بدأ أيلول وارتفعت معه توقعات اللبنانيين بما سيحمله هذا الشهر من تحرك رئاسي سياسي فاعل يساهم بحل الأزمة الحكومية التي باتت كارثية على صعيد كل القطاعات، المالية، الاقتصادية والاجتماعية. ولكن لا شيء يُنذر باقتراب الوصول للحلّ، الا اذا استثنينا تصريح البطريرك ​مار بشارة بطرس الراعي​ بعد زيارته ​الرئيس ميشال عون​ في بعبدا بأن رئيس ​الحكومة​ المكلف ​سعد الحريري​ سيحمل تشكيلة حكومية الى عون خلال يومين.

جاء تصريح البطريرك من خارج السياق العام، الذي يؤكد بأن الحكومة لا تزال تعاني من نفس العقد القديمة ولن تسلك طريقها نحو التشكيل قريبا، ولكن يبدو أن الراعي قد تقصّد بثّ اجواء إيجابية علّها تساهم بالضغط على الحريري لتقديم تشكيلة حكومية ما تحرّك المياه الراكدة.

ينتظر اللبنانيون ما سيقوم به رئيس الجمهورية لمواجهة الازمة الاكبر على لبنان منذ مدة، رغم أنه يعاني من نقص في الصلاحيات الممنوحة له للتحرّك، اذ كما بات معلوما فإن سحب تكليف الحريري لا يمكن أن يحصل عبر وسائل دستوريّة، كون الدستور لم ينص على مثل هذا الفعل كما لم ينص على مدة محددة لرئيس الحكومة المكلف كي يشكّل حكومته، الا أن مصادر سياسية مطلعة تؤكد عبر "النشرة" أن الرئيس لن يقف متفرّجا على بلد ينهار، خصوصا بظل شعور عون بالمسؤولية تجاه اللبنانيين الذين وضعوا ثقتهم به وينتظرون منه إخراجهم من النفق الأسود الذي يرونه قريبا. وتشير المصادر الى أن الرئيس بات يملك رؤية موحّدة حول أسباب الوضع السياسي القائم والتحرك السياسي المقبل مع الفريق الشيعي المتمثل ب​حركة أمل​ و​حزب الله​، بعد أن كانت وجهات النظر متباعدة في الشهر الماضي، اذ بات معلوما لهذا الفريق بأن الحريري لا يملك وحيدا قدرة حل الازمة المتشعبة داخليا وخارجيا.

مع انتهاء آب لا بد من الاشارة بحسب المصادر الى أن الملفّ الحكومي المرتقب أمام سيناريوهين:

-الاول، هو الذهاب إلى تشكيل حكومة قبل موعد سفر رئيس الجمهورية إلى ​الولايات المتحدة الأميركية​ في الثلث الثاني من أيلول، من أجل المشاركة في إجتماعات ​الجمعية العامة للأمم المتحدة​، وهو الأمر المستبعد في ظلّ إستمرار الواقع على ما هو عليه بالنسبة إلى العقد الداخلية والخارجية.

-الثاني، هو عدم ​تشكيل الحكومة​ قبل هذا الموعد، ما يعني أنها لن تولد في شهر أيلول، الأمر الذي سيخلق عراقيل جديدة أمام مسار التأليف، نظراً إلى التوترات والاستحقاقات التي من المتوقع أن تشهدها المنطقة في المرحلة المقبلة.

وتلفت المصادر نفسها إلى أنه على الرغم من عدم صدور حكم جديد عن ​المحكمة الدولية الخاصة بلبنان​ في شهر أيلول، إلا أن المرافعات الختامية ستكون هي الحدث الأبرز، مع ما قد تتضمنه من أمور قد لا تكون في الحسبان، بالإضافة إلى ذلك يوجد السؤال حول كيف سيكون عليه المشهد الداخلي والاقليمي مع إقتراب الدفعة الجديدة من ​العقوبات الأميركية​ على الجمهورية الإسلامية الإيرانية، والتي ستتناول القطاع النفطي بشكل أساسي في اوائل شهر تشرين الثاني، هذا الى جانب التوتر القائم على مستوى الساحة السوريّة، مع إقتراب موعد معركة إدلب، التي قد تكون المعركة الأخيرة بعد 7 سنوات من الحرب.

وتخلص المصادر الى القول بأن "كل هذه التحولات ستفرض نفسها على الواقع السياسي اللبناني، نظراً إلى أن بيروت ليست ساحة معزولة عن محيطها، وبالتالي فإن كل تأخير في تشكيل الحكومة سيساهم بازدياد المشكلات لا إنقاصها".