أكد رئيس حزب "القوات اللبنانية" ​سمير جعجع​ أن "الناس، ومن بين كل الأحلام، قررت التمسك بحلم "القوات اللبنانية"بالذات، بعد محاولة سلطة الوصاية والكثير غيرها، وبكل قواهم، خنق هذا الحلم وتقديم أحلام أخرى للبنانيين على طبق من فضّة".

وفي كلمة له خلال قداس لـ"القوات اللبنانية" في ​معراب​، أوضح جعجع أنه "بعد أن أمعنوا تهميشا وتعتيما وإلغاء، وبعد أن استبعدوا "القوات" عن السلطة السياسية لمدة 15 سنة، عادت "القوات اللبنانية" بـ15 نائبا في يوم واحد وانكسر الحصار وتحرر الحلم".

وتوجه الى الرئيس الراحل بشير الجميل "ألق نظرة وشاهد غرسة ​الأرز​ التي زرعتها وتركتها قبل أن يشتد عودها، ألق نظرة لترى كيف نمت غصونها وامتدت جذورها في كل أرجاء الوطن، بعد أن اجتازت معموديات مقاومة متلاحقة، الواحدة تلو الأخرى، في صمود كبير وإيمان لا يتزعزع"، مشيراً الى "أنك فتحت لنا أبواب "الجمهورية القوية" ومضيت. هبت علينا من بعدها أمواج عاتية متلاحقة من الظلم والتجني، تغلبنا عليها كلها، وعدنا من الباب العريض بتكتل "الجمهوريّة القويّة".

ومن جهة أخرى، أكد أنه "لقد شهروا بنا في الإعلام ولفترات طويلة كي نصبح جثثا سياسية. صادروا ممتلكات الحزب ومؤسساته الإجتماعية التي وجدت لخدمة المجتمع. وضعونا في زنزانات تحت الأرض وانتظروا أن نموت في الوزارة"، لافتاً الى "اننا نحن اليوم أصبحنا مفخرة الوزارات، لهذا السبب هناك بعض، في الداخل والخارج، خائف وخائف جدا"، مشدداً على "أننا انطلقنا من تحت الأرض وتمكنا من ان نصل لنكون مفخرة الوزارات التي استلمناها، فكيف بالحري اليوم بعد أن أصبحنا فوق الأرض وفي وزارات أكبر وعددها أكثر؟"، لافتاً الى "اننا من هنا يمكن أن نفهم هلع وخوف وتخبّط البعض وجهوده المستميتة، كي لا نتمثل في الحكومة بشكل وازن أو إذا أمكن، كي لا نكون فيها من الأساس. ولكن السيف سبق الذل فقد قال الشعب كلمته: "صار بدّا، لأنو القوّات قدّا".

وشدد على أن "اداء وزرائنا في الحكومة المستقيلة يمكن أن يعطي فكرة واضحة عما نعتزم القيام به في الحكومة الجديدة. من هنا نفهم سبب الحملات المسعورة الكاذبة على وزرائنا، وبدل أن يحاول البعض التشبه بوزرائنا وبالتالي محاولة كسب محبّة الناس وثقتهم كما فعل وزراؤنا، فقد انصرف لمحاولة التهشيم بهم لربما بهذا يمكن أن يساويهم به ولكن إن جاءكم فاسق بنبأ فتنبّهوا".

ولفت جعجع الى "انني أتمنى ألا ينسى أحد أن الشهيد الأول في "القوات اللبنانية" كان رئيس جمهورية واستشهد تحديدا لأنه كان يحاول إنقاذ الدولة، وفي الأساس وجدت "القوات اللبنانية" لتعبئة الفراغ الذي خلفه غياب الدولة عند اندلاع الحرب، واليوم تدخل "القوات" الحكومة من أجل ملء الفراغ الذي تسبب به البعض بممارستهم في الدولة"، مشيراً الى أن " المسألة بالنسبة إلينا أساسيّة وجوهريّة الى هذا الحد وليست أبدًا مسألة محاصصة أو مراكز أو حقائب".

وأكد أنه "من جهة ثانية، لقد أثبتت الإنتخابات النيابيّة الأخيرة بالدليل العلمي الملموس وبالأرقام وبشكل لا يقبل الجدل، أن "القوّات" لوحدها ثلث المجتمع، ومن المؤكد يجب أن يتم ترجمة ذلك في الحكومة، ولن نقبل بأن يأخذ منا أي أحد ما اعطانا إياه الشعب".

وعن تفاهم معراب، شدد جعجع على أنه "لا لم ينتهي لأن هذا التفاهم ليس ملكًا لأحد ولا حتى أصحابه الذين وقّعوا عليه. هذا التفاهم أصبح ملكا للناس الذين كانوا يصلون منذ سنوات عدة من أجل التوصل إليه"، مشيراً الى أن "هذا التفاهم غير طبيعة المعادلة في لبنان وأصبح جزءا لا يتجزأ من وجود مجتمعنا ودوره الفاعل وتأثيره، لقد أصبح جزءا من حاضره ومستقبله".

وأكد أن "لا يمكن لأحد نسيان ما حققه هذا التفاهم. فإلى جانب تنقيّته الأجواء والمناخات في جميع المناطق والمدن والأحياء والقرى وحتى في الكثير من البيوت اللبنانية، فقد أوصل وللمرة الأولى منذ أكثر من ربع قرن إلى قصر بعبدا رئيسا، له صفة تمثيلية كبيرة"، مشيراً الى أنه "أوصل أيضًا إلى حلّ ملفات وقضايا أساسيّة ما كان من الممكن حلها من دونه، من قانون استعادة الجنسيّة، إلى الحكومة المتوازنة، إلى قانون جديد للإنتخابات أدى إلى تصحيح التمثيل النيابي من بعد اختلاله لمدّة تزيد عن ربع قرن".

واعتبر أن "تفاهم معراب إنجاز تاريخي، لا يمكن لنا أن ننظر إليه من زاوية ضيّقة أو صغيرة، ولا يمكن أن نفهمه بشكل صحيح إلا إذا قمنا بتقييمه من منظار واسع"، مشيراً الى أنه "يمكن للبعض أن يقول أن "القوّات دفعت ثمن المواجهة وعادت ودفعت ثمن المصالحة واليوم يحاولون أن يدفّعوها ثمن انتصارها في الإنتخابات النيابيّة الأخيرة".

وأشار الى "اننا نقول هذا جميعه صغير جدا مقارنة بالمصلحة العامة من المنظار الكبير"، لافتاً الى "اننا ضحينا ولا زلنا نضحي وسنكمل في التضحية لأن المصلحة العامة تقتضي ذلك"، مؤكداً أنه "لا يظنن أحدا منكم في يوم من الأيام أن مقدار هذه التضحية سيذهب سدى لأنه في نهاية المطاف ومهما حاولوا القيام بما هم يحاولون القيام به، فسيبقى الأبيض أبيضًا والأسود أسودًا، وبالتالي على ما رأيتم في الأنتخابات السابقة "ما رح يصح إلا الصحيح"، مؤكداً "اننا نحن إن كنا مع "أوعا خيك" حتى النهاية فهذا لا يعني أن ما له هو له وحده وما لنا هو أيضًا له وحده".

وتوجه الى العونيين مؤكداً انه "مهما حصل فمن بعد "تفاهم معراب" يجب ألا يردّنا أي شيء إلى الوراء"، مشيراً الى أنه "صحيح أن النبرة تعلو بين الحين والآخر إلا اننا يجب ألا ندع هذا الأمر يفرقنا من جديد. تذكروا مقدار الفرح الذي فرحناه والإرتياح الذي شعرنا به عندما توصلنا إلى هذا التفاهم: "جبال وانزاحت عن كتافنا".

وأشار الى أنه "تذكروا كيف ارتفعت معنوياتنا في حين أنه كان لم يتحقق أي أمر بعد، تذكروا كيف خلعنا ثوب الإحباط والقنوط بلحظة ولبسنا ثوب الثقة بالذات والأمل الكبير بالمستقبل، تذكروا كيف لمستم من حولكم وفي ومضة عين، رضى آباؤنا وأجدادنا. تذكروا كيف عاد الفرح والإطمئنان إلى قلوب أمهاتنا. تذكروا كيف حل السلام بين الجار وجاره. تذكروا كيف تصالح طلابنا في المدارس والجامعات وعادوا ليكونوا "الكتف عَ الكتف والإيد بالإيد، تذكروا كيف عدنا صوتًا واحدًا يمكنه أن ينقل الجبال. هذه اللحظات التاريخيّة يجب ألا نضيعها لأي سبب من الأسباب وذلك من أجل المحافظة على الأمل الذي سنحافظ عليه وضمان المستقبل الذي سنضمنه إن شاء الله."

وأشار الى "اننا سمعنا في المرحلة الأخيرة بعض الأصوات المطالبة بوجوب عودة لبنان لتطبيع علاقاته مع سوريا. في لبنان هناك دولة بغض النظر طبعًا عن مقدار فعاليتها فهذا أمر مختلف"، مشدداً على انه "في لبنان شرعيّة منبثقة من عمليّة ديمقراطيّة فعليّة شهدنا فصلاً أساسيًا منها منذ الثلاثة أشهر تقريبا مع الإنتخابات النيابيّة الأخيرة".

وأوضح أنه "في لبنان، موالون ومعارضون إلا أنهم جميعًا يعترفون بشرعيّة الدولة بشكل أو بآخر. في مقابل هذه الدولة الشرعيّة الموجودة في لبنان هل من الممكن أن يدلني أحد على دولة شرعيّة موجودة في سوريا، والتي أكثريّة من السوريين يعتبرونها دولتهم، كي تقيم الدول اللبنانيّة علاقات كاملة معها؟"، معتبراً أنه "ان كان هناك دولة شرعيّة في سوريا فكيف نفسّر عدم وجودها في جامعة الدول العربيّة؟ وهل من المنطقي أن نتخطى نحن هذا البلد الصغير جامعة الدول العربيّة ونقيم علاقات طبيعيّة مع نظام تقاطعه هي وجميع الدول المنتمية لها؟".