ليس ادل على تعقيدات العلاقة الايرانية- السعودية وبين حزب الله والرياض الا ملابسات ملف الحج والتأشيرات التي تمنح للحجاج اللبنانيين بين سنة وشيعة. ووفق معلومات متوفرة ومستقاة من الجهات العاملة في ملف الحجاج اللبنانيين، فإن ما جرى هذا العام هو إنخفاض عدد الحجاج اللبنانيين من الطائفة الشيعية والذين تقدموا الى السفارة السعودية في بيروت على الطرق التقليدية الطبيعية اي من من خلال مكاتب الحجاج او ما يعرف لبنانياً بـ"حملات الحج" و"حملات زيارة العتبات المقدسة". وتؤكد المعلومات ان الكوتا السعودية للحجاج اللبنانيين منذ العام 2011 وحتى اليوم اي منذ اندلاع الازمة السورية وانقسام القوى السياسية اللبنانية بين مؤيد للنظام في سوريا وبين المعارضين له واشتعال الصراع الايراني- السعودي في لبنان والمنطقة، هي بين 1500 و1600 سني و1500 و1600 شيعي وهي كوتا طبيعية اي تخضع لنظام القرعة من خلال برنامج معلوماتي في السفارة. ويضاف اليها تأشيرات خاصة ومجاملة ومدفوعة الى الهدايا او "المكرمات" وهي موجهة من السفارة في اتجاه القوى السياسية وخصوصاً آل الحريري ودار الفتوى والهيئات السنية الاخرى المحسوبة على الرياض.

وتؤكد المعلومات ان ما جرى هذا العام ايضاً كان مشابهاً للعام الماضي حيث نال الحجاج الشيعة ما يقارب 1500 تأشيرة بالطريقة التقليدية من لبنان طبعا كما نال المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى ما يقارب 30 تأشيرة مجاملة فيما نال آل فضل الله ممثلين بنجل المرجع السيد محمد حسين فضل الله العلامة السيد علي فضل الله ما يقارب الـ10 تأشيرات ومن خارج لبنان وخصوصاً افريقيا ودولها المختلفة وبلاد الاغتراب نال الحجاج الشيعة ما يقارب الـ200 تأشيراً بينهم 70 تأشيرة مدفوعة يتراوح سعرها بين 1200 و1700 دولاراً.

اما الحصة السنية من لبنان فبلغت 1500 بشكل رسمي وتقليدي ونال آل الحريري ممثلين برئيس الحكومة ما يقارب الـ4500 مع فيزات المجاملة وفيزات التي منحت لدار الفتوى والشخصيات والجمعيات المحسوبة على الرياض وقد بيعت عشرات التأشيرات في اليومين الماضيين باسعار وصلت الى الفي دولار.

وفي حين لم تطلب حركة امل رسمياً من سفارة السعودية في بيروت فيز خاصة او مجاملة سلك مسؤولو ونواب ووزراء امل وكل المحازبين الطريق التقليدية والعلاقات لتحصيل فيزات الحج لهذا العام. في المقابل استمر قرار حزب الله بمنع مسؤوليه وقياداته ونوابه ووزرائه وعناصره والمحسوبين عليه من التقدم لفيزات الحج بأي طريقة كانت طبيعية او خاصة لاسباب سياسية وامنية ويُحمّل الحزب اي مخالف لهذا القرار المسؤولية الشخصية عن حياته وامنه واي اشكال يحصل معه في السعودية يتحمله هو.

وتؤكد اوساط حزبية في الثنائي الشيعي ان ملف الحج بات من المعضلات العالقة في العلاقة المتوترة بين حزب الله والسعودية وهي ناجمة عن الخلاف السياسي في ملفات المنطقة وليست ذات اسباب مرتبطة باسباب مذهبية ولا فقهية ولا دينية. وتقول الاوساط ان السلطات السعودية ومن خلال سفيرها في لبنان تحاول منذ العام 2011 اعتماد سياسة عزل حزب الله عن النسيج الشيعي وتحرص بشكل دوري على إقامة مناسبات اجتماعية ودينية وثقافية وتستضيف اليها شخصيات ونواب ووزراء وجمعيات شيعية كما تقوم بزيارات دورية لرئيس مجلس النواب نبيه بري والمجلس الشيعي الاعلى الامام الشيخ عبد الامير قبلان للتأكيد على ان الخلاف مع ايران "وامتداده اللبناني" حزب الله وليس مع شيعة لبنان.

وتؤكد الاوساط ان حرمان الالاف من اللبنانيين الشيعة المقيمين في لبنان فرصة اداء الحج ومناسكه لاسباب سياسية وكيدية والحد من الكوتا الشيعية لتصبح متساوية لعدد التأشيرات التي منحت مثلاً هذا العام للحجاج من اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في لبنان واقل بمرتين من الحجاج النازحين السوريين على الاراضي اللبنانية واقل من ثلاثة مرات من الحجاج اللبنانيين من الطائفة السنية يعني ان هناك تمييز مذهبي ومن حيث الجنسية بحق اللبنانيين الشيعة. وترى الاوساط ان هذه الممارسات غير سليمة وصحية في ملف عبادي وديني مقدس عند المسلمين ويجب التوقف عن هذه الممارسات المسيئة لحكام السعودية قبل ان تكون مسيئة لحزب الله وامل وكل شيعة لبنان وكل من يمنعون عن اداء موسم الحج لهذه الاسباب.