لم تتأخر أنقرة في اتمام استعداداتها لانطلاق معركة ادلب الكبرى. فبعد فشل الثلاثي الرؤساء، الروسي ​فلاديمير بوتين​ والايراني ​حسن روحاني​ والتركي ​رجب طيب اردوغان​ في التوصل لتفاهمات حول مصير محافظة ادلب خلال قمة طهران التي انعقدت الاسبوع الماضي، ركزت تركيا في الساعات الماضية على تعزيز مواقعها العسكرية المنتشرة في الشمال السوري وبشكل خاص في محافطة ادلب اضافة لمحافظتي حلب وحماة.

وبدا الحراك الميداني لأنقرة بمثابة رسالة مزدوجة لموسكو وطهران تؤكد فيها جهوزيتها للتصدي لعملية اسقاط آخر الأوراق التي لا تزال تمسك بها، فحتى وان كانت أي مواجهة عسكرية مباشرة بين الأفرقاء الـ3 مستبعدة، الا ان القرار التركي يبدو حاسما بدعم الفصائل بمواجهة القوات الايرانيّة والسوريّة على حد سواء، مع ما قد يترافق ذلك من ممارسة ضغوط على موسكو من خلال الاستهدافات المتكررة ل​قاعدة حميميم​. وتعتبر مصادر معنية أن أنقرة اتخذت قرارها بخوض المواجهة عبر وكلائها على الأرض الذين سلّحتهم وقدّمت لهم كل الدعم اللازم طوال السنوات الماضية، لافتة الى أنها أبلغتهم بذلك ما أدى الى رفع معنوياتهم بعد تهرّب قسم كبير من مقاتلي المعارضة مؤخرا خوفا من مصير يبدو محسوما لصالح المحور السوري–الروسي–الايراني.

وقد اختار الأتراك بذلك دفع كل اللاعبين على الأرض لسلوك الطريق الصعب بعدما كان النظام في ​سوريا​ وحلفائه يعولون على انسحاب سيناريو الجنوب الى ادلب، فتجنب سياسة المصالحات المنطقة "حماما من الدم" أصبح بحكم الأمر الواقع. وتماما كما دعم أنقرة لفصائل المعارضة في المواجهة المرتقبة بات محسوما، فكذلك فتح الثلاثي النظام السوري–موسكو–طهران معركة ادلب خلال أيام بات أمرا مفروغا منه أيضا، وهو ما يؤكده التصعيد العسكري الذي انطلق نهاية الاسبوع الماضي مباشرة بعد قمة طهران، والذي يقتصر بالوقت الحالي على القصف الجوي الذي تتولاه الطائرات الحربية والمروحية السورية والروسية. وبحسب مصدر قيادي في ​المعارضة السورية​ فان القصف يتركز في ريف ادلب الجنوبي وريف حماة الشمالي، "بغياب حشود جديدة واضحة للنظام وحلفائه تمهد لاقتحام قريب، ما يرجح اعتمادهم سياسة الأرض المحروقة للضغط على المدنيين كما الفصائل للاستسلام، قبل اتخاذ قرار الاقتحام البرّي الذي يدركون أنه سيكون الأعلى كلفة بالنسبة اليهم، باعتبار أن أعداد مقاتلي المعارضة في ادلب هو الأكبر على الاطلاق". ويشير المصدر الى دخول "وحدات مقاتلة تركية وتعزيزات يوم أمس الأحد بما يؤكد غياب اي اتفاق ثلاثي تركي–روسي-ايراني حول مصير ادلب"، لافتا الى أن "فصائل المعارضة لم تتأخر بتنفيذ عمليات عسكرية للرد على التصعيد الجوي السوري–الروسي عبر استهدافها ثكنات النظام ومطارات في حماة والساحل السوري".

بالمقابل، يتوقع مصدر مطّلع على موقف النظام السوري وحلفائه "ألا تكون الطريق الى تحرير ادلب معبّدة وسالكة، خاصة بعد دخول أميركا مجددا على خط التهديد والوعيد، لا بل أكثر من ذلك من خلال تحريك القوات الكردية في القامشلي للضغط بذلك على ​الجيش السوري​ عشية معركة ادلب"، لافتا الى ان "الدور الاميركي السلبي يترافق مع دور تركي مماثل وان كان الطرفان لا ينسّقان سويا في كيفية عرقلة عملية التحرير".

بالمحصلة، يبدو أن ادلب ستكون الامتحان الاصعب للفرقاء كافة دون استثناء، ففشل مسار آستانة في تحقيق تفاهمات الحد الأدنى بين الضامنين الـ3، ​روسيا​، تركيا وايران، يعني أن المواجهة مفتوحة والسيناريوهات ستكون الأكثر تعقيدا.