من دون مواربة او تجميل، تكشف مصادر قريبة من قصر بعبدا احد الاسباب الرئيسية لعرقلة ​تشكيل الحكومة​، وعلى عكس ما يعتقد البعض من ان الامور هي في يد رئيس الحكومة المكلف ​سعد الحريري​، فإن المصادر تجزم بأن المعرقل الرئيسي لتشكيل الحكومة هو النائب السابق ​وليد جنبلاط​، رغم انه يدرك عدم أحقية ما يطالب به لجهة احتكار التمثيل الدرزي لا من حيث الميثاقية والتوافق، ولا من حيث نتائج الانتخابات النيابية التي يجب على الجميع احترام نتائجها بعد ان تبجّحوا بأنهم من أبرز دعاة اجراء الانتخابات ودفن قانون الستين، وها هم يتملصون مما اسفرت عنه.

وفي ظل الكلام عن تدخل سعودي ودولة اخرى، مع توجيه اصابع الاتهام الى الولايات المتحدة الاميركية، تؤكد مصادر بعبدا حصول تدخل خارجي وهو ليس بالايجابي، لكنها تشدد على ان رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​ ليس كغيره من الرؤساء، وهو لن يسمح لا للقريب ولا للبعيد من الدول ان تتدخل في الشؤون اللبنانية وفي تشكيل الحكومة، وانه سيقف بالمرصاد لاي محاولات من هذا النوع، رغم كل "النصائح" التي ترد بوجوب التوجه الى الدول الصديقة من اجل المساعدة على حلحلة الامور كما كان يحصل سابقاً، وهو ما يرفضه بتاتاً لان الدعوة اللبنانية للتدخل لمرة واحدة، ستتحول دعوة مفتوحة للدول من اجل الدخول على الخط في كل مرة وساعة تشاء، علماً ان ظروف طلب المساعدة حين احتجزت ​السعودية​ رئيس الحكومة تختلف كلياً عن ظروف تشكيل الحكومة.

واذ ركّزت المصادر على ان "​القوات اللبنانية​" بدأت تدخل في اجواء التسوية المفترضة، وهو امر ايجابي، شددت على ان تمسك جنبلاط بمطالبه سيؤدي الى تمديد وقت التشكيل، ولكن الامور ستذهب عاجلاً ام آجلاً الى التشكيل، وسيدرك الجميع ان محاولات الضغط على الرئيس عون لن تؤتي ثمارها، فالرجل معروف بصلابته ومقاومته لكل انواع الضغوط، مع التلويح بورقة يمكن استعمالها وتتعلق بتشكيل حكومة تضم الأكثرية وليلجأ عندها الآخرون الى المعارضة من الخارج، على غرار ما يحصل في معظم دول العالم، وهو ليس بتهديد بل واقع ملموس.

وتتطرق المصادر الى العلاقة بين لبنان و​سوريا​، لتدعو الى اغتنام الفرصة التي تلوح في الافق للاستفادة من العلاقات بين البلدين، وتسأل: هل يمكن بالفعل بعد انسحاب سوريا من لبنان واقامة علاقات دبلوماسية معها منذ نحو عقد من الزمن، معاداتها وقطع اي قناة للتواصل معها بشكل مباشر؟ وماذا سيجني لبنان من هذا الامر؟ وهل فتح القنوات الدبلوماسية معناه ان سوريا ستتحكم بلبنان؟ بالطبع لا، فالمكانة التي يحوزها رئيس الجمهورية لدى السوريين واحترامهم له، اضافة الى العوامل الاقليمية، ترجع هذه المخاوف الى اصحابها لان لا اساس لها، كما انه لا بد من الاستماع الى المعنيين بالشأن الاقتصادي والامني والمالي لمعرفة ان فتح المعابر والمساهمة في اعادة الاعمار في سوريا، يشكلان عنصراً اساسياً في انتعاش الاقتصاد، مع التذكير بأن عودة ​النازحين السوريين​ تحتاج الى تنسيق فعلي مع السوريين، وان العمل الذي يقوم به الامن العام اللبناني بقيادة ​اللواء عباس ابراهيم​ اكثر من جبار وهو محط تقدير عالمي واقليمي.

اما في ما خص موضوع تشريع وقوننة "​زراعة الحشيشة​"، فتفيد المصادر ان الدراسات التي اجريت من قبل اكثر من مصدر مستقل، تظهر بوضوح ان من شأن هذا الامر ان يفيد المزارع اللبناني والخزينة على حد سواء، وانه يمكن ضبط المسألة ومنعها من "الفلتان"، عبر سلسلة اجراءات منها على سبيل المثال الاقتداء بـ"الريجي"، فتخفّ عمليات التهريب الى حدّها الادنى، وتتلف كل المحاصيل غير الشرعية وتقدر العائدات في السنوات الاولى بنحو مليار دولار سنوياً، فهل سيضر لبنان الحصول على مثل هذه المبالغ؟.

وتختم المصادر حديثها بالقول ان معارضي العهد يعوّلون على لعبة الوقت، ولكنهم يتناسون ان هذه اللعبة تضر بهم ايضاً والاهم انها تضرّ بلبنان ككل، وما عليهم سوى مراجعة ما يحذّر منه اصحاب الشأن والخبرة في هذا المجال، فالحفاظ على الوضع الأمني وتعزيزه لا يعني حكماً انتعاش الوضع الاقتصادي والمالي. ودعت المصادر هؤلاء الاشخاص الى مراجعة حساباتهم لانهم لن يجنوا الثمار التي يتوقعونها.