لم ينتظر رئيس "​الحزب الديمقراطي اللبناني​" وزير المهجرين في حكومة ​تصريف الأعمال​ النائب ​طلال أرسلان من يطرق بابه، لسؤاله عما اذا كان يقبل بأن يتفق مع رئيس الحزب "​التقدمي الاشتراكي​" النائب السابق ​وليد جنبلاط​ على تسمية وزير درزي وسطي، لحل ما بات يُعرف بالعقدة الدرزية التي تؤدي وغيرها من العقد الى تأخير ​تشكيل الحكومة​. هو استبق أي سؤال من هذا النوع بموقف حاسم، أكد فيه رفضه أي طرح مماثل جملة وتفصيلا، حتى أنه ذهب أبعد من ذلك باعتبار أن "كلّ من يحاول طرح ما يُسمّى بأسماء وسطيّة في التمثيل الدرزي هو حصان طروادة للعهد وتوجّهات العهد".

واذا كان الموقف الارسلاني هذا يوحي باشارات ما وصلت الى خلدة، لجهة امكانية سير مقربين من العهد بتسوية تقضي بتوافق جنبلاط وارسلان على تسمية شخصيّة درزيّة وسطيّة تتولى المقعد الدرزي الثالث في الحكومة، الى جانب شخصيتين يختارهما "التقدمي الاشتراكي" تتوليان المقعدين الآخرين، الاّ ان مصادر "الديمقراطي اللبناني" تنفي تماما أن يكون ارسلان قصد بحصان طروادة أيّا من الوزراء او النواب العونيين، "وبالأخص وزير الخارجيّة في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل الذي يقف الى جانبنا كالسيف"، لافتة الى ان "أي شخص قد يفكر بطرح "تسوية" مماثلة هو هذا الحصان الذي يستهدف العهد اولا قبل أن يستهدفنا".

ويضع ارسلان على ما يبدو يديه في "مياه باردة" لاقتناعه بأن هناك من يسانده بحربه، أو حتى يخوضها بدلا عنه، باعتبار ان اعطاء جنبلاط الحصة الدرزية كاملة يعني اعطاءه حق تطيير الحكومة من خلال ورقة الميثاقيّة، وهو ما لن يقبل به بتاتا رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​ ورئيس التيار "الوطني الحر"، لذلك ترى المصادر ان رئيس "الديمقراطي اللبناني" يستكمل مواجهته في صفوف خلفية، وان كان ما تم تداوله مؤخرا عن اعادة احياء طرح "الوزير الدرزي الوسطي" جعله مستنفرا خاصة وأن ذلك يتزامن مع حراك جديد لرئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، يبدو الأكثر جدية مقارنة بكل ما سبقه.

وتشدد مصادر ارسلان على ان لا شيء اسمه "وسطي" لدى الدروز، "كما اننا في مرحلة حدد فيها رئيس الحزب الخيارات الاستراتيجية لدروز سوريا ولبنان وفلسطين، ولا يمكن الاّ تكون ممثلة في ​الحكومة اللبنانية​ الجديدة"، قائلة: "اذا كان الخط السياسي الأقوى في المنطقة لن يتمثل بوزير درزي في الحكومة يُعلن انتماءه على رأس السطح، فذلك يعني اننا في مشكلة حقيقيّة". وتكشف المصادر عن "لقاء كبير ونادر يتم الاعداد له سيشكل سابقة على الصعيد الدرزي"، رافضة اعطاء اي تفاصيل حتى انتهاء التحضيرات له.

ويُقابل التصلب الارسلاني بالملف الحكومي تصلبًا جنبلاطيًّا، ما يؤكد ألاّ مكان للحلول الوسط لهذه العقدة، بالرغم من كون "التقدمي الاشتراكي" أكثر قبولا للسير بتسوية الوزير الوسطي التي على ما يبدو أنّ رئيس المجلس النيابي نبيه بري يسوّق لها. ولا شك أن حزب الله ليس بعيدا كثيرا عن هذا المشهد، وان كان هو أيضا لا يزال يجلس في الصفوف الخلفيّة للمواجهة، تاركا تلك الامامية للرئيس عون والوزير باسيل، اللذان تحولا رأس حربة في المواجهة مع جنبلاط. والأرجح أن الحزب لا يرحب كثيرا بحل "الوزير الوسطي" ويتمسّك بتوزير شخصية درزية محسوبة على "محور المقاومة".

بالمحصلة، يُخطىء من يعتقد أن حلّ العقدة المسيحية سيؤدي لحلول تلقائيّة للعقدتين السنيّة والدرزيّة، ولعل الاستمرار في سياسة تبسيط هذه العقد وتجاهلها سيرتدّ سلبا على من ينتهجها.