على الرغم من أن الكثيرين يعتبرون التأخير الحاصل في ​تشكيل الحكومة​ يضر برئيس الحكومة المكلف ​سعد الحريري​ على أساس أنها حكومته الأولى بعد الإستحقاق الإنتخابي، الا أنه يبدو المستفيد من الواقع الحالي على المستوى الشعبي، لا سيما في الأوساط السنيّة، خصوصاً مع بدء تحول المواجهة إلى معركة صلاحيات.

في هذا السياق، يمكن رصد أن أغلب القوى والشخصيات السنيّة تضع خطوطاً حمراء، حول ما يُطرح عن ضرورة تحديد مهلة زمنية لرئيس الحكومة المكلف، خصوصاً تلك التي لا تدور في فلك تيار "المستقبل"، نظراً إلى أن الأمر حسب نظر هؤلاء يوضع في إطار "التعدّي" على صلاحيات "موقع الطائفة الأول" في الدولة، كما أن الأوساط المحسوبة على ​دار الفتوى​ ليست بعيدة عن هذا التوجه.

قبل الإنتخابات الأخيرة، كان هناك 3 نواب سُنة نجحوا في الدخول إلى المجلس النيابي من دون التحالف مع تيار "المستقبل": قاسم هاشم، الوليد سكرية، كامل الرفاعي. أما اليوم فهناك 10 نواب نجحوا في الأمر من دون التحالف مع "المستقبل"، لا بل أن معركتهم كانت، بالدرجة الأولى، معه.

في هذا السياق، تشير مصادر سياسية مطلعة، عبر "النشرة"، إلى أنه على الرغم من أن النواب المعارضين لتيار "المستقبل" يسعون إلى فرض تمثيلهم في الحكومة عليه بأيّ وسيلة، إلا أنهم لا يملكون القدرة على القبول بأيّ تعرض لما يعتبرونه من صلاحيات رئيس الحكومة، بالنسبة إلى مهلة التأليف غير المنصوص عنها في الدستور، نظراً لما يقال أنّها تداعيات قد تترتب على هذا الأمر.

بالإضافة إلى ذلك، تؤكد المصادر نفسها أن تحويل العقد، التي تحول دون تأليف الحكومة، من صراع على الحصص إلى خلاف حول النظرة إلى العلاقة مع ​سوريا​ يصب في مصلحة الحريري، سواء كان ذلك على المستوى الشعبي أو على مستوى العلاقة مع بعض القوى الإقليمية والدولية الداعمة له، من دون تجاهل عامل توجيه الإتهامات إلى المملكة العربية ​السعودية​، بالوقوف وراء مطالب كل من "​الحزب التقدمي الإشتراكي​" وحزب "القوات اللبنانية".

من وجهة نظر هذه المصادر، الحريري مرتاح إلى نظرية أن لا بديل عنه لرئاسة الحكومة المقبلة، ما تؤكد عليه أغلب القوى السياسية الفاعلة، بغض النظر عما يُطرح من دعوات إلى سحب التكليف منه من قبل البعض، فهو يدرك أنها ليست جديّة بل تأتي في سياق الضغط عليه لتقديم تنازلات معيّنة لا أكثر.

بالنسبة إلى المصادر السياسية المطلعة، لا يملك رئيس الحكومة المكلف القدرة على تقديم التنازلات المطلوبة منه في الوقت الراهن، لا سيما أنها ستكون من دون ثمن أو مقابل على ما يبدو، فما الذي يدفعه إلى الموافقة على تطبيع العلاقات مع سوريا، طالما أن الأخيرة تضع "فيتوات" على مشاركة القوى التي كانت في الموقع المعارض لها في السنوات السابقة في اعادة الاعمار، أي أنه لن يكون من المستفيدين من مشاريع إعادة الإعمار فيها؟!.

بالإضافة إلى ذلك، ترى هذه المصادر أن لا مصلحة له بالدخول في مواجهة مع "الإشتراكي" أو "القوات"، عبر تقليص حصتهما في الحكومة، بينما هو يحتاج إلى وقوفهما إلى جانبه عند طرح الملفات الخلافية على طاولة مجلس الوزراء، بالرغم من حرصه بالحفاظ على العلاقة التي تجمعه مع "​التيار الوطني الحر​" ورئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​، وتضيف: "هو لا يريد المواجهة مع أي جهة، لكن في المقابل لا يريد المغامرة في خسارة أي تحالف، لا سيما أن الأوضاع على مستوى المنطقة لم تتضح بعد، بل هي مرشحة إلى المزيد من التعقيد".

في المحصّلة، ترى المصادر نفسها أنه في ميزان الربح والخسارة، ليس هناك ما يشجع رئيس الحكومة المكلّف على تقديم تنازلات، سواء بالنسبة إلى العلاقة مع سوريا أو بالنسبة إلى الضغط على حلفائه أو بالنسبة إلى إمكانية خسارته لموقعه، وبالتالي هو يفضل البقاء في مرحلة التريث، من دون أن يقع في "فخّ" المواجهة مع باقي الأفرقاء.