لو كانت المفاوضات الحكومية تسير على ما يرام، لكان رئيس ​التيار الوطني الحر​ وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال ​جبران باسيل​ هو من زار بيت الوسط وإجتمع برئيس الحكومة المكلف ​سعد الحريري​ بدلاً من رئيس ​حزب القوات اللبنانية​ ​سمير جعجع​.

ولو كان لقاء الحريري-جعجع في محله ومكانه وزمانه حكومياً، لما توجّه رئيس حزب القوات فور إنتهاء الزيارة الى سيارته مغادراً بيت الوسط وعن غير عادة، من دون الإدلاء بتصريح مطوّل أمام عدسات الكاميرا.

"انها زيارة لزوم ما لا يلزم"، تقول المصادر المتابعة لكواليس تأليف الحكومة، "لأن العقدة الأساسية قائمة بين الحريري وباسيل لا بين الحريري وجعجع، ولأن كل التسريبات تقول إن الحريري يدعم القوات في مطالبها ومن يعارض هذه المطالب هو رئيس التيار، لذلك، وإذا كان من المفترض أن تشهد المراوحة الحكومية نوعاً من الحلحلة، فمن الطبيعي أن يسارع الحريري الى لقاء باسيل لا جعجع للبحث معه في مطالب القوات والطروحات البديلة، التي عرضها رئيس الحكومة المكلّف على رئيس الجمهورية خلال زيارته الأخيرة الى القصر الجمهوري".

العشاء بين الحريري وجعجع ترى فيه المصادر المتابعة لعملية التأليف رداً واضحاً ومتخبطاً من الحريري على لقاء المصالحة الذي حصل خلال الساعات القليلة الماضية في عين التينة بين رئيس مجلس النواب ​نبيه بري​ والوزير جبران باسيل، إذ شعر الحريري أنه بات محاصراً سياسياً، فما كان أمامه إلا أن يستقبل جعجع أو رئيس ​الحزب التقدمي الإشتراكي​ النائب السابق ​وليد جنبلاط​ لماذا؟ تجيب المصادر "لأنه إكتشف أن ما عمل على تسويقه نائب القوات جورج عدوان بعد زيارته الى عين التينة، عن أن بري يدعم مطالب القوات الحكومية ويرفض طروحات باسيل، عار من الصحة وليس قريباً حتى من واقع الأمور، خصوصاً أن الحريري تبلّغ عبر القنوات من بري أنه غير معني بما يعرف بـ"العقدة المسيحيّة"، وهو لا يتدخل مع فريق ضد آخر، هو قال ما قاله حيال عدد الوزراء المخصّص ل​حركة أمل​ و​حزب الله​ وما يجب أن تتضمنه هذه الحصة من حقائب ومشى، وهو الآن يعيش مرحلة الإنتظار حكومياً، ويتابع عمل اللجان النيابية التي شكلت بهدف إحداث خرق في جدار الجمود الحكومي، وخصوصاً أيضاً أن مصالحة بري–باسيل جاءت بالتزامن مع الأخبار التي يسربها عدوان، الأمر الذي جعل الحريري يتأكد من عدم صحتها، لأن بري، ولو كان كما يسوّق عدوان، رافضاً لمطالب باسيل ومؤيداً لمطالب القوات، لما إستقبل باسيل في هذا التوقيت بالذات.

ما يؤكد أكثر فأكثر مقولة إن عشاء بيت الوسط كان بمثابة الرد على لقاء بري-باسيل كما إستمرار حال المراوحة الحكومية، هو عدم عودة الحريري الى القصر الجمهوري للقاء رئيس الجمهورية ووضعه بنتيجة إتصالاته، علماً أنه وقبل مغادرته القصر الأسبوع الفائت صرح أنه سيكثف لقاءاته مع الرئيس عون، كما سربت أوساط بعبدا أن اللقاء المقبل بين عون والحريري قد يحصل خلال ٤٨ ساعة.

وبما أن لقاء عون-الحريري لم يحصل بعد وكذلك لقاء الحريري–باسيل يعني أننا في مرحلة تمرير الوقت لا أكثر ولا أقل.