في الأشهر التي تلت الإنتخابات النيابية الأخيرة، سُجل تراجع لحضور وزير العدل السابق ​أشرف ريفي​ عن الساحة السياسية. البعض ربط الموضوع بمراجعة يقوم بها، بينما البعض الآخر وضعه في سياق وضعه الصحي، حيث أجرى في الأيام الماضية جراحة "ديسك".

أول من أمس، أطل "اللواء" على أبناء ​طرابلس​ من خلال مهرجانات المدينة، التي ترأس لجنتها زوجته سليمة، لكن الأهم هو ما كان قد تحدث عنه قبل ذلك حول نتائج زيارته إلى أنقرة، حيث كشف عن مشروع سياسي قد ينتج عن اللقاءات التي عقدها هناك مع كبار المسؤولين.

إنطلاقاً من ذلك، ترى مصادر سياسيّة، عبر "النشرة"، أن ريفي على الأرجح يبحث عن مظلّة إقليميّة، بعد أن كان، خلال مرحلة الإنتخابات النيابيّة، يؤكد أن العلاقة مع المملكة العربية السعوديّة "مجمدة"، لا سيما أن الرياض كانت قد أعادت إحتضان رئيس الحكومة المكلف ​سعد الحريري​.

وتلفت هذه المصادر إلى أن ذهاب وزير العدل السابق إلى الحديث عن مشروع سياسي يدور في فلك ​تركيا​ يعني، بشكل مباشر أو غير مباشر، أن ليس هناك في الأفق ما يوحي بإمكانية عودة العلاقة مع السعوديّة إلى سابق عهدها، فالجميع يعلم أن هناك تنافساً بين الرياض وأنقرة على زعامة العالم الإسلامي، أو على الأقل على الزعامة السنيّة فيه.

من وجهة نظر المصادر نفسها، ما تقدم يعني أيضاً أن ريفي سلّم بأن لا مكان له في برنامج العمل السعودي في لبنان، طالما أن الريّاض لا تزال راعية لتيار "المستقبل"، في حين هو لا يستطيع أن يبقى منتظراً ما يمكن أن تصل إليه العلاقة بين الجانبين، خصوصاً بعد خسارته معركة الدخول إلى البرلمان، بينما كان قد نجح قبل ذلك في هزيمة جميع القوى السياسيّة الطرابلسيّة، مجتمعة، في الإنتخابات البلدية.

في هذا الإطار، تُصر مصادر مقربة من ريفي، عبر "النشرة"، على عدم الدخول في أي تفصيل حول المشروع السياسي الذي ألمح إليه وزير العدل السابق، مشيرة إلى أن الخوض في هذا الموضوع اليوم سابق لأوانه.

ماذا تستطيع أن تقدم أنقرة؟

في الأوساط السنية المحلية، حديث عن أن أنقرة لا يمكن أن تقدم لوزير العدل السابق الدعم التي يحتاج له أيّ تيار سياسي في الحياة السياسيّة اللبنانيّة، أيّ المال، ما يعني أنه من الممكن أن يحظى بدعم معنوي بالدرجة الأولى، نظراً إلى المكانة التي يحظى بها ​رجب طيب أردوغان​ في الأوساط الشعبية.

الأوساط نفسها تؤكد، عبر "النشرة"، أن هذه المكانة لا يمكن أن تعزز من حضور ريفي، لا سيما أن أنقرة تواجه العديد من المصاعب على مستوى علاقاتها الدولية، في حين أن الحضور الإقليمي لرئيسها لم يعد هو نفسه الذي كان طاغياً قبل سنوات، أي عند إنطلاق أحداث "​الربيع العربي​"، لكنها تدعو إلى مراقبة ما قد يحصل على مستوى معالجة ملف إدلب، نظراً إلى أن تركيا من الدول الضامنة في إتفاق خفض التصعيد، إلى جانب كل من روسيا وإيران، وهي لاعب فاعل في الشمال السوري، ما يعني أنها قد تكون حاضرة في الحل السياسي.

بالنسبة إلى الدعم المالي، تشير الأوساط نفسها إلى أنه الممكن أن يأتي عبر الجانب القطري، الذي قد يكون له مصلحة بالدخول في منافسة مع الرياض على الساحة اللبنانية في ظل الأزمة بين الجانبين، والساحة الطرابلسيّة قد تكون الخيار الأول، مع الأوضاع الإقتصادية والإجتماعية التي تعيشها العاصمة الثانية، إلا أنها تعود للتأكيد بأن النبض السعودي في عاصمة الشمال أقوى من التركي.

على الرغم من ذلك، تستبعد هذه الأوساط أن يكون لدى تركيا في الأصل مشروعاً سياسياً جدياً في لبنان، "على الأقل لا معلومات أو معطيات له على أرض الواقع حتى الآن"، وتشير إلى أن أنقرة كانت، منذ العام 2005 حتى الأمس القريب، على علاقة جيدة مع رئيس الحكومة المكلّف، لكن اليوم ربما تريد أن توجه رسائل له، بسبب بعض الخلافات التجاريّة، وتضيف: "الهمّ التركي هو على تعديل النظام الداخلي، ما يعني أنه لا يمكن الحديث عن أي توجه على مستوى المنطقة قبل بداية العام 2019 على الأقل"، وتضيف: "حديث ريفي ربما يكون في إطار "الزكزكة" على الجانبين السعودي والإماراتي لا أكثر، لكن من الضروري انتظار ما قد يحصل في المرحلة المقبلة".