ذكر وزير العدل في حكومة تصريف الاعمال ​سليم جريصاتي​، في كلمة لهخلال حفل تكريم لمناسبة منح رئيس الجمهورية ​ميشال عون​ القاضي الراحل الشيخ شريف محمد قيس وسام الاستحقاق اللبناني ذو السعف، أنه "عرفته قاضيا وقورا مجتهدا فيه هدأة النفس والثقة بالنفس والتحفظ والكتمان والممارسة المسؤولة، عرفته في التفتيش القضائي، وشرفني ان انقل لديه في ملف حسّاس، وان اجد لديه الطمأنينة والسلام قيل يوما ما اهم من الحق قيل القائل وما اهم من القائل قيل العدل وما اهم من العدل البناء والسلام"، لافتاً الى أن "كل عدالة تتوق الى السلام وان لم نجد السلام في انفسنا وجدناه في العدل و​القضاء​ ونرنوا اليه بكل جوارحه وهو اليوم في اياد امينة اني انظر الى قضاة لبنان الرئيس الاول ورئيس ​هيئة التفتيش القضائي​ والنائب العام التمييزي وقضاة آخرون متقاعدون وحاليون وارى فيهم وجها من وجوه شريف قيس رحمه الله واراح نفسه"، مشيراً الى "انني اقول لكم كلاما مطمنا بأن القضاء بخير، وليس هناك من معركة حريات في لبنان لا تسمعوا الاشاعات، نحن الاحرص على الحريات العامة في لبنان، وان ذهبنا بعيدا في التفسير والاجتهاد وقلنا ما قاله سماحة الشيخ عن الحريات المسؤولة لا يجب ان نلاقي التجني، نحن نسعى الى حرية مسؤولة تقف عند حرية وكرامة الآخرين وهذا ليس بالامر الصعب، الاعلان العالمي ل​حقوق الانسان​ يتكلم عن الحرية المسؤولة بتوصيفات عديدة".

ونوه جريصاتي الى أن "شريف قيس متوّزع فينا جميعا في اخلاقيا وعلميا والقيم الاجتماعية والعائلية ولذلك عندما اختارني فخامة رئيس الجمهورية لأمثله في هذا الحفل التكريمي لهذا القاضي والاب الكبير اسرّني ذلك فشرفني، من هذا المنطلق وتقديرا لعطاءات القاضي المرحوم شريف محمد قيس قرر فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون منح المرحوم وسام الاستحقاق الفضي ذو السعف وكلفني فشرفني تسليمه الى عائلته الكريمة، مجددا باسم فخامته بالتعازي الكبير ولكم جميعا الصبر والعزاء والعبر في مسيرة حياة هذا الرجل".

من جهته، أكد شيخ عقل ​طائفة الموحدين الدروز​ الشيخ ​نعيم حسن​، في كلمة له، أن "سيرة المُكرم اليوم تكشِف عن رجُل كان في حياتِه أشبهَ بمريـد في محراب العدالة الاجتماعيَّة حتَّى بات فيه علماً من أعلامها من دون أن يبرح مسالِك الفضْل والتواضع ونذْر النَفس لخِدمة مجتمعه في أمر جوهري تُقام به الممالك وتقوى، وتهِن الأوطان بإهمالِه وتفسُد، وهو أمر العدل، والتزام ما يقتضيه من أحكام القانون والإنصاف بالحقّ"، ذاكراً أنه "حين تمنح الجمهوريَة، مُمَثَّـلةً بفخامةِ الرئيس، وسامَ الاستحقاقِ للمكرَّم، فهي بالحقيقةِ تُكرِّمُ به المناقِبَ والسَّجايا والمزايا الأخلاقيَّة الأثيلة، التي من شأن امتثالِها في الأداءِ العمليّ في الشأن العام، أن تكونَ دلالةً على الأُنْموذَجِ الجليِّ لمفاهيم أساسيَّة في المجتمع المدنيِّ الناجح، والإدارة العامَّةِ المنتِجة، وقطاعات العمل في كلِّ الحقول، أعني مفاهيم المواطَنَة والوظيفة والمسؤوليَّة والأداء الملتزم بالأنظمة والنصوص التشريعيَّة إلى ما هنالك".

وتابع بالقول انه "لا أمضَى ل​محاربة الفساد​ بكلِ أشكالِه من حد هذا الالتزام المناقبيِ بمفهوم الخِدمةِ العامَّة، فإن لم يكن وازع من داخل الفرد، فإنَ مؤسسات الدَّولة القائمة على حُكم القانون من شأنِها أن تشحَذ ما يُشكِّل وازعاً تشريعيًّا جزائيّا لكلِ مُخلٍ بهذا الالتزام، بما يعزز عمل السلطة القضائية"، موضحاً أنه "لا بُدَّ من هذه المقاربةِ بجِدّيَّةٍ بالغة، وإلَّا من أين لنا سبيلٌ إلى العبُور نحو الدَّولةِ المستقرَّة التي تمنحُ مواطنيها المجالَ العام الآمِن والمزدهر والواعِد بأطيب الآمال بحياةٍ كريمةٍ حرَّة؟ دولة المؤسَّسات التي لا يُعرقلُها تعطيل، ولا يعوِّقُ مسارَها التنمويّ، أو يحدُّ من سلطتِها انقساماتٍ وشروخ داخليَّة. دولة الآليَّات الديموقراطيَّة الفاعلة، دولة إحترام الحرِّيات المسؤولة وحصانة السلطة القضائيَّة التي هي في معيار العدْل عيْنه، منزَّهة مستقلَّة وبمنأى عن أيّ شكل من أشكال الضغوطِ والتدخُّلات الباطلة.علينا أن نرتقي بعقلنا ومسالكنا إلى الحدِّ اللائق الَّذي يحقِّق في ذواتنا ثمرةَ الفضيلة. فلا شيءَ في هذه الحياة الدّنيا يُضاهي جمالَ الحقّ واتّباعَه فيما يُرضي الله".

كما ذكر أن "اتـّباعَ الحقّ هو الخير الأعظم لذاتِ المرء، خصوصًا لكونه عضوًا في المجتمع فيعمّ النَّفع، ويتأسَّس الإصلاح، علينا بهذا النور أن نشهدَ للقِيَم الأخلاقيَّة النبيلة، ونعطي المِثالَ الصالح في الصِّدق والخير والعدل والمحبَّة والاتّزان، وفي الحِلم والتواضع والإيثار، وفي التقوى والحياء وبساطة الرّوح والعمَل الصالح. واعتقادُنا أنه لا يصحّ إصلاحٌ اجتماعيٌّ، ولا تترسَّخ مِنعَة إنسانيَّة خارج حقل الشهادة الرّوحيَّة والعمليَّة لتلك القيَم".

وختم بالقول انه "لا يسعنا، من حيث التزامنا الرُّوحي والإنساني، إلاَّ أن نناشدَ مختلفَ القيادات في وطنِنا الى إحترام أسس الوحدة الوطنية ومقاربة الوضع الدقيق الاقتصادي والاجتماعي والبيئي الذي يهدد بلدنا. دعواتنا وصلواتنا أن يؤلِّفْ سبحانه وتعالى بين قلوب الحاكمين لتكون لنا حكومة وحدة وطنيَّة تتوخَّى في عملها كلّ الخير لبلدنا العزيز ولشعبه الطيِّب، اننا نهيب بالجميع التزام الهدوء واستعمال الكلمة الطيبة التي تعزز المحبة بعيداً عن احتمالات التصادم وتعميق الانقسامات والضغائن في النفوس، نسأله تعالى أن يسدِّد خطانا فيما هو الحقّ والعدْل، وأن يُلهمَ الجميعَ إلى ما فيه الخير لوطننا".

وشدد رئيس ​مجلس القضاء الاعلى​ ​القاضي جان فهد​ على أنه "قرابة العام والنصف فقد لبنان والقضاء علما من اعلام هذا الوطن المرحوم القاضي في رتبة الشرف الشيخ شريف محمد قيس، وها نحن اليوم نجتمع لنحتفي بمآثر هذا الراحل الكبير الذي كان وفيا في حسه الوطني، وامينا في ادائه لرسالته القضائية ومرهفا في نتاجه الادبي، فاستحق وعن جدارة المكرمة الصادرة عن فخامة رئيس البلاد ميشال عون، المتمثلة بمنحه وسام الاستحقاق الفضي ذا السعف، تقديرا لخدماته الجلّى في شتّى ​الميادين​ وطنيا وقضائيا وانسانيا وادبيا".

ولفت الى أنه "فقد ترك فقيدنا الكبير اثرا طيبا في القضاء يعكس رجاحة في العقل وعلما زاخرا وعدلا وافرا واتزانا، كما ترك في الادب ارثا غنيا يعكس عبقرية، وينم عن جمال الروح زرفعة وذوق ورهافة في الحس الوطني والانساني. ولا عجب ان يبلغ الفقيد هذا المبلغ من الارتقاء انسانيا ووطنيا وقضائيا وادبيا فهو سليل عائلة قيس المملوءة اباء والمفطورة على الرفيع من القيم والحميد من المناقب والمشرف من المواقف، فمن نبل هذه العائلة تشرّب فقيدنا الاصالة، ومن سحر الطبيعة في بلدته ​حاصبيا​ اتسمت روحة بحس ادبي راق، ومن كرامات بني معروف نهل القيم والاباء والشهامة والعنفوان والعزة والوطنية".