لفت رئيس ​حزب النجادة​ مصطفى الحكيم في مؤتمر صحافي عقده الى أنه "كثر في الأيام الأخيرة الحديث في المنتديات السياسية والحزبية والإعلامية عن نيات بعضهم الإتجاه الى تعديل ​الدستور​ وصلاحيات الرئاسات الثلاث من خلال إلغاء ​اتفاق الطائف​ الذي أعطى مكتسبات لبعض الطوائف أكثر مما تستحق كما وحجما وعددا"، مشيرا الى إن "حزب النجادة الذي نأى بنفسه خوض الحرب الاهلية عام 1975، حري به أن يدافع عن السلم الأهلي والعيش المشترك بين مكونات ​الشعب اللبناني​ باعتباره حزب الإستقلال الأول، مما يحمله مسؤولية الحفاظ على هذا الكيان من العابثين والمغامرين بمصالحه، وصديقك من صدقك وليس من صدقك".

وأضاف: "نحن في حزب النجادة ورغم ان اتفاق الطائف المجحف والظالم بحق الأكثرية الإسلامية، فإننا ما زلنا متمسكين به وإذا كانوا اليوم يزفون نعي هذا الإتفاق، فإننا نزيد على نعيهم المطالبة بإلغائه وتكفينه ودفنه الى غير رجعة، على أن يبدأ فورا العمل بإلغاء الطائفية السياسية وإبقاء الحقوق الشرعية والأحوال الشخصية لكل طائفة"، مشيرا الى إن "المطالبة بإلغاء مؤتمر الطائف سينتج عنها إلغاء المناصفة في ​المجلس النيابي​ و​مجلس الوزراء​ وكل مرافق الدولة وخاصة في مواقع الفئة الاولى، وكذلك طائفية الرئاسات الثلاثة. فكفى اعتماد قاعدة ما هو لنا لنا وما هو لكم فهو لنا ولكم أيها ​المسلمون​، والتي سارت عليها ​المارونية السياسية​ خلال العهود السابقة. فكفى استغلالا ومكابرة، وهكذا يكون عندئذ الإصلاح والتغيير الذي يتاجر به البعض حقيقة واقعة".

واشار الى ان "حزب النجادة مارس إلغاء الطائفية السياسية بترشح رئيسه السابق رجل الإستقلال نائب ​بيروت​ المرحوم عدنان الحكيم في ​انتخابات​ ​رئاسة الجمهورية​ سنة 1970، فكان أول مواطن لبناني من غير الطائفة المارونية يترشح لهذا المنصب ويسجل ذلك في محاضر ​مجلس النواب​. فإذا كانت الغاية من الإلغاء تعديل صلاحيات الرئاسات الثلاثة فنحن مع نسفها كاملة، وتعديل الدستور حسب أحجام وأوزان الطوائف والمذاهب، ويأخذ كل منها حصته من الشراكة الوطنية التي يؤسس عليها لبنان الجديد بعد إجراء الإحصاء العام. فيكون حينئذ ما لنا لنا وما لكم لكم، فيحق الحق والعدل وتكافؤ الفرص بين المواطنين جميعا"، لافتا الى أن "التعدي على صلاحيات رئيس مجلس الوزراء من قبل البعض هو بالتالي تعد على الدستور، ويعتبر مقدمة لإلغاء اتفاق الطائف، حتى كأنهم يجاهرون بالعودة الى التقاتل الطائفي ورفع المتاريس والحرب الأهلية التي استمرت 17 عاما وقتلت ودمرت الكثير من البشر والحجر. انهم لا يعون تماما ويجهلون أهمية قول الرئيس الشهيد ​رفيق الحريري​ بوقف العد, إن اللحظة التي يتخلى فيها اللبنانيون عن الطائف يعني بصورة آلية العودة إلى تشغيل عدادات الطوائف والمذاهب والأحجام والأوزان، وهذا يعني إلغاء المناصفة بصورة نهائية بين المسلمين والمسيحيين وتكريس المثالثة والمرابعة والمخامسة، ويترتب على ذلك أيضا عدم حصرية رئاسة الجمهورية و​قيادة الجيش​ والمخابرات والبنك المركزي للطائفة المارونية الكريمة وغيرها من مناصب الفئة الأولى، وأصبح من حق أي طائفة أو مذهب ترشيح أبنائها الى المناصب السابقة".

وذكر الحكيم بأن "بعض رؤساء الجمهورية اللبنانية ما قبل الإستقلال لم يكونوا موارنة، وإن أول رئيس للجمهورية كان شارل دباس من طائفة الروم الارثوذكس، بل أن المسيحيين والمسلمين اتفقوا على ترشيح الشيخ محمد الجسر وهو شيخ معمم على رئاسة الجمهورية ولكن سلطة الإنتداب الفرنسي تدخلت وحلت مجلس النواب لمنع انتخاب الشيخ الجسر"، مشيرا الى إن "تأليف ​الحكومة​ هو حصريا بيد الرئيس المكلف نفسه ويطلع رئيس الجمهورية على التشكيلة الوزارية الذي يوقع عليها. لذا على مجلس النواب تحكيم الدستور باعتباره مصدر السلطة الأساس في الوطن، فهو الفيصل الوحيد في أي خلاف اجتهادي بين أركان الحكم"، مشددا على ان "لبنان كان في الماضي أكثر تقدمية وانفتاحا على جميع الطوائف والمذاهب من اليوم حتى أن بعض الغلاة من أتباع التيار الوطني الحر ذهبوا وشطحوا إلى مهاجمة الدين الإسلامي ورموزه الدينية بطريقة مبتذلة ومهينة وسطحية. وحتى أن أحد مستشاري الرئيس عون طالب بطريقة غير مباشرة بطرد المسلمين من بلادهم وإعادة المساجد الإسلامية الى أصلها التي كانت عليه أيام البيزنطيين. إنه كلام مردود على صاحبه لما فيه من جنون وغرور وحقد وكراهية وإثارة الفتنة بين مكونات الشعب اللبناني الذي حافظنا عليه برموش أعيننا، كما دعا إليه الدستور بالحفاظ على العيش المشترك".

وأضاف: "إن المطالبة باسترجاع حقوق المسيحيين من المسلمين يعني وكأن المسلمين أكلوا حقوق المسيحيين وهذا غير صحيح وافتراء، باعتراف اتفاق الطائف نفسه، وبلف للمسيحيين بهكذا شعارات طائفية شعبوية ساقطة. اما الهيستيريا من التلويح بخطر الوجود الفلسطيني والسوري، وتخويف المجتمع المسيحي من بعبع التوطين والتجنيس، فقط تخطيناه نحن منذ 100 عام عندما استقبلنا أخواننا اللاجئين الأرمن فاحتضناهم جميعا ورحبنا بهم وأكرمناهم، بل أكثر من ذلك فقط منحناهم الجنسية وأتينا بهم نوابا ووزراء، وقد اقطعتهم الدولة مشاعات وأراضي تابعة للوقف الإسلامي في عنجر والكرنتينا وغيرها، بينما وفد إلينا بنفس الوقت إخواننا ​الأكراد​ الذين ما يزال معظمهم من دون جنسية او نواب او وزراء أو حقوق بالدولة ليس الا لسبب طائفي محض".