ارتبط اسم ​لبنان​ منذ الآف السنوات ب​الأرز​، فبات اسمه "بلاد الأرز". لهذه الاشجار قيمة كبيرة وتنتشر في غابات ​تنورين​ وبشري والباروك وغيرهم من المناطق. "وبلاد الارز" التي تميّزت بخضارها تعاني اليوم من أمرين، غزو العمران على حساب الغابات والأشجار، وإنتشار حشرات غريبة بدأت تضرب مختلف الأشجار كالأرز والصنوبر وغيرها حتى باتت مقولة "لبنان وطن الأرز" في خطر.

منذ مدّة تعاني الأشجار عموماً وأشجار الارز خصوصاً من خطر يطال وجودها، والسؤال المطروح: ما الذي يحصل فعلاً، وما حقيقة أن هذه الأشجار وسواها من الأنواع الأخرى مهدّدة بالإنقراض؟!.

عامل التغيير المناخي

"يعاني شجر الأرز منذ العام 1996 وخصوصاً أرز تنّورين وأرز بشرّي من اليَبَاسْ نتيجة حشرة ضربته وتحمل إسم sefalsia-tanourinensts على إسم المنطقة التي وجدت فيها"، بحسب ما يؤكّد العميد المشارك لكلية العلوم الزراعية في ​جامعة الروح القدس​ والباحث في علم الحشرات وتكنولوجيا الغابات نبيل نمر، لافتاً الى أن "كلّ الأبحاث التي أجريت أثبتت أن التغيّر المناخي هو العامل الرئيسي في تطوّر هذه الحشرة فبعد أن كانت تتفاعل كلّ ست سنوات أصبحت تتفاعل سنوياً".

اشجار الأرز تتآكل

في العام 1999 وبعد أن اجتاحت الحشرة غابات الارز تمّ اعتماد تقنية الرشّ بمبيدات خاصة، وكانت هذه أوّل مرّة يتم فيها رشّ الغابات أما المرّة الثانية فكانت في العام 2000 ومن ثم 2002 وأخيراً 2004. هذا ما يؤكده نمر، مشيراً عبر "النشرة" الى أنه "جرى اعتماد هذه التقنيّة حتى يحصل التوازن بين الحشرات الجيّدة والسيئة"، ومضيفاً: "منذ ثلاث سنوات عادت هذه الحشرة لتتكاثر ولكنها لم تصل الى المستوى الذي كانت عليه في العام 1996 بحيث صُبغت الغابة باللون الأحمر وقتذاك (تُصبح الأشجار حمراء بسبب تكاثر الحشرات الآكلة لها".

يرى نبيل نمر أن "هذه الحشرة تُستعمل كدليل للتغيّر المناخي الّذي يؤدي الى تفاعلها لتؤثّر على الاشجار"، لافتاً الى أن "التكاثر الطبيعي لأشجار الأرز في الغابات أصبح صعباً لأن حبّة الارز عندما تنبت في الأيام المُثْلجة تثمر في أوائل حزيران، أما في السنوات غير المُثْلجة كالسنة الحالية فإن حبّة الأرز تنبت في أوّل نيسان، وهذا يجعلها تتحمّل مزيداً من الأشهر ما يؤدي الى يَبَاس "الأكواز" الغنيّة ويفرض علينا أن نعيد التحريج".

كيلو الصنوبر وسعره...

وليست مشكلة الحشرة التي تضرب أشجار الأرز هي الوحيدة التي تواجه الأشجار في لبنان فللصنوبر قصّة مشابهة لتلك التي يُعاني منها الأرز. هنا يشرح نبيل نمر أن "هناك حشرة داخليّة موطنها ​أميركا​ الوسطى وصلت الى لبنان ورأيناها لأول مرّة في العام 2015، وهذا ادى الى قلّة انتاجية الصنوبر ممّا رفع سعر الكيلو منه الى مئة ألف ليرة"، مشيرا الى أن "المشكلة الاخرى التي تشهدها أشجار الصنوبر سببها حشرات تعيش عليها، وفي العام 2002 قدّمنا تقريراً الى ​وزارة الزراعة​ بوجود هذه الحشرة، وشددنا على ضرورة مراقبتها لأن تناميها يؤثر على الأشجار، وأكبر دليل هو ما حصل في العام 2015 في ​كاليفورنيا​ حين يَبِسَ حوالي الالف شجرة في سنة واحدة".

الحلول

ولأن مشكلة أشجار الصنوبر ليست سهلة فقد بُوشر العمل على الحلول. وهنا يشير نبيل نمر الى أننا "في لبنان بدأنا العمل على "أفخاخ" تحمل مواد مستخرجة من أشجار الصنوبر وتوضع في الغابات، وعندها تعلق الحشرة في المِصْيَدة بدل أن تعلق على شجرة الصنوبر وهذه الطريقة تستعمل في أميركا لحل مشكلة الحشرات التي تضرب هذه النوعيّة من الأشجار"، مشددا في نفس الوقت على "ضرورة إزالة كلّ شجرة تتعرض لليباس لأن هذا يؤدي الى توالد الحشرات".

في المحصّلة مشكلة تآكل الحشرات لأشجار الارز والصنوبر بحاجة الى حلّ سريع قبل فوات الاوان...