أكد الكاتب والمحلل السياسي المحامي ​جوزيف أبو فاضل​ أنّ هناك انقساماً داخلياً حول موضوع النزوح السوري ما يشكّل ضرراً داخلياً على لبنان، خصوصاً بعدما بسط الرئيس السوري بشار الأسد سلطته على الأراضي السورية، مشيراً إلى أنّ روسيا أثبتت نفسها كدولة عظمى، وبات لها دور وموقع في المنطقة، وهذا يصبّ في مصلحة اللبنانيين جميعاً بمختلف ميولهم ومشاربهم السياسية.

وفي حديث إلى تلفزيون "روسيا اليوم" ضمن برنامج "استديو بيروت" أداره الإعلامي عمر الصلح، لفت أبو فاضل إلى أنّ المفوضية "السفلى" لشؤون اللاجئين، كما سماها، تحرّض النازحين السوريين على عدم العودة إلى بلادهم، من خلال الأسئلة التي تطرحها على النازحين لتخويفهم، فضلاً عن تلويحها بوقف المساعدات التي تقدّمها لهم الأمم المتحدة في هذه الحالة.

السوريون عرفوا قيمة بلدهم

وشدد أبو فاضل على ضرورة عودة النازحين السوريين إلى بلادهم، لافتاً إلى أنّ السوريين يحبون بلادهم، وهم لا يستعيدون كرامتهم إلا عندما يكونون تحت سماء بلدهم، مشيراً إلى أنّهم عرفوا الآن قيمة بلدهم.

ورداً على سؤال عن مصلحة مفوضية شؤون اللاجئين بتحريض النازحين على عدم العودة، اعتبر أبو فاضل أنّ انتشار اللاجئين هو باب رزق بالنسبة لها، وبالتالي فإنّ مصلحتها تقتضي عدم عودتها، فضلاً عن أنّ ذلك يؤدي إلى استفادة العديد من الأنظمة في أميركا وأوروبا.

وجدد أبو فاضل القول إنّ لبنان ليس لديه القدرة على استيعاب العدد الهائل من السوريين الموجودين على أراضيه، لافتاً إلى أنّ اللبنانيين لم يعد لديهم فرص عمل نتيجة وجود اللاجئين، وهم يسافرون إلى الخارج من أجل العمل.

وزير الدولة لشؤون توطين اللاجئين

وانتقد أبو فاضل وزير الدولة لشؤون اللاجئين معين المرعبي على المواقف التي يطلقها، مشيراً إلى أنّ من الأفضل تسميته وزير الدولة لشؤون توطين اللاجئين. وقال إنّ الوزير المعني بملف اللاجئين يجب أن يكون على علاقة جيدة مع السوريين وليس على عداوة كما هو حال الوزير المرعبي.

وشدّد أبو فاضل على أنّ الدولة اللبنانية تنسّق مع الدولة السورية من خلال المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، بالإضافة إلى اللواء علي المملوك من الجهة السورية، كما أنّ الروس كلّفوا العديد من الأشخاص لتولي هذا الأمر، معتبراً أنّ من غير المنطقي المزايدة على هذا الصعيد ورفض التنسيق الذي تقتضيه مصلحة لبنان.

واعتبر أبو فاضل أنّه إذا كان البعض يريد إسقاط العهد، لا يجوز أن يتمّ استغلال موضوع النازحين بما يعرّض مصالح لبنان للخطر، داعياً الأفرقاء المعارضين للتنسيق مع سوريا، وخصوصاً تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي والقوات اللبنانية، لاستضافة النازحين في بيوتهم إذا كانوا مصرّين على بقائهم.

السعوديون لا يريدون إنجاح الحريري

ولفت أبو فاضل، رداً على سؤال، إلى أنّ الرئيس سعد الحريري لديه ارتباطات بالمملكة العربية السعودية، ملمحاً إلى أنّ السعوديين لا يريدون أن يُنجِحوا الرئيس الحريري كما نجح من قبل أو كما نجح والده الرئيس رفيق الحريري. وأشار إلى أنّ الضغوطات التي يتعرّض عليها هي ضغوطات خارجية، وتحديداً من جانب ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.

وقال أبو فاضل إنه إذا كان الرهان على انسحاب حزب الله من سوريا، فعليهم أن يعلموا أن أحداً لا يستطيع أن يسحب حزب الله من سوريا إلا حزب الله نفسه، وذلك لن يحصل إلا عندما تنتفي الحاجة إلى وجوده في سوريا.

حلفاء سوريا يستفيدون

ونقل أبو فاضل عن الرئيس ميشال عون بعد زيارة قام بها إلى قصر بعبدا قبل ثلاثة أيام، قوله إنّه حرّك العالم في موضوع النازحين السوريين، لافتاً إلى ما يقوم به الوزير جبران باسيل مع نظيره الروسي سيرغي لافروف.

ورداً على سؤال، أيد أبو فاضل كلام الوزير جبران باسيل عن ضرورة مشاركة لبنان في إعادة إعمار سوريا، ونقل عن السوريين قولهم إنّهم لن يسمحوا بدخول من لم يكن معهم إلى سوريا، مشيراً إلى أنّ بقاء الوضع على ما هو عليه في لبنان يعني أن حلفاء سوريا وحدهم من سيستفيدون من فرص إعادة الإعمار.

الفساد ينخر المؤسسات

وفيما اعتبر أبو فاضل أنّ هذه فرصة للبنان يجب أن يغتنمها لإيفاء ديونه وغير ذلك، أكد، رداً على سؤال، أنّ الروس وحلفاءهم قادرون على إعادة إعمار سوريا، مشيراً إلى أنه إذا كانت إمكانيات روسيا محدودة على هذا الصعيد، فهناك الصين على سبيل المثال التي تملك إمكانيات مهمة.

وتحدث أبو فاضل رداً على سؤال آخر، عن ضمانات اقتصادية في لبنان، في مقدمها وجود حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، الذي استطاع أن يحافظ على الوضع النقدي في لبنان، واصفاً الأخير بأنه ممتاز جداً اليوم، على الرغم من كل ما شهده المحيط.

وإذ اعتبر أبو فاضل أنّ المرافق في لبنان مؤهلة جداً للعب دور في إعادة إعمار سوريا، أشار إلى أنّ مشكلة لبنان تكمن في الفساد الذي ينخر المؤسسات، لافتاً إلى أنّ السياسيين في لبنان أفسدوا البلد، وقد أصبحوا أثرياء على حساب اللبنانيين.

روسيا قريبة منّا

وشدّد أبو فاضل على أنّه بعد قمة هلسنكي بين الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين، يبدو أنّ هناك اتفاقاً على أن يكون للروس دور أكبر في سوريا، مشيراً إلى أنّ روسيا دولة مشرقية قريبة منا ومن مشاكلنا، بخلاف أميركا البعيدة عنا، وحتى أوروبا بحضارتها.

ولفت إلى أنّ الوزير باسيل بزيارته إلى روسيا لم يذهب إلى المكان الخطأ، بل على العكس من ذلك، مشيداً بالانفتاح الروسي على المنطقة، وشدّد على وجوب استغلال كل فرصة لبناء مجتمع لبناني له علاقات مع الخارج وعدم حصرها بدول محددة أو معينة.

السعودية لا تقيم وزناً للحريري

وفي موضوع تشكيل الحكومة، اعتبر أبو فاضل أنّ قوى ما كان يعرف بـ 14 آذار لا تريد القول إنّ السعودية هي التي تطلب منهم تأخير تأليف الحكومة، لافتاً إلى أنّ السعودية تفتش الآن عن دور لها في لبنان، ولكنها لا تقيم وزناً للرئيس الحريري، بل تعتبر رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع رجلها الأول في لبنان ومن بعده رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، وهي تهمل الرئيس الحريري ولا تقيم له أي اعتبار.

وأعرب أبو فاضل عن اعتقاده بأنّ العقدة التي تحول دون تأليف الحكومة خارجية وليست داخلية، مشدّداً على أنّ اتفاق معراب الذي يتمّ الحديث عنه ليس ملزماً. ورأى أنّ المشكلة أنّ رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري يرفض حتى الآن تقديم مسودة تشكيلة حكومية، مشيراً إلى أنّ هناك ضغوطات عليها لا أحد يعلم حجمها، ولكن لا بدّ أن ينتفض لكرامته ويقدّم مسودة لرئيس الجمهورية، معتبراً أنّ قضية الحكومة مثل قضية الشرق الأوسط لجهة الولادة المتعثرة.