"بس يكون الواحد بالموقع اللي انا في، بدو يحطّ مشاعرو على جنب"، اجابة كانت اكثر من كافية بالنسبة الى ​حزب الله​ لتبرئة ساحة الرئيس المكلف ​سعد الحريري​ من تهمة «اللعب بنار القرارات الاتهامية للمحكمة الدولية» التي تقوم بها شخصيات سياسية سنية ومسيحية من الصف الاول مقربة من الحريري واخرى معارضة له ولسياسته.

المعلومات التي وصلت للحزب ولجهات سياسية وازنة تشير بوضوح الى ان ثمة رهاناً حقيقياً على استعمال اتهامات المحكمة رسميا لشخصيات من حزب الله لخض الشارع اللبناني وافتعال ازمة «سنية - شيعية» على المستويين السياسي والشعبي مع كل ما يترتب عليها من تأخير في ملف ​تشكيل الحكومة​ ومحاولة مساومة حزب الله في الملف السوري وموضوع ضمان امن الجبهة الجنوبية مع فلسطين المحتلة.

وضمن سياق المعلومات ذاتها، فان جهات خارجية تحضر لتضييق الخناق ​الاقتصاد​ي على لبنان بشكل عام وحزب الله والبنوك التي تتعامل مع رجال الاعمال ​الشيعة​ بشكل خاص بما يؤدي لتراجع قيمة ​الليرة اللبنانية​ امام الدولار والعملات الاجنبية.

وتتضمن المعلومات اشارة واضحة الى ان عدم تجاوب الحزب مع قرارات ​المحكمة الدولية​ وتسليم المتهمين هو سبب رسمي لادراج المجتمعين العربي والدولي الجناح السياسي لحزب الله تحت خانة ​الارهاب​ واستعمال ذلك للضغط على لبنان الرسمي للتجاوب مع هذا التصنيف في مرحلة اولى.

بطبيعة الحال، لا يكترث حزب الله للقرارات الاتهامية للمحكمة الدولية.. في المبدأ لا يعترف الحزب بهذه المحكمة ولا بوجودها ويراهن في مكان ما على ان الافرقاء في الداخل بمن فيهم الحريري يعلم ان اتهامات المحكمة لا قيمة لها ولا يمكن تقريشها وصرفها في الداخل اللبناني.

اكثر من ذلك ، يلمح الحزب الى ان الحريري يبعد ملف تشكيل الحكومة عن قرارات المحكمة الدولية من منطلق معرفته المسبقة بان الحزب ومعه شريحة سياسية وشعبية واسعة ليس معنيا بما يصدر عن هذه المحكمة ولا بخلفيات قرارتها والغاية منها، كما انه - اي الحريري - ليس قادرا على اللعب بالوضع الداخلي والسير خلف بعض التوجهات الداخلية والخارجية التي تحاول استعمال القرارات الاتهامية للمحكمة كسيف سياسي واقتصادي مسلط على رقبة الحزب وبالتالي النيل منه بكفوف نظيفة دون تكبد مشقة الحرب المباشرة معه.

ولكن، ما سرب لحزب الله عن مخططات خارجية لاستعمال المحكمة كبوابة عبور لاستهدافه يمنعه من المراهنة على عقلانية الاطراف الداخلية بمن فيهم الحريري نفسه، لابعاد لبنان عن نارها، لا سيما وان تلك المحكمة انشئت اولا واخيرا لضرب حزب الله وتقسيمه والقيام بفتنة «سنية - شيعية».

وضمن هذا السياق، يعتبر الحزب ان رسالة امينه العام ​السيد حسن نصرالله​ للحريري وغيره لعدم «اللعب بالنار» وصلت بحذافيرها وما كلام الحريري بلاهاي الا كجواب واضح عن انه لا يريد تعريض الاستقرار الداخلي لاية خضة امنية او سياسية.

ولكن ومن باب التذكير، لا بد من اعادة التأكيد على ان خلفيات تحذير نصر الله تندرج ضمن الاتي:

اولا: ان المماطلة قصدا في تأليف الحكومة الى ما بعد شهر ايلول هو لعب بالنار، طبعا، ليس المقصود هنا تقييد الحريري بمهل زمنية ولكن لبنان لا يحتمل مجازفات سياسية من هذا النوع. ثانيا: محاولة رهن مصير الحكومة والبلد بالقرارات الاتهامية للمحكمة الدولية هو لعب بالنار ايضا ولن نتهاون او نسكت عنه.

ثالثا: الارتهان للضغوطات الخارجية التي تسعى للضغط على لبنان سياسيا واقتصاديا عبر استهداف الحزب هو لعب بالنار، ولربما من المفيد اعادة التأكيد على ان ما يقبله حزب الله اليوم في الحكومة والسياسة والاقتصاد لن يرضى به غدا بعد انتهاء زوبعة قرارات المحكمة الدولية والمعركة المنتظرة في ادلب.

رابعا: الرهان على محاولة استهداف الحزب من قبل العدو الإسرائيلي في لبنان او ​سوريا​ هو لعب بالنار ومجازفة خطيرة لا تحمد عقباها.