منذ سنوات تلوثت مياه ​نهر الليطاني​ وبدأت عملية المعالجة عبر عقد الإجتماعات وتشكيل اللجان الفنية والنيابية. بالعشرات هي الجلسات التي عقدتها ​لجنة الأشغال​ والطاقة والمياه النيابية للبحث بملف تلوث الليطاني، وبالعشرات أيضاً هي التوصيات التي صدرت عنها. بالعشرات هي اللجان التي شكّلت لهذه الغاية وستُشكّل، كل ذلك من دون أن يعود "مجرور" الليطاني نهراً، والسبب ببساطة أولاً، مرتبط بعدم تطبيق القوانين وآخرها القانون رقم 63، من قبل ​مجلس الوزراء​ مجتمعاً، وثانياً من قبل الوزارات والإدارات المعنية وعددها ثماني، وثالثاً من قبل ​القوى الأمنية​ ورابعاً وأخيراً من قبل السلطات القضائية.

تخيّلوا على سبيل المثال لا الحصر كيف أن ​مصرف لبنان​، وبالتنسيق مع المصارف، خصص للمصانع الملوِّثة لليطاني قروضاً مالية مدعومة وبفوائد مخفّضة لتشجيعها على معالجة ​نفايات​ها، لكن معملاً واحداً لم يستفد من هذه القروض وبقيت رواسب 261 مصنعاً مرخصاً و117 مصنعاً من دون رخص ترمى في مجرى النهر، كل ذلك من دون أن يزيد عدد المصانع التي أُقفلت موقتاً بسبب تلويثها النهر عن 27 فقط!.

الى ذلك، فإنّ ​مصلحة الليطاني​ المسؤولة عن النهر توجّه وبوتيرة شبه أسبوعية الكثير من الإنذارات الى المؤسسات الملوِّثة كي تسوّي أوضاعها، وكذلك تفعل مع البلديات التي حوّلت مجاريرها الى مجرى النهر، ولكن من دون أن يلتزم أحد بهذه الإنذارات والكتب والتنبيهات، ومن دون أن تتحرك الأجهزة الأمنية والوزارات المعنية!.

وفي هذا السياق أيضًا، تُرمى في الليطاني زيوت محطّات المحروقات ونفايات المستشفيات ومغاسل الرمول والمسالخ، ومن الليطاني نفسه يروي مجرمون ينتحلون صفة ​المزارعين​ مساحات واسعة من الأراضي المزروعة في البقاع، ولا يُتلف من محصول هذه المنتجات المسمومة إلا القليل القليل، وهنا يسأل مصدر زراعي بارز، "كيف يمكن أن نصدق بيانات ​وزارة الزراعة​ عن تلف المزروعات ومحاسبة المرتكبين ما دامت نسبة هؤلاء ترتفع سنوياً بدلاً من أن تنخفض؟ ولو كانت العقوبة ومحاضر الضبط موجِعة مادياً ألم يكن من الطبيعي أن تنخفض نسبة المخالفات بدلاً من إرتفاعها"؟.

في الأرقام، وبتاريخ 27 تشرين الأول 2016 أقر مجلس الوزراء القانون رقم 63 المتعلق بـ"تخصيص اعتمادات لتنفيذ بعض المشاريع وأعمال الاستملاك العائدة لها في منطقة حوض نهر الليطاني من المنبع إلى المصب"، أي القانون المعروف بقانون الـ1100 مليار. 1100 مليار ليرة لبنانية، أي 734 مليون دولار أميركي، يضاف إليها قرض البنك الدولي بقيمة 55 مليون دولار ليصبح المبلغ المرصود لعملية معالجة التلوث في حوض نهر الليطاني و​بحيرة القرعون​ 789 مليون دولار، يضاف إليها أيضا، مئات الملايين من الدولارات على شكل هبات وقروض من عدد كبير من الجهات المانحة والممولة، المخصّصة لمشاريع لها علاقة مباشرة أو غير مباشرة بمعالجة أسباب ​تلوث نهر الليطاني​ وبحيرة القرعون. قريباً جداً سيبدأ هذا القانون عامه الثالث، أليس من الطبيعي أن تصارح الجهات المعنيّة اللبنانيين بما تحقق حتى اللحظة من "إنجازات" على صعيد تنظيف النهر، وكيف تصرف الأموال والى أين تذهب؟.