لفتت أوساط سياسية مطلعة لصحيفة "الراي" الكويتية، إلى "أنّها لم تعد تتعاطى مع الأزمة الحكومية على أنّها مشكلة "موْضعية"، لا في طبيعتها ولا عناوينها ولا امتداداتها ولا ارتداداتها المحتملة، بل على انّها تعبير عن عملية ارتداد ممنهج على التسوية الّتي كانت أفضَت إلى إنهاء ​الفراغ الرئاسي​ بانتخابِ رئيس الجمهورية ​ميشال عون​ ميشال عون رئيسًا، وعودة رئيس "​تيار المستقبل​" ​سعد الحريري​ إلى رئاسة الحكومة".

وأشارت إلى أنّ "تلك التسوية استندت إلى دعامتين: واحدة سياسية ترتكز على اتفاق مزدوج على وضْع القضايا الخلافية جانبًا، ولا سيما الموقف من ​الأزمة السورية​ وانخراط "​حزب الله​" العسكري فيها، والنأي ب​لبنان​ عن أزمات المنطقة وحروبها. والثانية تحالُفية وتقوم على تفاهُم بين كلّ من "​التيار الوطني الحر​" و"​حزب القوات اللبنانية​ (اتفاق معراب)، وبين "التيار الحر" و"المستقبل"".

ولاحظت الأوساط أنّ "هذه المرتكزات تتعرّض تباعًا وعلى خلفية الأزمة الحكومية، المربوطة بنتائج ​الإنتخابات النيابية​ الأخيرة وما حملَته من تحوّلاتٍ، كما بالمتغيرات في ​سوريا​ خصوصًا، إلى عملية قضْمٍ من تحالُف رئيس الجمهورية و"حزب الله"".

وأوضحت أنّ "هذا ما عبّرت عنه الوقائع الآتية: أوّلًا، سقوط ركيزة وضع القضايا الخلافية جانبًا باستحضار شعار التطبيع مع ​النظام السوري​ كـ"عنصر مكوِّن" في عملية تأليف الحكومة وأحد أبرز عناوين "أجندة عمل" ما بعد تشكيلها، واندفاع فريق الرئيس عون و"حزب الله" إلى الدعوة لإعادة الدفء إلى العلاقات مع دمشق من بوابة ملف النازحين وتصدير البضائع اللبنانية عبر ​معبر نصيب​ (الحدودي بين سوريا و​الأردن​) والشراكة في إعادة إعمار سوريا".

وبيّنت أنّ "ثانيًا، الإنتكاسة المدوّية لسياسة "النأي بالنفس" الّتي جاءت في موازاة تجدُّد الحملات الشعواء ​السعودية​ واتهامها بالتدخّل في الأزمة الحكومية، وتمثّلت في الرسالة وبمكبرات الصوت، الّتي وجّهها "حزب الله" إلى الداخل والخارج عبر المجاهرة بالصوت والصورة باستقبال أمينه العام السيد ​حسن نصرالله​ وفدًا من "​أنصار الله​" اليمنية (​الحوثيين​) ووضعها في السياق الصِدامي مع الرياض وواشنطن".

وركّزت الأوساط على أنّ "ثالثًا، نعي "التيار الحر" اتفاق معراب مع "القوات اللبنانية" إيذانًا بالتحرّر من مقتضياته ولا سيما في شأن تقاسُم الحصص بالتساوي في الحكومة، في موازاة انتقال علاقة الحريري بـ"التيار" إلى مرحلة بالغة البرودة في ضوء الحملات الّتي تعرّض لها رئيس الحكومة و"الكلام الكبير" الّذي قيل في حقّه ونُسب إلى ​رئاسة الجمهورية​".

وأكّدت أنّ "هذه المعطيات تؤشّر إلى أنّ مسار تأليف الحكومة مرشّح لمزيد من التأزّم والتأجيل ولوضع البلاد أمام مخاطر حقيقية في لحظة "التدافع الخشن" بين ​الولايات المتحدة الأميركية​ و​إيران​ الّتي تستعدّ لتلقي دفعة هي الأقسى من العقوبات الأميركية في تشرين الثاني المقبل وسط ترقُّب تضييقٍ إضافي على "حزب الله" المطارَد بعقوبات مماثلة من واشنطن".