لفتت صحيفة "الخليج" الاماراتية إلى أن "الهوة بين ضفتي الأطلسي تتسع، ويبدو أن لا أمل في المستقبل القريب بالتخفيف من حدة الخلافات بين ​الولايات المتحدة​ ودول ​الاتحاد الأوروبي​، طالما ينظر الرئيس الأميركي ​دونالد ترامب​ إلى ​أوروبا​ على أنها تمثل عبئاً، وأن بلاده غير مستعدة لتحمل أعباء غيرها مجاناً، وطالما ترى أوروبا أن ترامب يناصبها العداء لأنه يكره الاتحاد الأوروبي ويشجع على تفكيكه، إضافة إلى أنه يخرج عن سياسات أميركية تاريخية كانت قد ترسخت منذ الحرب العالمية الثانية بين ضفتي الأطلسي".

وأشارت إلى أنه "لم تعد حالة عدم الثقة والشكوك في المواقف الأميركية خافية على أحد، والخلافات خرجت إلى العلن من خلال التصريحات والمواقف لقادة الجانبين، إلى درجة أن حالة عدم الثقة تحولت إلى قلق وهواجس لدى العديد من القادة الأوروبيين، وخصوصاً في ​ألمانيا​ و​فرنسا​. بل إن هذا الأمر كان جلياً خلال قمة حلف الأطلسي التي انعقدت في ​بروكسل​ في منتصف شهر تموز الماضي ؛ حيث ظهر التباين في المواقف إزاء العديد من القضايا، وخصوصا ما يتعلق بأمن أوروبا، وميزانية الحلف، ومحاولة ترامب تدفيع الدول الأوروبية المزيد من الأموال، إضافة إلى عدم التشاور والتنسيق بخصوص الأزمات العالمية التي تتفرد الولايات المتحدة باتخاذ القرار بشأنها، ما يعني أنه لا يريد مشاركة أوروبا في القضايا الدولية كي تكون بعيدة عن أي ترتيب للنظام الدولي الجديد ولأن الدول الأوروبية بدأت تدرك أنه لا يمكن الاعتماد على الولايات المتحدة في أمنها،ولأنها باتت تشك في نوايا ترامب إزاء الوحدة الأوروبية من خلال تشجيعه ​بريطانيا​ على الانسحاب من الاتحاد بأي ثمن، ودعم مختلف الأحزاب الأوروبية المتطرفة للوصول إلى الحكم، ويحرض دول ​أوروبا الشرقية​ التي انضمت إلى الاتحاد الأوروبي بعد تفكك الاتحاد السوفييتي على اتخاذ مواقف مناهضة لفرنسا وألمانيا داخل الاتحاد كي تقف في مواجهة تطوير الاتحاد وإصلاحه كما ترغب ألمانيا وفرنسا،ولأن كل ذلك يحصل علانية الآن، فقد أخذت الأصوات الأوروبية ترتفع داعية لأن تتولى أوروبا أمنها بنفسها من دون الاعتماد على الولايات المتحدة".

وأفادت بانه "عندما يطالب الرئيس الفرنسي ​إيمانويل ماكرون​ خلال اجتماعه قبل أيام بسفراء فرنسا في الخارج ببناء قوة أوروبية بعيداً عن ​واشنطن​، وقوله أنه لا يمكن لأوروبا بعد الآن الاعتماد على الولايات المتحدة في توفير احتياجاتها العسكرية ،وإعلان استعداده لتقديم مبادرة في وقت قريب تتضمن مراجعة للسياسات الأمنية والدفاعية لأوروبا، فهذا يعني أن عملية ​الطلاق​ تتم على عجل بين الحليفين السابقين، وخصوصاً بعدما شن ترامب حرباً تجارية على دول العالم لم يستثن الحليف الأوروبي منها ومعركة أوروبا لتأكيد استقلاليتها عن الولايات المتحدة ما زالت في بدايتها، لكنها ستكون طويلة وصعبة، في حين يقول ماكرون إن هذه المعركة ستكون في صلب عمل فرنسا خلال ولايتي".