استضافت إيران يوم أمس اجتماعا رئاسيا ثلاثيا ضم الرئيس التركي ​رجب طيب اردوغان​ والرئيس الروسي ​فلاديمير بوتين​ والرئيس الإيراني ​حسن روحاني​، للبحث في مصير المنطقة وتحديدا الملف السوري والاجراءات المطلوب اتخاذها في إدلب. ولكن كل هذه اللقاءات البالغة الاهمية لا يمكن أن تخفي قلق المجتمع الإيراني من أثر العقوبات الأميركية الدولية عليه.

أصبح الإقتصاد الإيراني مهدّدا جرّاء الإضرابات الحالية التي تشهدها البلاد على مستوى القطاعات التجارية، ولم يعد الامر مقتصرا على العاصمة طهران بل وصلت الاضطرابات الى مختلف الولايات بغض النظر عن "القومية" المتواجدة فيها.

يدرك الإيرانيون بحسب مصادر مطلعة على الشأن ال​ايران​ي أن الضربة الكبرى التي يمكن أن تقصم ظهورهم هي تلك المتوقعة في شهر تشرين الثاني، حيث ستسعى ​الولايات المتحدة​ الأميركية الى ضرب قطاع النفط الإيراني بالكامل، الأمر الذي سيشكل اذا ما نجح الامتحان الأصعب للايرانيين منذ نجاح ​الثورة الاسلامية​ عام 1979 حتى اليوم. وتضيف المصادر عبر "النشرة": "يمثّل بيع النفط نسبة 64 الى 65 بالمئة من إجمالي صادرات إيران، وهو المصدر الرئيسي لدخول العملات الصعبة اليها وتحديدا الدولار واليورو، ما يعني ان وقف عمليات التصدير او تدهور حال شراء النفط الايراني سيجعل المصرف المركزي الواقع أصلا تحت وطأة العقوبات، يعاني في تنفيذ المعاملات المالية داخل ايران، ما يجعل من انهيار ​الاقتصاد​ أمرا متوقعا حصوله بنسب مرتفعة".

يبلغ متوسط الدخل الشهري للعاملين في القطاع الإيراني الخاص حوالي مليون تومان، أي ما كان يعادل منذ أسبوع 100 دولار أميركي، وهو اليوم 70 دولارا أميركيا، الأمر الذي يجعل من الشعب الإيراني على شفير انفجار اجتماعي له انعكاسات سياسية. وهنا ترى المصادر أن طهران تحاول التقرب من ​روسيا​ و​الصين​ و​تركيا​ لحمايتها من نتائج العقوبات المتوقعة في شهر تشرين الثاني، ولكنها تعتمد اولا وأخيرا على شعبها وقدرته على التحمّل.

وتضيف المصادر، "ينقسم المجتمع الإيراني اليوم بين من يؤيد سياسة الرئيس السابق أحمدي نجاد والتي تقضي بالانغلاق التام والاعتماد على النفس، ومن يؤيد خيار الانفتاح على الخارج وتحديدا ​اوروبا​ والولايات المتحدة، اذ أصبح لدى البعض من الإيرانيين "طموحا" بالعيش كما يعيشون في ​أوروبا​ وهذا ما يلمسه الزائر لايران"، مشيرة الى ان الشعب إن قرر المواجهة فستتمكن الجمهورية الاسلامية من الصمود، اما إن قرر الاستسلام فستكون امام تجارب قاسية في التعاطي بين الشعب والنظام". وترى المصادر انه "حتى اللحظة لم تنجح ​الحكومة الايرانية​ بتخفيف نسبة الغضب الشعبي جراء الوضع الاقتصادي، خصوصا وان إغلاق جميع مكاتب صرف العملات المرخصة لم يساعد في إنقاذ الوضع ولم تتوقف عمليّات التداول بالعملات الصعبة في السوق السوداء، الأمر الذي يؤثّر على قيمة العملة المحلية ويدفعها لمزيد من التدهور"، مشيرة الى أن هذا الأمر يزعزع ثقة الشعب بحكومته ويجعل من الأوضاع صعبة التنبؤ.

رغم الحال السيّء الذي وصلت إليه الجمهوريّة الاسلاميّة، لا يزال المسؤولون بحسب المصادر يعوّلون على قوة الشعب الايراني ورفضه للتدخل الخارجي، خصوصا الاميركي، الذي، وضع هدفا له الإطاحة بالنظام الموجود حاليا. وتشير المصادر، "نعم أصبح لقسم من الشعب طموحا الوصول لرفاهية الحياة الاوروبية، وأصبح هذا القسم بعيدا عن القضايا العربية ويبحث عن الاوروبيين لتقليدهم في عاداتهم ولبسهم وطعامهم، ولكن هذا الامر لا يمثل كل المجتمع الإيراني الذي دافع عن نظامه منذ ما يزيد عن 35 عاما، ويتوقّع منه النظام الايراني المزيد من القوّة لمواجهة الاستحقاقات المقبلة".