اعتبر الأمين العام للتنظيم الشعبي الناصري النائب الدكتور ​أسامة سعد​ أن المأزق الذي نحن فيه نتيجة عدم التمكن من تشكيل حكومة حتى الساعة، يدل على فشل النظام الطائفي القائم، كما يدل على عجز الطبقة الحاكمة، مشيرا الى أنه قد مضى حتى الآن أكثر من ثلاثة أشهر على تكليف ​سعد الحريري​ بتشكيل الحكومة، من دون أن تظهر أيّ بوادر على اقتراب موعد إنجاز هذا التشكيل، مرجحا أن يبقى التأليف متعثراً إلى أجل غير مسمى.

ولفت سعد في حديث لـ"النشرة" الى أنه "لم يتضح بعد ما إذا كان رئيس الجمهورية أو المجلس النيابي سيتخذان خطوات معينة بهدف الخروج من المأزق آلراهن"، وقال: "الخلافات حول توزيع الحصص الحكومية على الطوائف وأحزابها تبدو هي العائق أمام إنجاز التأليف، لكننا لاننسى في الوقت ذاته أن لتلك الأحزاب عموماً ارتباطاتها الخارجية الإقليميه والدولية، وهي التي تحدد لها مواقفها تجاه مختلف القضايا والاستحقاقات، بما فيها استحقاق تشكيل الحكومة".

وشدّد سعد على أنه "بات واضحاً تمام الوضوح أن مأزق تشكيل الحكومة، وغيره من المآزق الكثيرة التي يتعرض لبنان لها، إنما هي ناتجة عن طبيعة النظام الطائفي، وعن تركيبة الطبقة الحاكمة. وما كان للعوامل الخارجية أن تفعل فعلها في الوضع الداخلي لولا علاقات التبعيّة لهذه الطبقة بالخارج"، معربا عن أسفه لكون "من يدفع ثمن التأخر في تشكيل الحكومة، وأثمان كل المآزق الأخرى، هو لبنان والشعب اللبناني، ذلك لأن التحديات والمخاطر التي تواجه لبنان في العديد من الميادين، ومن بينها الاقتصادية والمعيشية والمالية، إنما تتطلب وجود حكومة كاملة الصلاحيات لكي تتصدى لها. كما أنه لابد من وجود حكومة قادرة على تحمّل المسؤوليّة في معالجة المشاكل التي يعاني منها اللبنانيون في كل المجالات".

تكتل طائفي أو مذهبي؟!

وردا على سؤال عن عدم انضمامه للتكتل السنّي المحسوب على ​8 آذار​، أكد سعد على أن موقفه ثابت في "رفض الانضمام لأي تكتل طائفي أو مذهبي، كما أعيد التأكيد على اعتراضي على الاصطفافات الطائفية والمذهبية، سواء داخل المجلس النيابي أم خارجه". وقال: "أنا أنتمي إلى طرف سياسي خاض ولايزال يخوض النضال لإلغاء المحاصصة الطائفية في الدولة وتجاوز الانقسامات الطائفية في المجتمع. كما أنتمي إلى تيار وطني ديمقراطي عابر للطوائف والمناطق يناضل لإقامة الدولة المدنية الديمقراطية التي ترتكز على مفهوم المواطنة، وعلى المساواة بين المواطنين بغضّ النظر عن الانتماء الديني أو المذهبي". واضاف: "من الواضح أن القوى الطائفيّة تعمل على فرض هيمنتها على لبنان، وقد تمكنت بواسطة أسلوب تقسيم الدوائر في ​قانون الانتخاب​، وعبر التلاعب بالنظام النسبي، من فرض سيطرتها على المجلس النيابي، غير أن الوطنيين اللبنانيين الرافضين للطائفية لم ولن يفقدوا الأمل، وسيواصلون النضال من أجل الدولة المدنية الديمقراطية بدءاً بالمطالبة بتطبيق المادة 95 من الدستور، وتشكيل الهئية الوطنية لإلغاء الطائفية".

العلاقات اللبنانية-السورية

وتناول سعد ملف العلاقات اللبنانية–السورية، فشدد على ضرورة استعادة هذه العلاقات على قاعدة الاعتراف والاحترام المتبادلين، ومن أجل خدمة المصالح المشتركة للبلدين. وقال: "من المعروف أن المصالح المشتركة بين البلدين كثيرة جداً، وهي تشمل مختلف الميادين الاقتصادية والوطنية والقومية.

وكان ​اتفاق الطائف​ قد دعا إلى إقامة علاقات مميزة بين الدولتين انطلاقاً من الأواصر العديدة التي تجمع بينهما، وفي طليعتها الهوية والانتماء العربيين، إضافة إلى صلات التاريخ والجغرافيا والقربى والمصالح المشتركة".

واعتبر سعد أن "مما لاشك فيه أن لبنان هو بأمس الحاجة في هذه المرحلة للتعاون مع ​سوريا​ لمعالجة مشكله ​النازحين السوريين​ في لبنان، ولفتح الطريق البري أمام الصادرات اللبنانية إلى ​الدول العربية​"، لافتا الى أن "مصالح كل من البلدين تتطلب التعاون في مواجهة الأخطار والتحديات التي تحيط بهما، سواء من جهة العدو الصهيوني، أم من جهة بقايا ​الجماعات الإرهابية​، أم من جهة الأطماع الدولية. كما نرى أنه على الرغم من الانقسام اللبناني حول الموقف من ​النظام السوري​، إلا أن مصالح لبنان تتطلب استعادة العلاقات مع سوريا. أما المعترضون في لبنان على استعادة العلاقات معها فهم يعبرون عن حسابات ومصالح أطراف إقليمية ودولية، لا عن مصالح لبنان".

كفى استغلالاً لقضية النازحين

وتطرق سعد لقضية النازحين السوريين، معتبرا أنها "إحدى القضايا التي باتت ​الولايات المتحدة​ وأتباعها في المنطقة تستخدمها للضغط على سوريا وحلفائها بهدف عرقلة التسوية المطروحة من جهة، والحصول على مواقع نفوذ ومكتسبات من جهة أخرى". وقال: "تستخدم الولايات المتحدة وأتباعها أيضاً للغاية ذاتها قضية الإعمار، ومشكلة سيطرة الجماعات الإرهابية المسلحة على إدلب، والقواعد العسكرية الأميركية في المناطق الشرقية والشمالية من سوريا، والاحتلال التركي لمناطق في شمالي سوريا". وأضاف: "هكذا تلجأ الولايات المتحدة إلى استخدام قضية إنسانية ووطنية هي قضية النازحين لتحصيل مكاسب خاصة في سوريا، وتعمل على تحويلها إلى سلاح في حربها العدوانية عليها.

أما المصلحة اللبنانية والسورية المشتركة فتتطلب التعاون بين الحكومتين من أجل عودة النازحين عودة آمنة إلى بلدهم. ومن المؤكد أن روسيا تتحرك في هذا المجال بالتنسيق والتكامل مع ​الحكومة السورية​. أما الكلام المتداول في أوساط سياسية لبنانية معروفة عن مبادرة روسية بعيدة عن الحكومة السورية فهو كلام لاصلة فعلية له بالواقع".

وتوجه سعد الى الساسة اللبنانيين الرافضين للتعاون مع الحكومة السوريّة لإعادة النازحين، والمعترضين لسبب أو لآخر على مبدأ العودة في هذه المرحلة، مطالبا اياهم بإعادة النظر بمواقفهم، قائلا لهم: "كفى استغلالاً لقضيتهم، وكفى تضحية بمصالح لبنان إرضاءً للخارج".

حال الاقتصاد...

وأشار سعد الى أن "الأوضاع الاقتصادية في أسوأ حال، من انهيار الصناعة والحرف، وبوار المواسم الزراعية، وتراجع السياحة، إلى كساد التجارة، وإلى سوى ذلك من الأزمات"، معتبرا أن "اللبنانيين يعانون أشد المعاناة من تردى الأوضاع المعيشية، كما يعانون من تراجع الضمانات الاجتماعية والصحية أو غيابها، ومن انهيار الخدمات العامة، وأزمات الكهرباء والماء والنفايات، وفوق كل ذلك من الفساد المستشري في كل مكان، ولاسيما في أوساط السلطة وأزلامها". وأضاف: "وقد جاءت المآزق السياسية المتلاحقة، من احتجاز رئيس الحكومة في الرياض، إلى الفشل في تشكيل الحكومة الجديدة، لتزيد من حجم التردّي الاقتصادي ونتائجه وآثاره في كل المجالات".

واعتبر أن "الإجراءات المتخذة من قبل ​مصرف لبنان​ لحماية النقد الوطني فهي إجراءات لا يمكن لها أن تستمر إلى ما لانهاية، فضلاً عن كون بعض تلك الإجراءات، مثل رفع سعر الفائدة، يساهم في الانكماش الاقتصادي، كما يؤدي إلى انخفاض القيمة الشرائيّة للعملة الوطنية". وقال: "من غير الممكن على المدى المتوسط والبعيد حماية الليرة من دون إعادة تنشيط الحركة الاقتصادية بالاستناد إلى قطاعات الإنتاج الحقيقي، كالصناعة والحرف و​الزراعة​ والسياحة وغيرها من قطاعات الإنتاج القادرة في الوقت ذاتة على تأمين الوظائف للشباب اللبناني الذين وصلت معدلات البطالة والهجرة في صفوفهم إلى مستؤيات مخيفة".

مافيا النفايات!

وتناول سعد مشكلة النفايات، فشدّد على أنها "ليست مشكلة مستعصية على الحل من الناحية العلمية والتقنية والعمليّة. فلقد سبقتنا دول عديدة من دول العالم المتقدمة وغير المتقدمة إلى إيجاد حلول فعالة لهذه المشكلة، حيث جرى تحويل النفايات إلى مورد كبير الأهمية للاقتصاد الوطني. وأصبح قطاع النفايات يشمل صناعات التدوير، وإنتاج الأسمدة، وتوليد الطاقة الكهربائية، فضلاً عن استيعاب أعداد لايستهان بها من العمال والموظفين. هكذا جرى تحويل النفايات من نقمة إلى نعمة". واعتبر أنه في لبنان "المشكلة ليست في النفايات بحد ذاتها، بل في المافيا المسيطرة على هذا القطاع وبتغطية من قبل السلطة. ومن الواضح أن قطاع النفايات ليس القطاع الوحيد الذي بات تحت سيطرة المافيات، بل إن سيطرتها قد امتدت إلى قطاعات أخرى يعرفها اللبنانيون تمام المعرفة". وقال: "اختبرنا بشكل ملموس في ​مدينة صيدا​ حجم هذه المافيا ومدى اتّساع نفوذها في مختلف الوزارات والمؤسسات والأجهزة الرسمية، فضلاً عن تأثيرهما على بعض الإعلام والخبراء. مع ذلك خضنا مواجهات إعلامية وشعبية وميدانية ضد هذه المافيا دفاعاً عن صحة الناس وسلامة البيئه وعن أموال الدولة والأملاك العامة. ونجحنا في دفع وزارة البيئة إلى مطالبة الشركة المالكة لمعمل النفايات في صيدا بإجراء عشرات التصليحات والإضافات على تجهيزات المعمل والتحسينات على أدائه. ونحن مستعدون لمتابعة التحرك حتى تنفيذ الإجراءات المطلوبة وتأمين سلامة البيئة، ورفع الضرر عن الناس ومصالحهم، ووقف نهب المال العام".

وختم قائلا: "قياساً على ما قمنا به في صيدا حتى الآن يبدو واضحاً أن المعركة ضد مافيا النفايات في لبنان عامة، وضد خطر المحارق الداهم بشكل خاص، تتطلّب الأمور المزيد من النضال والمواجهة، ذلك لأن هذا المافيا تحظى، كما سبق القول، بالرعاية والدعم والاحتضان من قبل أوساط نافذة داخل السلطة وخارجها".