لا بديل عن ​سعد الحريري​ لرئاسة الحكومة. هذا ما يردده مؤيدوه ومعارضوه على حد سواء، وهذه نقطة الضعف الرئيسية التي تكبل يدي رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​ وفريقه السياسي كما ​حزب الله​ في التعامل مع الأزمة الحكومية الراهنة. فبالرغم من كل ما يُحكى عن شخصيات سنية كثيرة قادرة على تولّي المهمة، باطار السعي الى رفع السقف وزيادة الضغوط على الحريري لانجاز مهمته سريعا، فان البحث الجدي عن هكذا شخصيات يودي بالباحث الى حائط مسدود، تماما كما الباحث عن خليفة لرئيس المجلس النيابي ​نبيه بري​. فحتى من حل مكان الحريري في السنوات القليلة الماضية ان كان بتكليف منه أو غصبا عنه، ثبّت هذه المعادلة وأرساها، باقرار من أخصامه. فلا الشخصيات التي قد تُعتبر وسطية سنيا، كرئيس الحكومة السابق ​نجيب ميقاتي​ مقبولة لدى حزب الله وحليفه "​التيار الوطني الحر​" بناء على التجربة الأخيرة معه، ولا الشخصيات المحسوبة على سنّة ​8 آذار​ قادرة على تحمّل أعباء المرحلة أو جاهزة لخوض غمار تحدٍّ من هذا النوع.

في الأيام الماضية نشُط البحث عن خيارات وسيناريوهات كفيلة بكسر حلقة المراوحة القاتلة حكوميا، وبخاصة بعد توافر معطيات للثنائي عون–حزب الله بأن هناك قرارا اقليميا مدعوما دوليا بعدم ​تشكيل الحكومة​ قبل اتضاح مصير ادلب. عاد الحديث عن المرسوم الشهير الذي يوقّعه النصف زائدا واحدا من النواب ليُرفع الى رئيس الجمهورية لسحب التكليف من الحريري وتشكيل حكومة أكثريّة، لكن من عارضه في البداية ظلّ على موقفه، وأبرزهم رئيس المجلس النيابي نبيه بري. حتى حزب الله بدا غير متحمس للطرح الذي يثير هواجسه من فتنة سنية–شيعية تجنبها في أحلك الظروف.

بعد عيد الأضحى سنسمع الكثير من المواقف والتصريحات التي قد يغيب عنها التشديد على وجوب التمسك بحكومة الوحدة الوطنية، رغم عدم امتلاك أصحاب هذه المواقف العدّة والخطط اللازمة للسير في مسار جديد. سيلجأ هؤلاء الى تغيير لغتهم في مرحلة أولى على أن يعمدوا الى ممارسة ضغوط أكبر في مراحل لاحقة، رغم قلّة الأوراق التي بين أيديهم. ويشير مصدر قريب من "الثنائي الشيعي" الى أن "الانطلاق من ثابتة أنّ لا بديل عن الحريري أمر مبالغ فيه"، لافتا الى أن "النائب ​عبد الرحيم مراد​ احدى الشخصيات المناسبة تماما للمرحلة، باعتبار أنه نسج علاقات جيّدة مع كل الفرقاء سواء في الداخل أو في حتى في الدول العربية والاقليمية".

ولا يعير الحريري الكثير من الاهتمام لكل ما يتم التداول به عن خطط لازاحته، لاقتناعه بأنه "حاجة وطنية"، بحسب تعبير مصدر في تيار "المستقبل"، أشار الى ان "انفتاح العالم العربي كما الغربي على لبنان يتم من بوابة الحريري نفسه". وأضاف: "رئيس الحكومة المكلّف هو اليوم الضمانة لحماية لبنان من انهيار مالي واقتصادي. فهل من يضمن في حال سحب التكليف منه او اعتذاره عدم سريان السيناريو التركي في لبنان"؟. (باشارة الى انهيار الليرة التركية بعد تفاقم الخلاف بين أنقرة وواشنطن). وختم المصدر: "الفريق الآخر مدعو للتواضع كثيرا. فهو غير قادر على صرف انجازاته الميدانية في السياسة. وهو يعي ذلك تماما قبل أي أحد آخر".

بالمحصّلة، تبدو الأزمة الحكوميّة مفتوحة وطويلة بعد تداخل العقد الداخلية بتلك الاقليمية، ما يفتح الباب على هزّات في مجالات شتى.