على مدى السنوات الماضية، عرضت الجمهورية ​الإسلام​ية في ​إيران​ على السلطات اللبنانية المساعدة في أكثر من قطاع، لا سيما الكهرباء، بالإضافة إلى إعلانها الرغبة في تزويد المؤسسة العسكريّة بالأسلحة التي تحتاج لها، إلا أن الجانب اللبناني لم يبادر إلى التجاوب.

اليوم، تبدي وزارة الصحة الإيرانية رغبتها في تقديم المساعدة على مستوى القطاع الطبي، تحديداً صناعة الدواء، وهو ما أكدت عليه خلال جولة لوفد إعلامي لبناني على مصانع الأدوية في ​طهران​، ما يساعد، في حال تجاوب السلطات اللبنانية، في تخفيض الكلفة على المواطن.

في هذا السياق، يكشف معاون التنمية والموارد البشرية في وزارة الصحة الإيرانية غلام رضا أصغري أن موازنة تعاونية الغذاء والدواء تبلغ نحو 20 مليار ​دولار​ (5 مليارات للدواء، 5 مليارات لمواد التجميل، 2 مليار للأجهزة الطبيّة، 8 مليارات للمتمّمات الغذائية)، موضحاً أن بلاده لديها شبه اكتفاء ذاتي في هذا المجال، حيث أن 96% من الأدوية تنتج محليّا، وتستورد نحو 4% فقط.

وفي حين يشدد أصغري على أن طهران تعتبر الدواء أمرا استراتيجيا، يلفت إلى أنه بعد انتصار الثورة حصلت أخرى على مستوى إنتاج الدواء، موضحاً أنه رغم الحصار نجحت بلاده في تحقيق إنجازات على هذا الصعيد، قائلاً: "اليوم أي دواء ينتج في العالم، نستطيع خلال شهر واحد إنتاج دواء يشبهه".

في الإطار نفسه، يوضح أصغري أن الإنتاج الإيراني يفوق حاجة السوق المحلي بأربعة أضعاف، ما يفتح الباب أمام إمكانيّة التصدير إلى الخارج، لافتاً إلى وجود ما بين 30 إلى 40 دولة تستورد اليوم من إيران، بينها ​روسيا​ و​العراق​ و​سوريا​ والبلدان المجاورة.

من جانبه، يشرح معاون التنمية في مديرية الموارد البشرية أكبر بورندقي أن السياسية الإيرانية في هذا القطاع، تعتمد على مبدأ أن الدواء يجب أن يصل إلى كل مواطن، لافتاً إلى أن بلاده تعتمد بشكل رئيسي على دواء الجنيريك.

ويشدد بورندقي على دور الوزارة في محاربة التلاعب في الأسعار والتهريب، مشيراً إلى أنها تعمل أيضا على تشجيع الشركات العالمية على الإنتاج داخل إيران.

جاهزون لمساعدة لبنان

يكشف أصغري أن بلاده في طور العمل على تسجيل العديد من المنتوجات الإيرانية في وزارة الصحة اللبنانيّة، كي تتمكن من تسويقها في السوق المحلّي، لافتاً إلى أن أسباب إرتفاع أسعار الدواء في لبنان هو الاعتماد على "البراند" بالإضافة إلى الاستيراد من الخارج، موضحاً أن الدواء الإيراني، عند دخوله إلى السوق اللبناني، سيكون بالجودة العالميّة إلا أن الكلفة ستكون أقل بأضعاف.

الأهم من هذا العرض، هو تأكيد أصغري أن ​ايران​ على استعداد لتدريب اختصايين لتصنيع الدواء في لبنان، أي صيد الأسماك لا تقديمها فقط، ما يساعد على تخفيض الأسعار إلى 1 على 10.

وفي إطار شرحه لبعض المعوقات، يشير أصغري إلى أن الأطباء من اللبنانيين اعتادوا على نوعية محددة من الأدوية، ما يتطلّب تغيير هذه الثقافة.

قد يظن البعض، أن طهران تربط هذه المساعدة بالمعلومات عن احتمال حصول "​حزب الله​" على حقيبة الصحة في الحكومة المقبلة، إلا أن المتحدّث باسم الهيئة العامة للغذاء والدواء كانوش جهانبور ينفي هذا الأمر، مشدداً على أن بلاده تعتمد في هذا الملف المعيار الإنساني، كاشفاً أنها عرضت المساعدة سابقاً في أكثر من مناسبة.

في الإطار نفسه، رد أصغري على ما ينقل في الساحة اللبنانية عن إمكانية قطع الولايات المتحدة الأميركية المساعدات التي تقدّمها إلى وزارة الصحة اللبنانيّة، في حال تولي شخصية من "حزب الله" هذه الحقيبة، بالتأكيد أن طهران مستعدّة لتعويض ذلك.

العراقيل اللبنانية

في مقابل هذه الإيجابية، تواجه الشركات الإيرانية العديد من العراقيل على مستوى التسجيل في وزارة الصحة اللبنانيّة، الأمر الذي يؤكد عليه مدير التسويق في شركة سيناجين شيان شيخ الإسلام، التي تعتبر ثاني أكبر شركة في العالم في إنتاج أدوية السرطان والتصلب اللويحي، حيث يشير إلى أن الشركة تسعى منذ العام 2013 لدخول السوق اللبناني، لكنها لم تنجح في ذلك، حيث تبلغت من وزير الصحة اللبنانيّة في ذلك الوقت ​وائل أبو فاعور​ بعدم توفّر دفتر شروط واضح لهكذا انواع من الأدوية الرديفة biosimilaire، أي أن الوزارة ليست لديها الإمكانيات لتقييم الدواء من حيث مكوّناته الكيميائية كي تعطي الموافقة على تسجيله وإدخاله إلى السوق اللبناني.

ويوضح أنه لهذا السبب اتجه لبنان نحو استيراد الأدوية الأوروبيّة والأميركيّة باسعار مرتفعة جدًّا، لكنه يجدّد الإهتمام في إدخال منتجات الشركة إلى السوق اللبناني، كاشفاً أنه مؤخراً تبلغت الشركة أن عليها الانتظار لوجود عشرات الملفّات والطلبات المقدّمة إلى الوزارة والأولوية للمصانع المحلية اللبنانية، مشيراً إلى أن شركته لا تسعى فقط لإدخال منتجاتها إلى السوق اللبناني بل تبحث عن شريك لبناني لانتاج أدوية التصلب اللويحي.

ويشير إلى وجود ٣ شركات لبنانية تصنع هذا النوع من الأدوية بشكل جزئي، في حين اذا ما أفسح المجال لتسجيل منتجات الشركة ستعمل على نقل التكنولوجيا الموجودة لديها إلى لبنان لإنتاج أدوية لبنانيّة بكلفة اقل.

أما عن الأسباب، فهي بحسب شيخ الإسلام تعود إلى سيطرة الشركات المتعدّدة الجنسيات على سوق الأدوية الرديفة، نظراً بقدرتها على التحكم بالسوق اللبناني والتأثير على قرارات وزارة الصحّة فيما يتعلق في تقييم الأدوية لادخالها إلى ​بيروت​.