«لم أر سوى عيونهم. كانوا يرتدون زيّ النينجا الأسود. رُعبٌ خالص. لا أذكر منهم سوى المدعو مُفيد. يا الله نينجا نينجا». هكذا وصف عامر الخيّاط، المدعى عليه بالتخطيط لتفجير طائرة إماراتية فوق ​أستراليا​، محققي فرع المعلومات في ​قوى الأمن الداخلي​. لم يجد الشاب الأربعيني، الذي مَثلَ، أمس، أمام هيئة ​المحكمة العسكرية​ في بيروت، طوال ساعتين ونصف الساعة، سوى الصراخ والبكاء وسيلة للتعبير. صرخ عامر مرات عدة برئيس المحكمة العميد ​حسين عبدالله​ ومفوض الحكومة المعاون رولان الشرتوني أن «احكموني... احكموني». «أريد العودة إلى أستراليا. «i will never come back i swear» (لن أعود مجدداً. أُقسم بذلك).

تناقضات كثيرة طبعت إفادة عامر الخياط. تارة يؤكّد أنّه لا يعرف شيئاً عن الإسلام ويعاقر الخمر ويتعاطى المخدرات وأنّه ليس متديّناً ويخاف من شقيقه الأكبر المتشدد «الحاج خالد»، وتارة أخرى يظهر أنّه يتابع الأناشيد الدينية ويُصلّي.

في البداية، توجّه العميد عبدالله إلى عامر: «منذ متى بدأت تتقرّب من عائلتك بعدما كنت بعيداً عنها؟». ردّ عامر بأنّ مقتل ابني شقيقه طارق في الرقة كان السبب المباشر خلال شهر رمضان الفائت للتواصل مجددا مع عائلته.

وأضاف عامر بأن شقيقه عرض عليه العودة للبنان لزيارة عائلته وتحديداً شقيقته المريضة بالسرطان. توقّف عامر ليخبر رئيس المحكمة أنّ شقيقته التي حضر لزيارتها توفّيت نهار الأحد الفائت.

بعد ذلك، استعرضت في الجلسة رسائل صوتية مرسلة عبر تطبيق الواتساب بين الموقوف عامر وشقيقه محمود في أستراليا. الرسالة الأولى في شأن العطلة التي طلبها عامر من عمله للقدوم إلى لبنان. رسالة صوتية أخرى من عامر إلى محمود يحاول التأكد إذا ما كان شقيقهما الأكبر خالد سيدفع ثمن تذكرة سفر عامر إلى لبنان تحت طائلة عدم السفر إذا لم يدفع ثمنها. ثم تأتي رسالة ثالثة تُظهر أنّ عامر دفع ثمن تذكرة السفر البالغة ١٦٥٠ دولاراً. أما أبرز الرسائل التي توقف عندها رئيس المحكمة فكانت تلك التي أرسلها محمود لعامر ويقول فيها: «بدي ابعت معك أغراض. كم كيلو بيحقّلك تحمل على طيران الاتحاد. إذا ٤٠ كيلو، بدي ابعت معك ١٥ كيلو وبتحمل بإيدك ٧ كيلو». وهذا الوزن كان وزن «فرّامة اللحمة» والدمية اللتين زُرعت فيهما عبوتان ناسفتان. سأل رئيس المحكمة الموقوف عن اتصال جرى بينه وبين شقيقه الأكبر خالد يسأله فيه إن كان أبلغ أحداً عن أي عمل إرهابي، فردّ عامر بالنفي، علماً أنّ رئيس المحكمة في الجلسة الماضية كان قد سأله عن اتصال مع شقيقه في شأن خلافه مع نزيل غرفته الباكستاني الذي ربما يكون قد أبلغ مالك المنزل الذي يقيم لديه عن اشتباهه بعمل إرهابي محتمل الوقوع. فردّ الموقوف قائلاً: «أجبت. يمكن شافني عم صلّي وبسمع أناشيد دينية. فاستنتج هيك». هذه الحادثة عاد عامر لينفيها هذه المرة

الرسائل التي عرضت لم تقطع الشك باليقين بشأن تورطه في عمل إرهابي. بعد ذلك، عرض رئيس المحكمة صوراً تُظهر عامر مع ابنتيه وصوراً أخرى لعناصر في تنظيم «داعش» وُجدت على هاتفه، فردّ عامر بأنّ المحققين وضعوها. كذلك عُرضت رسالة باللغة الإنكليزية تبدأ بعبارة «عزيزتي أمي»، يُخبر كاتبها أنّه بصدد ​الانتحار​ برمي نفسه، فردّ عامر بأنّ والدته متوفاة منذ العام ٢٠١٠، فلماذا قد يخاطبها ولا يخاطب ابنتيه! واتهم المحققين بفبركتها. كما أخبر عامر هيئة المحكمة أنّ محققي المعلومات أبلغوه بأنّ شقيقه خالد كان جالساً مكانه في العام ٢٠١٤، لسؤاله عن شقيقه طارق الخياط، لكن السفارة الأسترالية منعتهم من توقيفه. هنا تدخّل ممثل النيابة العامة القاضي الشرتوني لسؤال الموقوف عن سبب عدم وضع الدمية في الحقيبة مكان فرّامة اللحمة وعن سبب تقرّبه من إخوته. بدأ الموقوف بالصراخ مكرراً أنّ المحققين أعطوه أوراقاً بيضاء للتوقيع عليها ثم ملأوها بالاعترافات. عندها طلب منه القاضي أن يقترب ليخبره أين طلبوا إليه التوقيع، فردّ بأنهم أجبروه على التوقيع في زاوية الورقة البيضاء، عندها عرض القاضي ورقة وقّعها عامر في وسطها، تحديداً عند نهاية النص المكتوب، ما ينفي ادعاءاته. هنا بدأ عامر بالصراخ مجدداً قائلاً: «إنت عم تدافع عن النينجا». وتدخلت وكيلة الدفاع عن عامر المحامية جوسلين الراعي أكثر من مرة لتهدئته. كذلك تولّى رئيس المحكمة الدفاع عن فرع المعلومات، فرد عامر بأنهم (المعلومات) لم يتمكنوا من الرأس الكبير طارق، «ففبركوا الملف لي». وصرخ بأعلى صوته: «أنا بريء في أستراليا». وأرجأ العميد عبدالله الجلسة إلى ١٢ شباط 2019. عندها علّق عامر باكياً: «وإذا الواحد مات لوقتها... أكيد ما بيجي»!