الذين سُلِّموا للجيش: محمد عثمان، قاسم مزقزق، محمود خضر ونبيل قمر الدين، فضلاً عن أربعة آخرين تكتمت المصادر العسكرية عن أسمائهم. وعلم أن اللبنانيين الخمسة الآخرين لا يزالون في عهدة الأميركيين، وبينهم الأمير الشرعي في "داعش" طارق الخياط المعروف بـ"أبو عبد الله الطرابلسي" الذي خطّط لتفجير طائرة إماراتية فوق سيدني، بالتعاون مع أشقائه، وأحدهم عامر الموجود في ​السجون اللبنانية​، بعدما ألقي القبض عليه وهو قيد المحاكمة أمام ​المحكمة العسكرية​ في بيروت.