في الوقت الذي يحزم فيه العديد من النازحين السورين أمتعتهم للعودة الى بلادهم، يبرز مبنى في بلدة ​كفرجوز​ الجنوبية يطلق عليه النازحون، "السفارة السورية"، وهو متداعٍ مؤلف من ثلاثة طبقات تقطنه 10 عائلات سوريّة، لكن ما يثير الاستغراب أنهم يوكلون إلى أحدهم، الذي يحمل صفة "الشاويش"، مهمة إقفال الباب الرئيسي له عند الساعة العاشرة من كل ليلة، مانعاً الزيارات الخارجية لسكان البناية أو الزيارات الداخلية بين قاطنيها. وهؤلاء السكان معظمهم لا يودّ العودة إلى بلاده، متذرّعين بعوائق تعترض عودتهم، منها "كسر" الإقامة وإنجاب الأطفال خلال فترة النزوح.

مبنى "السفارة" ترتفع عليه صور الامام موسى الصدر ورئيس المجلس النيابي نبيه بري، بالإضافة إلى أعلام "حركة أمل"، لكن المدهش أن قاطنيه يملكون سيارات غير مسجّلة في الدوائر اللبنانية تحمل أكثر من وكالة بيع، فضلاً عن اقتنائهم دراجات ناريّة تصطف ليلاً أمام المبنى، ذات صوت مزعج، يتنقلون عبرها إلى أعمالهم وأحياناً ينقلون نساءهم وأولادهم على متنها ولو كانوا خمسة أشخاص غير عابئين بحوادث السير المفترضة.

على مقربة من مبنى ما اصطلح على تسميته بـ"السفارة" كاراجات يقيم فيها نازحون، يسهرون خلال ساعات الليل وسط حديقة عامة أقامتها بلدية النبطيّة في ساحة كفرجوز، كانت البلدية قد وضعت فيها مقاعد للراحة، عمد الأولاد والفتيان من سكان "السفارة" إلى تكسير مقعدين منها، بشكل أثار استغراب من يزور المكان في المحلّة، فطالبوا بتقييد حركة النازحين بعد أن ارتفعت نسبة الخلافات والمشاكل التي يتسببون بها.

في هذا السياق، يروي أحد سكان "السفارة" أبو ماهر، عبر "النشرة"، أنه يقيم في المبنى لأن اجرة الشقة فيها تصل إلى مئة دولار شهرياً، مع العلم أنها تفتقد لأدنى مقوّمات السكن، وهو يتمهل في العودة إلى بلدته في ريف حلب بانتظار انقشاع الغيوم الملبّدة على مستوى المنطقة، مشيراً إلى أننا "ننتظر ما ستؤول اليه الأمور في ادلب"، موضحاً أن مبنى "السفارة" كان مركزاً لـ"حركة أمل" في السابق وما تزال تُرفع فوقه أعلام الحركة وصور رئيس المجلس النيابي، ما يعتبره "عامل اطمئنان لنا رغم وقوع عدة اشكالات في السابق بين سكان البناية وعدد من المارّة".

من جانبه، يعتبر أبو سامي، سوري يقطن في منزل قريب من "السفارة"، في حديث لـ"النشرة"، أن العديد ممن يسكنون المبنى مطلوبون للأمن السياسي في ​سوريا​، ولهذا السبب يتذرّعون بحجج واهية، مشيراً إلى أن أغلبهم يقبض بدل المنازل المستأجرة ومساعدات تموينية من عدة جمعيات للأمم المتحدة، التي جدّدت لهم اقامتهم على الاراضي اللبنانية لمدّة عامين، وأبلغتهم أن العام الدراسي الحالي سيكون على نفقة المفوضيّة العليا لشؤون اللاجئين، على أن تتولى "​كاريتاس​" دفع بدلات نقل الطلاب إلى المدارس الرسميّة بدوامات مسائيّة، ما شجعهم على البقاء في لبنان كون المدارس غير مؤهلة لاستقبال الطلاب في بلداتهم السوريّة.

بدوره، لفت أبو علي، مواطن لبناني من سكان البلدة، إلى أن سكان "السفارة" تسببوا في تحطيم مقعدين من مقاعد الحديقة المجاورة، التي لم تعد متنفساً للأهالي وفقدت رونقها البيئي الجمالي، لافتاً إلى أن يبيتون ليلهم على العشب فيها لأن منازلهم ليست صحيّة وسليمة، معتبراً أنه من الأفضل لهم العودة إلى سوريا طالما أن الأوضاع باتت مستقرة، مشيراً إلى أن القوى الأمنيّة تدخلت عدة مرات وأوقفت اشكالات بين سكان "السفارة السوريّة" لأسباب سياسية.