تقدّم مسار التأليف الحكومي اشواطاً في الأيام القليلة الماضية، وترجم رئيس الحكومة المكلف ​سعد الحريري​ رغبته ببتّ امر التأليف، لكن معوقات لا تزال تمنعه من بت موضوع الحكومة العتيدة.

وعلى عكس كل الشائعات التي تحدثت عن شروط وضعها رئيس "التيّار الوطني الحر" وزير الخارجيّة في حكومة تصريف الأعمال ​جبران باسيل​، تبيّن أنه سهّل مهمة الحريري، وابلغه القبول بسبعة مقاعد لتكتل "لبنان القوي" مع ثلاثة من حصة رئيس الجمهورية، ليصبح العدد عشرة وزراء. كما عبّر "الوطني الحر" عن عدم ممانعته ان يكون لحزب "القوات" حقيبة سيادية.

مساعي باسيل تلتقي عمليا مع واقع "الثنائي الشيعي" الذي يسهّل عملية التأليف الى أبعد حدّ، لا بل ان رئيس المجلس النيابي ​نبيه بري​ يؤازر الحريري في مهامه، وهو دعا وزير الاعلام في حكومة تصريف الأعمال ملحم الرياشي لزيارة عين التينة من اجل تقريب المسافات. وعُلم ان بري يدفع "القوات" للمشاركة في الحكومة والقبول بأربع حقائب وازنة. لكن "القوات" التي لا يهمّها الحصول على نيابة رئيس الحكومة ولا على حقيبة الدفاع الوطني، يرفع رئيس الحزب ​سمير جعجع​ السقف عاليا للحصول على أربع حقائب هي: الثقافة، الشؤون الاجتماعية، الأشغال العامة والنقل، والتربية.

وهي حقائب موزّعة، كالاشغال للمردة، والشؤون الاجتماعية ل​حركة امل​، والتربية للتقدمي الاشتراكي. لذلك، يبدو ان اختيار القوات لتلك الحقائب، هو لنسف أي مشروع ترتيب لجسم الحكومة.

فهل يتخفّى "القوات" خلف المطالب التعجيزية تلبية لاشارات خارجية تمنع التأليف؟.

هذا ما يتردد في المجالس السياسيّة، تحت عنوان: ​السعودية​ لا تريد حكومة لبنانية جديدة الآن. السبب هو ترقب المزيد من العقوبات على ​ايران​ لإضعاف ​حزب الله​ وحلفائه في لبنان.

واذا كانت العقدة الثانية هي درزية، فإن عدم تجاوب رئيس الحزب "​التقدمي الاشتراكي​" ​وليد جنبلاط​ مع مساعي الحريري المرتقبة، يأتي على ذات الوتيرة القواتيّة، ذات الأبعاد الاقليمية.

لذلك، لن يتفاءل الساعون على خط التأليف بولادة قريبة، قبل معرفة جواب جعجع الذي يعود الى لبنان بعد يومين، وجنبلاط الذي يلتقي الحريري ثم بري.

بالمقابل، فإن "الثنائي الشيعي" المسهّل لعملية التأليف حدّد مع الحريري حصته، وصار مؤكداً أن وزارة المالية التي سيعود الوزير علي حسن خليل اليها (حركة أمل)، ووزارة الشؤون الاجتماعية التي سمّت لها الحركة أيضا حسن اللقيس، بينما تبقى حقيبة التنمية الادارية التي سيتولاها أحد ذوي الاحتياجات الخاصة، وهو سيشكل مفاجأة، كما هي عادة بري.

أمّا حصة "حزب الله" فهي وزارة دولة يتولاها الوزير محمد فنيش، والصحة يتولاها النائب السابق جمال الطقش، لتبقى حقيبة اخرى لم تحدد بعد، ولم يُحدد وزيرها ايضا.

في الخلاصة لا مؤشّرات جديّة توحي بولادة ولو قيصريّة لحكومة الحريري، بعد أن بان من يضع العصي في دواليب عربة الحكومة، بانتظار أن تفكّ الرياض أسر جنبلاط وجعجع لتطلق رهينتها.