في الوقت الذي تتسارع فيه الاحداث والمستجدات على الساحتين السورية والعراقية، تتباطأ خطوات تشكيل الحكومة ال​لبنان​ية بعد انطلاقة ناريّة سجّلتها بداية شهر أيلول. ومع سفر رئيس الجمهورية ​ميشال عون​ الى ستراسبورغ وسفر رئيس الحكومة المكلف ​سعد الحريري​، يبدو أن العمل الحكومي لهذا الشهر انتهى قبل أن يبدأ.

ترفض مصادر قيادية في تيار "المستقبل" الحديث عن تخلّي الحريري عن واجباته الحكومية، معتبرة أن المسوّدة الاخيرة التي قدّمها أظهرت حرصه على إنجاز مهمته، وأظهرت نية الآخرين على خلق الازمات أمامه. وقالت المصادر عبر "النشرة": "وضع الحريري مسودته امام رئيس الجمهورية فجاءته التعليقات حولها من نواب تكتل "​لبنان القوي​"، ولكنه آثر على نفسه عدم الدخول في سجالات سياسية لا طائل منها، لذلك أرسل وزير الثقافة في حكومة تصريف الأعمال ​غطاس خوري​ الى ​قصر بعبدا​ يوم الجمعة الماضي لسماع ملاحظات الرئيس عون على المسوّدة"، مؤكدة ان الحريري يعترف بحق الرئيس بالنقاش وابداء الملاحظات حول التشكيلة، لأن الدستور نصّ على توقيع مرسوم تشكيل الحكومة بعد التوافق بين الرئاستين الاولى والثالثة، وكلمة توافق تعني النقاش بسبيل الاتفاق.

تشدّد مصادر "المستقبل" على أن الكرة الحكوميّة لم تخرج يوما من ملعب الحريري، وهذا أمر يسجّل له لا عليه لأنه يمارس صلاحياته كاملة ويحافظ عليها. وتضيف: "للحريري أن يضع التصوّر الحكومي الذي يريده وهذا ما فعله، ولرئيس الجمهورية أن يعارض او يوافق، ولكن لا يجب على الرئيس أن يكون طرفًا في هذه اللعبة، أي كنا نتمنى لو أتى رفضه لأسباب لا تتعلق بمطالب تيار سياسي معين"، مشيرة الى أن هذا الامر يؤكد ما كنا قد طالبنا به منذ بداية مسار التكليف والتشكيل، وهو ان تكون حصة رئيس الجمهورية وحصة التيار السياسي الذي ينتمي له واحدة.

لم يدخل سعد الحريري في لعبة الصلاحيّات وما نتج عنها من حروب كلامية، بحسب المصادر، لانه لم يسمع يوما من الرئيس عون أي كلام يتعلق بالحدّ من صلاحياته. وتضيف: "الحريري لا يريد ضرب علاقته بعون لأجل تصاريح اعلامية غير مسؤولة، ويتمنى لو أن الفريق الرئاسي يتقيّد بهذا المبدأ ايضا".

ترفض مصادر "المستقبل" الحديث عن ربط مصير الحكومة بالمتغيّرات الاقليمية. وتقول: "فليتمّ حلّ العقبات الداخلية، وسنرى ان كانت الحكومة ستتشكّل فورا أم ستنتظر أي امر خارجي سواء كان المعركة في ادلب ونتائجها، او مصير الحكومة العراقية وما يجري هناك من احداث، او مسار الحرب لاستعادة حرية وقرار ​اليمن​، او غيرها"، مشيرة الى أن إلقاء التهم على الخارج يأتي من الاشخاص الذين يعطّلون الحلول في الداخل، ويرفضون الوصول الى حكومة تعكس التمثيل الصحيح، ويريدون التحكّم بمفاصل أي حكومة مقبلة.

بالمقابل تؤكّد مصادر مقرّبة من فريق ​8 آذار​ أن سبب تأخير الحكومة لم يعد خافيا على أحد، اذ لا يمكن ألاّ تُحلّ عقد داخلية حكومية خلال كل الفترة السابقة. وتضيف عبر "النشرة": "التطورات الاقليمية تعطينا صورة واضحة عن أسباب تأخير الحكومة في لبنان اذ تعودنا ان ننتظر قرارا خارجيا مع كل استحقاق"، محذّرة من أنّ الرهان على الخارج لن يعود بالفائدة على المراهنين. وتجدّد المصادر خوفها من استمرار المراوحة في الملفّ الحكومي الى ما بعد شهر تشرين الثاني، تاريخ الاستحقاق الانتخابي الاميركي، والامتحان الصعب للحكومة الايرانيّة.

وتقول المصادر: "إن لم نبادر الى تشكيل حكومة بأسرع وقت ممكن فقد لا يبقى لبنان قائما لكي يتقاسموا النفوذ فيه، إذ بات التردّي في الوضع المعيشي الخدماتي والإنمائي، والتدهور الاقتصادي، وضعف ثقة الناس بالدولة ومؤسساتها، ينذرون بقرب الانفجار"، داعية الى الترفّع ولو لمرة واحدة عن الاوامر الخارجية والتطلع لمصلحة لبنان، والتنازل عن المطالب التعجيزية، والدخول الى حكومة ينتظرها الكثير من العمل الجاد للنهوض بالبلد.