في 6 حزيران الماضي أصدر وزير الاقتصاد والتجارة ​رائد خوري​ بعد اجتماعات عدة مع وزير الطاقة والمياه ​سيزار أبي خليل​ وأصحاب المولدات، تعديلاً للقرار 1/135/أ.ت. الصادر بتاريخ 28/7/2017، يتضمن تمديداً للمهلة المعطاة لأصحاب المولدات للالتزام بتركيب عدادات الكتروميكانيكية مطابقة للمواصفات المعتمدة من قبل شركة ​كهرباء لبنان​ لغاية 1/10/2018 وللتصريح عنها لدى ​وزارة الاقتصاد والتجارة​، على أن يُكلّف مالك المولد بكلفة العدادات.

لم يعجب القرار أصحاب المولدات، واعلنوا عدم نيّتهم تطبيقه، ما استدعى عقد لقاء وزاري في الساعات الماضية في ​وزارة الداخلية والبلديات​ ضمّ الى جانب الوزير ​نهاد المشنوق​، وزير الاقتصاد رائد خوري ووزير الطاقة سيزار أبي خليل، اكدوا خلاله نيّتهم تطبيق القرار، بظلّ تهديد أصحاب المولّدات بإغراق لبنان بالعتمة اعتراضا.

تشير مصادر وزاريّة متابعة الى أن قطاع ​مولدات الكهرباء​ يجمع أرباحا خياليّة منذ سنوات، وآن الاوان لكي يتم تنظيم هذا القطاع بما يضمن مصلحة المواطن أولا، اذ من غير المعقول أن يدفع المشترك ثمنا شهريا لكهرباء لم يستخدمها، والمنطق يقول ان الدفع يطال الطاقة المستهلكة.

وتكشف المصادر أن أصحاب المولدات تهاونوا بتركيب العدادات على مدى السنوات السابقة، مذكرة بما حصل في تشرين الأول من العام الماضي، عندما كان لدى هؤلاء مهلة شهر لتركيب عدادات، ولكنهم لم يلتزموا ويومها في اجتماع لهم مع وزير الطاقة أبلغوه بشكل واضح أن "أي محضر ضبط يحرّر بحق أي واحد من أصحاب المولدات سيواجه بقرار جماعي يقضي بقطع الكهرباء عن لبنان". إن هذا التهديد يحضر مع كل استحقاق يعني هذا القطاع، وكلّما "دقّ الكوز بالجرة" يهدّد اصحاب المولدات بإغراق لبنان بالعتمة فترضخ الحكومة، ولكن هذه المرة وبحسب المصادر لن ترضخ الحكومة لقوة الامر الواقع، ووزارة الداخلية جاهزة لمواكبة عمل الوزارات المعنيّة بتطبيق قرار تركيب العدادات.

لا شكّ ان تعاظم قوّة أصحاب المولدات نتج عن ضعف الدولة، فعدم قدرة المسؤولين على تأمين الكهرباء جعلت مئات الأشخاص يهدّدون بإغراق ملايين اللبنانيين بالظلام. لن تتأمن الكهرباء على مدى 24 ساعة قبل تشرين الاول المقبل، وبالتالي لا بديل للدولة عن أصحاب المولّدات وهذا ما يعطيهم ورقة رابحة يمكن استعمالها في أي مفاوضات مقبلة.

لم تكن معارضة أصحاب المولدات لمشروع العدّادات ناتجة عن مشكلة فيها، بل تكمن بحسب طوني أبو خليل وهو أحد اعضاء تجمع أصحاب المولدات بـ"تسعيرة" الكيلوواط التي تعدّها وزارة الطاقة. ويضيف أبو خليل في حديث لـ"النشرة": "تقوم وزارة الطاقة بتسعير الكيلو واط بـ 300 ليرة لبنانية بينما هو يكلفنا 430 ليرة، وبالتالي إن وافقنا على مشروع تركيب العدادات بظل التسعيرة الحالية فهذا يعني اننا سنقع في خسارة ولا أحد يعمل ليخسر، لذلك فإن قرار إطفاء المولدات لا يستهدف ابتزاز اللبنانيين بل هدفه منع الخسارة عنا".

ويرى أبو خليل بأن الحل يكون عبر إنهاء الجدال النظري والنزول الى أرض الواقع، مشيرا الى "اننا اقترحنا على وزارة الطاقة أن تستلم مولدين اثنين لمدة شهر وتجبي الاشتراكات لتتمكن من حصر كلفة الانتاج وكلفة المبيع، وعندها ربما نتمكن من الوصول الى تسعيرة عادلة".

يحقق هذا القطاع ثروات كبيرة، ويعمل أصحابه بالخفاء فلا يكشفون عن عددهم أو عن عدد المشتركين، للبقاء بمنأى عن دفع الضرائب، وكل ذلك على مرأى من الدولة "المحتاجة اليهم"، ولكن اليوم تصر الوزارات المعنية على "رفض التهديد المستهجن والمرفوض"، مؤكدة أن "لا أحد يلوي ذراع الدولة او يبتزها باغراق البلاد والعباد في الظلام"، فهل تشكّل دعوة التجمع للتفاوض مدخلا للحل قبل تشرين الاول، ام أن الدولة ستنفذ وعدها بتركيب العدادات ومنع إطفاء المولدات؟.