مع اشتداد الازمة السياسية بين التيار "الوطني الحر" وتيار "المستقبل"، بدأت شظايا الخلاف تصيب القواعد الجماهيرية للفريقين. في زمن وسائل التواصل الاجتماعي لم يعد بالإمكان احتواء المواقف الشعبيّة، بل أصبح فتيل الأزمات شديد الاشتعال والانفجار، ما يعيدنا بالذاكرة الى ما قبل اعلان التسوية الرئاسيّة بين الفريقين والتي أوصلت لانتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية.

بتاريخ الامس تقدم المحاميان محمد زياد جعفيل وعمر الكوش باخبار من جانب النيابة العامة التمييزية ضد المدعو اديب العلم جراء تعليق ورد على حسابه على تويتر بالجرائم التي تمس الدين واثارة الفتن سندا للمواد /317/ و /474/ عقوبات. شكل هذا الخبر عودة "للتضارب الالكتروني" بين جمهوري الفريقين، اذ معلوم أن العلم "عوني" الهوى، وجعفيل عضو في قطاع المهن الحرة في تيار "المستقبل".

ترى مصادر مطلعة على أجواء "الوطني الحر" أن "المعارك التي يخوضها التيار اليوم ليست كما قبل، فهو الطرف الأقوى في الجمهوريّة ال​لبنان​ية، لذلك قد يكون من الطبيعي أن يصل جمهوره لمرحلة الاشتباك السياسي مع الآخرين الذين يرفضون الاعتراف بالواقع الجديد".

وتضيف المصادر، عبر "النشرة"، أن "جمهور التيار يتعاطى مع الحريري كرجل مكبّل من قبل ​السعودية​، ويرى بأنه قادر على اتخاذ قرار "التحرّر" إن أراد"، لافتة النظر الى أنه "من الطبيعي أن يدخل الجمهوران في موجة الخلاف السياسي القائم حاليا، لان الجمهور في لبنان يتبع "القائد" ويميل معه كيفما مال". وتقول المصادر: "لا يمكن القول أننا عدنا الى مرحلة ما قبل التسوية الرئاسيّة مع "المستقبل"، لا على مستوى القيادات أو القاعدة الجماهيرية، لان الحكومة اذا تشكلت غدا فسيكون للجمهورين توجهات مختلفة وستتحسن العلاقات"، مشيرة الى أن الأساس في هذا الموضوع هو أن التحالف مع "المستقبل" لم يكن يوما تحالفا استراتيجيا بل تحالفا على نقاط معيّنة وبالتالي لا ننتظر من الجمهور أن يكون موحدّا حول كل الملفات.

في الجانب المقابل، يذهب القسم الأكبر من جمهور تيار "المستقبل" بعيداً في الإنتقادات التي يوجهها إلى قيادات في "الوطني الحر"، لا سيما بعد أن تحوّلت أزمة ​تشكيل الحكومة​ إلى صراع على الصلاحيات، لكن هذا الأمر لم يبدأ في الأيام السابقة بل يعود إلى ما قبل ذلك، عندما لمّحت بعض الأوساط في التيار إلى أن ​الرئيس ميشال عون​ ينتظر موعد الأول من أيلول ليتكلم، وهذا الأمر كان واضحاً على ​مواقع التواصل الإجتماعي​.

الحريري بحسب أجواء جمهور "المستقبل" يربح من خلال هذه المعركة في الوقت الراهن، اذ إستطاع أن يعيد تجميع الكثير من الذين سبق لهم أن إبتعدوا عنه في الفترة السابقة، نظراً إلى معارضتهم التسوية الرئاسيّة التي أبرمها مع ​التيار الوطني الحر​، حيث تشير مصادر متابعة الى أن الحريري بفضل جمهوره اليوم أصبح أقوى من ان يقف بوجهه أي من خصومه في الطائفة السنيّة، بل على العكس من ذلك يردّدون بشكل أو بآخر المواقف التي تخرج عن قيادات تيار "المستقبل".

وتشير المصادر عبر "النشرة" الى أنه بالنسبة إلى قسم كبير من هذا الجمهور، التسوية الرئاسيّة لم تكن الخيار الأفضل، والدليل النتيجة التي حصدها التيار في ​الإنتخابات النيابية​ الأخيرة، لا سيما في ظل الإتهامات التي توجه إلى المملكة العربية السعوديّة بالوقوف وراء تعطيل تشكيل الحكومة. ولكن هل عدنا إلى ما قبل تاريخ التسوية الرئاسيّة؟ تجيب المصادر بأنه حتى الساعة لا، لكن في حال إستمرار الأوضاع على ما هي عليه، خصوصاً بحال استمرت الضغوط على رئيس الحكومة، فإنّ الأكيد أن الأزمة مرجّحة إلى المزيد من التصعيد.