ليس السجال الذي اندلع مؤخرا بين النائب عن تكتل "​لبنان القوي​" ​زياد أسود​ والنائب عن تيار "المستقبل" ​محمد الحجار​ بعيد انتقاد الأول طول أمد ​تشكيل الحكومة​، الا غيضا من فيض ما يختلج قلوب العونيين والمستقبليين على حد سواء. فالطرفان اللذان لم يتقبلا تماما بعد هذا التحالف السياسي الذي جمعهما غداة التوصل للتسوية الرئاسية الشهيرة في العام 2016 التي أدّت لانتخاب العماد ​ميشال عون​ رئيسا للجمهورية وتسمية ​سعد الحريري​ رئيسا للحكومة، يخاطران عند كل مفترق طرق بتوجيه ضربة قاضية له، لولا تدخل القيادات لاستيعاب أي سجالات وسحب فتيل الانفجار الذي يعتقد كثيرون أنه مهما تأخر فهو آت في النهاية.

وقد نجحت قيادة تيار "المستقبل" في الآونة الأخيرة في سياسة ضبط النفس التي اتبعتها بعد اعلان الرئيس عون أنه لن يتنظر بعد الأول من ايلول وما تلاها من "دراسة" أعدها وزير العدل ​سليم جريصاتي​ بيّنت الخطوات التي قد تلجأ اليها الرئاسة الأولى في حال استمرت المراوحة الحكومية على حالها. وبحسب المعلومات، فان امتعاضا كبيرا كان ولا يزال مسيطرا في "البيت الأزرق" مما تم تداوله في هذا الاطار، وهو ما استدعى تحرك قوى من خارج تيار "المستقبل" للتنبيه من التعرض لصلاحيات رئيس الحكومة المكلف، قبل صدور البيان الحازم الأخير عن اجتماع الكتلة، والذي حاول تنفيذ ضربة على عالمسمار وأخرى على الحافر من خلال التحذير من تجاوز البعض أحكام ​الدستور​ عبر اطلاق المواقف، على الرغم من كل التأكيدات عن عدم اعتذار الحريري عن تأليف الحكومة، أو تكليف ​مجلس النواب​ بخطوات لدفعه في هذا الاتجاه. وقد بدا واضحا ان دعوة الكتلة للكف عن أساليب تخريب العلاقات الرئاسية، محاولة لاستيعاب مواقف عون الأخيرة من خلال تحميل المحيطين به من "طباخين دستوريين" مسؤوليتها.

ويشبه الاحتقان المسيطر داخل "البيت المستقبلي" الى حدّ كبير ذلك المسيطر داخل البيت العوني، علما ان هذا الأخير بلغ مستويات أكبر، مع وصول العونيين لقناعة بأن الحريري يتعرّض لضغوط خارجية تمنعه من التشكيل، وهو ما بات نواب وقياديو "​التيار الوطني الحر​" يعلنونه صراحة بعدما كانوا يتجنبون الحديث عنه في المرحلة السابقة. لكن التعليمات التي وصلت من القيادة يبدو أنها تقتصر على وجوب وصف العقدة بالخارجية من دون تحديد الدولة المعنية بالتصريحات العلنية، اتاحة لفرصة استيعاب الوضع وتسهيل مهمة رئيس الحكومة المكلف بدل تصعيبها وصولا لامكانية نسفها بالكامل في حال قرار "التيار" ورئيس الجمهورية تسمية الأمور بأسمائها، وهو ما تؤكد مصادر عونية أنه "أمر سيحصل في القريب العاجل في حال لم يُسفر الحراك والمساعي الحالية للحريري عن فتح ثغرة في جدار الأزمة، لأنه عندها نتأكد بما لا يقبل الشك وجود ضوء أحمر اقليمي يمنعه الحريري من اتمام مهمته، سواء من خلال دعم مطالب "القوات" و"التقدمي الاشتراكي" التي تفوق حجمهما أو من خلال السعي للتعطيل بهدف عرقلة انطلاقة العهد".

بالمحصلة قد لا ينفع الحديث بعد اليوم عن احتقان عوني–مستقبلي مستور، خاصة وأن الأمور باتت مكشوفة في ظل استعداد كل من الطرفين لتسمية الطرف الآخر بالاسم كمعرقل لعملية تشكيل الحكومة في حال عدم نجاح الحراك الحريريّ الحالي. وايلول لناظره قريب.