اذا كان الدستور يمنح للحكومة المشكلة مهلة شهر لاعداد بيانها الوزاري ونيلها الثقة والا تعتبر مستقيلة، وغير موجودة دستورياً، فلا بد من وجود نص دستوري يعطي الرئيس المكلف مهلة محددة لتشكيل الحكومة او فليستقل بدوره، كما تؤكد اوساط سياسية متابعة لكواليس التأليف الحكومي. وتقول الاوساط ان هناك مطالبة سياسية ونيابية ووزارية وحزبية في فريق 8 آذار والمتحالف مع حزب الله والتيار والعهد وحركة امل بأن يكون هناك رأي للاكثرية النيابية والتي تشكل اكثر ثلثي مجلس النواب واكثر من 80 نائباً منتخبين من الشعب وفائزين بثقة الناس وتصويتهم رغم كل ما شن من هجمات على المقاومة وسلاحها والعلاقة مع ايران وسوريا والمحكمة الدولية وباقي "الترهات" التي باتت "اكاذيب" ممجوجة لم تعد تصرف حتى في اوساط جمهور المستقبل والقوات و"فلول" 14 آذار.

وتشير الاوساط الى ان مباحثات دستورية تجري في صفوف الفريق الحائز على الاكثرية لاعداد جلسة نيابية من شانها ان تفسر الدستور وان تجد المخارج الدستورية لوقف المجزرة الحكومية بحق لبنان وشعبه وايجاد فتوى او عرف يقضي بتحديد وقت تكليف الرئيس . كما تقترح ان يتوجه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى اللبنانيين برسالة واضحة يؤكد فيها خطورة ما يجري على الصعيد حكومياً وان عدم تأليف الحكومة من شأنه ان يفرض واقعاً غير مريح وينبئ بأزمات على المستويات كافة. وفي الرسالة سيطالب عون مجلس النواب الذي كلف الرئيس المكلف سعد الحريري بتحمل مسؤولياته والحث على التأليف السريع او اتخاذ قرار يساعد في التأليف او صدور قرار بتكليف غير الحريري!

في المقابل تؤكد الاوساط ان الحريري ومعه النائب السابق وليد جنبلاط والدكتور سمير جعجع يتكلون على ان الدستور لا يقيد الرئيس المكلف بمهلة محددة زمنياً ولا يمكن اقالته وخصوصاً ان وجود الحريري في السراي طرف من اطراف التسوية الرئاسية والانقلاب عليها من فريق المقاومة والعهد والتيار سيعتبر انقلاباً سورياً وايرانياً على رجال السعودية والاميركيين في لبنان هذا من شانه ان يفجر الاوضاع السياسية والامنية. وتلمح الاوساط الى وجود مخاوف حقيقية من وجود مخطط لاستخدام بعض تكفيريي ادلب وخصوصاً من داعش والنصرة ممن هو مستعد للموت وتفجير نفسه في اي مكان في لبنان للانتقام من حزب الله وايران وعون والتيار وخصوصاً في ظل التواصل بين الدولة اللبنانية والدولة السورية ودفع الرئيس عون والتيار وحزب الله و8 آذار في اتجاه عودة النازحين واستعادة العلاقة الطبيعية مع سوريا. ولا تستبعد الاوساط ان تلجأ بعض القوى الاقليمية المتضررة من فوز محور المقاومة بالانتخابات اللبنانية ومن الانتصارات في سوريا واليمن لتوجه ضربات امنية بتفجيرات انتحارية او اغتيالات لبعض القيادات واحداث فتنة مذهبية او طائفية فأي عملية من هذا النوع من شانها ان تعدم الاقتصاد اللبناني وان تهز البلد كله ولو حدثت في اي مكان في لبنان اكان في الشمال او البقاع او في جونية او في الضاحية او في الجنوب. فالتفجير في البيئة المسيحية يسيئ الى العهد والتيار والتفجير في البيئة السنية والشيعية والدرزية قد يسيء الى المقاومة و8 آذار.

وتقول الاوساط ايضاً ان سيناريو ابقاء الحريري البلد لا معلقاً ولا مطلقاً يبقيه رئيس لحكومة تصريف الاعمال ورئيس مكلف اي رئيس لحكومة مستقيلة ورئيس لحكومة مؤجلة لكنه لن يشكل ويقطّع الوقت فلا هو في وارد السير بحكومة تترجم نتائج الانتخابات والاكثرية وهذا ما يُغضب السعودية والاميركيين في ظل الكباش مع طهران ودمشق. ولا هو في وارد ان يدخل في تجربة حكومة امر واقع تراعي مطالب القوات وجنبلاط ولا تراعي مطالب عون والتيار وبذلك ستواجه الحكومة الفشل ولن تحصل على الثقة النيابية وستسقط ويسقط معها تكليفه.

وتضيف الاوساط في هذه الحالة يبقي الحريري البلد في دوامة الانتظار والتعطيل وبلا حكومة اصيلة والاستمرار في اضاعة الوقت يُضر بالاقتصاد والمالية العامة ويُبدد انتصار الاكثرية النيابية ويأكل من رصيد العهد وتعهداته بالاصلاح ومكافحة الفساد والانماء والكهرباء والاستشفاء وبذلك يخسر هو ايضاً من رصيده. وايضاً لا يمكنه المخاطرة بمخالفة رغبات السعودية بالتعطيل وفرملة البلد وبذلك يخسر غطاءها السني والاقليمي له لذلك هو يغامر بالبلد وبالاستقرار ويحاول التخفيف من الخسائر كي لا يكون مصيره السياسي على المحك. في المقابل بات مطلوباً من الاكثرية النيابية التي "تضج" من الداخل من ممارسات الحريري وعلى رأس هذا الفريق هناك عون وباسيل وحزب الله وهناك مطالبات بأن تأخذ قرارات مصيرية وان تقوم بصدمة ايجابية لوقف هذا النزيف اذ لا يمكن الرهان على تسوية دولية واقليمية قد تكون بعيدة المدى كما لا يمكن التكهن بتسوية لبنانية قريبة قد تفرج عن الحكومة وتقلع بالبلد والعهد.