اختار رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" النائب السابق ​وليد جنبلاط​ وفاة الصحافي ال​اسرائيل​ي وعضو الكنيست السابق أوري أفنيري، ليكشف عن مراسلات جمعتهما سيعمد إلى نشرها لاحقاً، بحسب ما أعلن عبّر مواقع التواصل الاجتماعي، من دون أن ينتبه إلى أن ما أقدم عليه جريمة يعاقب عليها القانون اللبناني، الذي يمنع التواصل أو التطبيع مع اسرائيل أو أحد رعاياها.

ربما يظن "البيك" أن رفع أفنيري لواء "السلام" أو الدعوة إلى حل الدولتين، اسرائيلية وفلسطينية، يسمح له بالتواصل معه،لا بل الذهاب إلى الإعلان عن هذا الأمر دون تردد، مع العلم أن رئيس "الاشتراكي" لم يكن يخفي إعجابه بالصحافي الإسرائيلي، حيث كان يتولى تسويق مقالاته، فهل يمكن أن يمر ما أعلن عنه مرور الكرام؟.

من حيث المبدأ، من المفترض أن يكون رئيس "الاشتراكي" يدرك، أكثر من غيره، تداعيات ما أقدم عليه، فما الذي يمنع أي لبناني، بعد اليوم، من التواصل مع اسرائيليين، في حال بات هذا الأمر "عادياً" بسبب ما قام به جنبلاط، ومن يضمن ألاّ يكون هذا الشخص عنصراً في جهاز "​الموساد​" يعمل على تجنيد عملاء، بينما جنبلاط نفسه كان قد حذّر، في رسالة إلى الموحدين اللبنانيين بتاريخ 20 تشرين الثاني 2017، من المكالمات التي تأتيهم من اسرائيل، من أشخاص مشبوهين يدّعون الحرص عليهم.

على هذا الصعيد، من الضروري الإشارة إلى أنه خلال مؤتمر "التوعية من المخاطرالاسرائيلية عبرالفضاء السيبراني"،الذي نظمته المديرية العامة للأمن العام في شهر حزيران الماضي، تناول أحد الضباط المشاركين موضوع التوعية من المخاطر الإسرائيلية عبرالفضاء السيبراني، حيث ركزعلى ضرورة توعية المواطنين، خاصة الذين يشاركون في مؤتمرات وإجتماعات قد تضم مشاركين إسرائيليين، من التواصل معهم، وعدم التواصل عبر وسائل التواصل الإجتماعي مع الإسرائيليين، أو قبولهم كأصدقاء عبر هذه الوسائل.

من وجهة نظر مصادر قانونيّة، ما أقدم عليه رئيس "الاشتراكي" يعتبر خرقاً لقانون المقاطعة من المفترض أن تتم متابعته، بالرغم من أن البعض يعتبر أن هذا القانون يحتاج إلى ادخال تعديلات عليه،حيث تؤكد أن المقاطعة كاملة ومطلقة. والقانون اللبناني لا يسمح بالمشاركة في ندوات أو مؤتمرات أو أنشطة رياضية أو ثقافية يتواجد فيها شخص اسرائيلي، فكيف هوالحال بالتواصل مع صحافي وتبادل المراسلات معه، بغض النظر عن المواقف التي يتبنّاها، فهو لحين وفاته كان لايزال يحمل الجنسية الإسرائيلية.

ربما يعمد "البيك"، لاحقاً، إلى القول أن ماحصل كان "لحظة تخلٍّ"، لكن الأكيد أنه وقع في المحظور، بحسب ما تؤكد المصادر نفسها، فالتداعيات قد تكون خطيرة على الواقع اللبناني، نظراً لإمكانية تعميم هذه الظاهرة تحت شعارات "السلام"، فإسرائيل لاتزال، بحسب القانون، عدواً، ولايملك أي فرد أوجهة الحق في تجاوز هذا الأمر، أي كان موقعه السياسي أو الاجتماعي، و"السلام" هو من ضمن الشعارات المستخدمة من قبل أجهزة مخابراته في تجنيد العملاء.

في المحصلة، وقع رئيس "الاشتراكي" في المحظور، وربما يكون من المفيد له تقديم "اعتذار" أو "توضيح"، لكن المطلوب، بأسرع وقت، من ​الأجهزة الأمنية​ والقضائية المعنية تذكير المواطنين بتداعيات مثل هذه الأفعال، كي لاتتحوّل إلى "أعراف"، إلا إذاكان القانون اللبناني لم يعد يُجرّم التواصل أو التطبيع مع إسرائيل. وهنا من المفيد تذكير جنبلاط بدعوته، خلال جمعية عمومية لحزبه في 13 كانون الأول 1999، الى "رفض كل أشكال التطبيع".