فيما ينشغل المسؤولون الفلسطينيون في لبنان، في طي صفحة الخلافات الداخلية والحفاظ على استثنائية الساحة الفلسطينية في لبنان وتحصين الاوضاع الامنية في المخيمات وقطع فتيل التوتير ووأد الفتنة، على ضوء سلسلة من الاحداث المتنقلة من الميّة وميّة الى الرشيديّة وبينهما ​عين الحلوة​ الذي يعاني من "الامن الهشّ"، كشفت مصادر فلسطينية لـ"النشرة" عن خطة اميركية–اسرائيلية لتفكيك وكالة "الاونروا" وانهاء خدماتها تدريجيا وعلى مراحل متتالية، بعد سلسلة من الخطوات العملية والقرارات الخطيرة التي مهدت لذلك، أبرزها خفض ​الولايات المتحدة الاميركية​ لمساعداتها المالية ما سبب عجزا فادحا لم تجدِ كل محاولة الاونروا ولا نداءات الاستغاثة من سدّه حتى الان.

واوضحت المصادر، فقد جرى منذ اسابيع تناقل معلومات عن هذه الخطة،وتستند بشكل أساسي على تجفيف منابع الدعم المالي للوكالة بهدف الضغط عليهالإتخاذ المزيد من قرارات التقليص في الخدمات وإنهاء عقود وفصل الغالبية العظمى من الموظفين.

الخطير في الامر، وفق المصادر نفسها، فانها وضعت قيد التنفيذ التدريجي حتى منتصف العام 2020 مع إنتقال ما نسبته 30% من خدمات الوكالة إلى ​المفوضية العليا لشؤون اللاجئين​ (UNHCR)، وبقاء 400 موظف مهمتهم العمل على نقل أملاك الوكالة للسلطة الوطنيّة في الأراضي الفلسطينيّة في الضفة وغزة وللدول المضيفة في الأردن ولبنان وسوريا.

وتحدّثت المعلومات عن تقسيم تنفيذ الخطة إلى خمسمراحل: بدأت الاولى منها مع تسريح 100 موظف من موظفي الوكالة في الأردن (15/1/2018)، تحت شعار "ضبط النفقات"، تليها المرحلة الثانية بإنهاء خدمات ألف موظف في الضفة وغزة، وقد بدأت عملياً مع وقف خدمات موظّفين على برنامج الطوارئ (25/7/2018)، ونقل آخرين إلى الدوام الجزئي كمقدمة لإنهاء خدماتهم، أما المرحلة الثالثة ستتم بذريعة عدم توفر المبالغ المطلوبة بإنهاء خدمات خمسة آلاف موظف، على ان يجري تنفيذالمرحلة الرابعة عند منتصف 2019 بالوصول لإنهاء خدمات 17 ألف موظف من أصل 30 ألف موظف يعملون بالوكالة حاليًّا. وفي نهاية العام 2019 وهي المرحلة الخامسة، الإبقاء على 400 موظف الذين سبق ذكرهم والمهام الموكلة إليهم وصولاً إلى منتصف العام 2020.

ويؤكد رئيس "الهيئة 302" للدفاع عن ​حق العودة​، علي هويدي، "اننا نتابع مدى دقة المعلومات"، مضيفا "لقد وجّهنا رسالة إلى إدارة "الأونروا" نستفسر فيها إن كانت الخطة حقيقية أم لا، ولم يأتينارد سواء بالنفي أو التأكيد. وحتى الآن لم يصدر عن الوكالة أي موقف أو نفي كعادتها عندما يجري تناقل أية أخبار لها بُعد إستراتيجي.

ذكر هويدي بما اعلنه المفوض العام لوكالة الأونروا بيار كرينبول (28/9/2017)، بأن ​الجمعية العامة للأمم المتحدة​ قد جددت لعمل الوكالة لمدة ثلاثة سنوات وبتأييد من 167 دولة من الدول الأعضاء تبدأ من كانون الأول 2016، وبأن قرار حلها أو بقائها مرتبط بالجمعية العامة للأمم المتحدة"، وهذا مهم، لكن الجمعية العامة وفي تموز 2018 عادت ومددت ولاية "الأونروا" حتى حزيران 2020، مما يثير المخاوف بأن التعديل في التمديد يتوافق مع مراحل تنفيذ الخطة لا سيّما ان الجمعية العامة دأبت على تجديد ولاية "الأونروا" كل 3 سنوات خلافا لما كانت تفعله في السابق.

واذ تحدث هويدي عن صراع داخل المؤسسة الامميّة بين تيار يعمل لانهائها وآخر يحاول الحفاظ عليها، اقترح ضرورة استمرار الحراك الدولي للتأكيد على أن مستقبل الوكالة في خطر، وضرورة بقائها كنقطة دائمة على جدول أعمال جميع القوى السياسية الفلسطينية واللجان الشعبية والأهلية والدول العربية المضيفة، و​جامعة الدول العربية​، و​منظمة التعاون الإسلامي​، ومنظمات العمل الشعبي والإتحادات والنقابات والمتضامنين على مستوى العالم، واعتبار أن إستهدافها مقدّمة لاستهداف قضية اللاجئين وحق العودة، ولا يقل أهمية عن إستهداف القدس وتكثيف الزيارات الثنائية الدبلوماسية والرسمية والأهلية الداعمة للقضيّة الفلسطينية وهذا يشمل دولا عربية وإسلامية وأجنبية وسفارات، سواء من قبل فلسطينيين أو عرباً أو أجانب متضامنين، والتواصل الدائم على المستوى السياسي والأهلي والدبلوماسي، مع الدول المضيفة للاجئين الفلسطينيين تحت عنوان "مخاطر إنهاء عمل الوكالة على اللاجئين والدول المضيفة" وحراك المخيمات والتجمعات السلمي له دور كبير في الضغط وإثارة قضية التمسك بعمل "الأونروا"، فاللاجئون الفلسطينيون هم الأكثر تضرراً بشكل مباشر، وصولا الى ضرورة توحيد مواقف إتحاد الموظفين في المناطق الخمسة لتعبر عن موقف الموظفين الموحّد في الوكالة إزاء أي تطور، ولهذا يجب ألا تتوقف في سياق الضغط ورفع الصوت.

خلاصة القول، وكالة "الاونروا" في خطر، فهل تنجح المساعي للحفاظ عليها قناعة ان ما تمر به من حصار مالي هو في الاساس سياسي، أم تتحق الخطة الاميركية–الاسرائيلية لانهائها، لتكون المسمار الاخير في نعش القضية الفلسطينية بعد قرار الرئيس الاميركي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لـ"اسرائيل" ونقل السفارة الاميركية اليها وتخفيض مساعداتها المالية؟.