هل تذكرون كيف أعطى وزير الزراعة ​غازي زعيتر​، وعلى مدى أكثر من سنة، إجازات قسرية مدفوعة الراتب لمدير عام التعاونيات غلوريا أبو زيد؟ وكيف أوقف ​مجلس شورى الدولة​ في حينها كل القرارات المتخذة من قبل زعيتر بحق أبو زيد؟.

يبدو أن فصلاً جديداً من فصول الكيدية السياسيّة في التعاطي مع الموظفين يتكرر ولكن هذه المرة داخل أروقة ​وزارة التربية​ لا في الزراعة.

ففي قرار أكثر من مفاجئ أعفى وزير التربية في حكومة تصريف الأعمال مروان حماده مديرة الإمتحانات الرسمية هيلدا خوري من مهامها وعيّن مكانها أمل شعبان. في السياسة خوري محسوبة على ​التيار الوطني الحر​ وشعبان على ​تيار المستقبل​ وهذا ما حمّل قرار حماده الكثير من التفسيرات والإتهامات. "أما عنصر المفاجأة في القرار "، تقول مصادر بارزة في الوزارة " فيكمن في أن حماده وطيلة فترة تولّيه حقيبة التربية لم يكن يعقد مؤتمراً صحافياً عن الإمتحانات من دون أن تكون خوري الى جانبه، كما أنه لم يقم بجولة واحدة على مراكز الإمتحانات الرسمية من دون أن ترافقه، كل ذلك وأرشيف المؤسسات الإعلامية مليء بالتصريحات التي يمدح فيها حماده خوري ويشيد بعملها ومهنيتها في المديرية، فما الذي تغيّر بين الأمس واليوم"؟.

المصادر البارزة في وزارة التربية تؤكد أن سجل خوري نظيف من أي إحالات على المجلس التأديبي أو ​التفتيش المركزي​ أو غيره من أجهزة الرقابة والمحاسبة وما من شكاوى بحقها، وتسأل "لماذا جاء القرار بإعفائها من مهامها في هذا التوقيت بالذات؟ وهل هو إنتقامي سياسي بما أن الوزير حماده، وكما أصبح معروفاً، لن يعود في الحكومة المقبلة الى الوزارة لأن التربية لن تكون من حصة ​الحزب التقدمي الإشتراكي​؟.

في المقابل تشرح أوساط مقربة من حماده أن الوزير إتخذ قراره الأخير لأن خوري التي عينت بالتكليف في عهد الوزير السابق ​الياس بو صعب​ مديرة للإمتحانات الرسمية، هي في الأساس على رأس مديرية الإرشاد والتوجيه في الوزارة وبالتالي كي لا تبقى تشغل هذين المنصبين جاء قرار الوزير. لكن السؤال الذي يطرح على الوزير والمقربين منه، لماذا أصدر قراره اليوم وليس بعد توليه الوزارة مباشرة؟ لماذا في زمن تصريف الأعمال لا عندما كانت الحكومة قائمة؟ وإذا كانت خوري ترأس مديريتين في الوزارة فهل هذا أمر جديد علم به حماده منذ أيام قليلة أم أنه من الأمور المعروفة منذ اليوم الأول لتوليه الوزارة؟ الجواب بالتأكيد لا، ليس هناك من جديد في الأمر.

إنها الحرب المفتوحة بين التيار الوطني الحر والحزب التقدمي الإشتراكي على خلفية ​تشكيل الحكومة​. وإنه الفيتو الذي يضعه رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​ على مطالبة الحزب التقدمي الإشتراكي بالمقاعد الوزارية الثلاثة المخصصة لطائفة الموحدين الدروز.

إنها حرب الكبار التي، وللأسف، يدفع ثمنها الموظفون. فهل تُحل قضية هيلدا خوري بإتفاق سياسي بين العونيين والإشتراكيين كما حُلّت أزمة غلوريا أبي زيد قبل الإنتخابات النيابية بين حركة أمل وتيار المرده؟.