نشرت صحيفة "فايني آباريزني" الروسية تقريرا تحدثت فيه عن عملية الهجوم على إدلب شمال غربي ​سوريا​، مشيرة إلى أن "هذا الهجوم ليس هجوما شاملا وكليا في الأثناء، عبرت الوحدات التركية الحدود السورية من شمال المقاطعة، في حين دخلت القوات السورية المحافظة، التي تحكمها المليشيات الكردية، من جهة الجنوب الشرقي وحتى الآن، لا يزال بالإمكان تجنب الاشتباكات القتالية الخطيرة، على الرغم من أنه من غير المتوقع أن يستجيب المسلحون لنصيحة الرئيس الروسي ​فلاديمير بوتين​ الذي أكد أن أفضل مخرج بالنسبة لهم سيكون عن طريق الاستسلام".

وأكدت أنه "من الواضح أن موظفي ​الأمم المتحدة​ يقودون سوريا نحو صياغة دستور جديد، في حين أن ظهور كيانات مستقلة جديدة أمر لا مفر منه وفي 11 أيلول، تلقى المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، ​ستيفان دي ميستورا​، دعما مباشرا من قبل الدول الضامنة للهدنة، بالمضي قدما نحو ترسيخ العملية الدستورية"، مشيرةً إلى أنه "على الرغم من النجاحات العسكرية التي حققها الرئيس السوري ​بشار الأسد​، إلا أنه سيكون على البلاد لملمة مخلفات الحرب الأهلية، التي طال أمدها، والتي انطلقت شرارتها من إدلب".

وأشارت إلى أنه "يوجد ثلاثة سيناريوهات محتملة لحل المشكلة في إدلب، يعدّ السيناريو الأول، حسب وجهة نظر ال​إيران​يين، كارثيا بامتياز، حيث ستقدم جميع الجهات المتقاتلة على التناحر داخل إدلب، متجاهلة الخسائر، لتقضي على كل ما تطاله حرفيا ولكن في إطار هذا السيناريو، سيكون أمام ​تركيا​ فرصة لإبقاء قواتها العسكرية في إدلب على المدى الطويل، وفتح الحدود الشمالية لسوريا ويعدّ هذا السيناريو غير واقعي، حيث لن يسمح ​الجيش السوري​ بفصل إدلب عن سوريا".

وأفادت الصحيفة بأن "السيناريو الثاني يعدّ أقل عنفا بكثير مقارنة بالأول، في حين يعد الأكثر انسجاما مع وجهة النظر التركية، فمن المقرر نزع سلاح المسلحين أو دفعهم لتسليم السلاح وانتقالهم إلى صفوف المعارضة، علما بأن هذه العملية ستستمر إلى ما بعد مرحلة إعادة إعمار سوريا ولكن توجد عديد الشكوك المتعلقة بمدى نجاعة مثل هذا السيناريو، خاصة أن هناك قدرا كبيرا من المخاوف بشأن تبعات تحققه على أرض الواقع".

ولفتت إلى أن "السيناريو الثالث، فيعد الأكثر تلاؤما مع وجهة نظر دمشق -موسكو، حيث يقوم على إمكانية الدخول السلس والبطيء للقوات السورية إلى المحافظات، واستعادة العلاقات مع المواطنين بشكل تدريجي. على سبيل المثال، وحتى الآن، هناك بعض الأشخاص، الذين يتمتعون بقدر كبير من التأثير، مستعدون للحوار مع دمشق. وقد عبّروا عن استعدادهم بطريقة أو بأخرى لتهدئة الوضع وتحرير إدلب، ليس من النازحين وإنما من الأجانب غير المرغوب فيهم".

وأقرّت الصحيفة بـ"أنه يعد السيناريو الثالث الأقرب لأن يحدث، لكن، أي سيناريو من السيناريوهات المذكورة آنفا لحل المعضلة في إدلب لن يسهل تنفيذه مع استمرار وجود قوات عسكرية تابعة للولايات المتحدة الأميركية ومستقرة على الأراضي السورية ومن الواضح أن الأميركيين لا يرغبون في انتصار سريع لسوريا أو نهاية هذا الصراع طويل الأمد".

وأشارت إلى أنه "يتطور الوضع في إدلب وفقا للسيناريو الذي اختبره الأميركيون سابقا في ​العراق​، بعد الإطاحة بنظام ​صدام حسين​ ويحيل هذا السيناريو إلى وجود دائم للجيش الأميركي في المنطقة، ما يسمح له بالتلاعب بالأطراف المتصارعة والاستفادة وتحقيق مصالح واشنطن على المستوى السياسي والاقتصادي وبعد ​كردستان​ العراق، لا تمانع ​الولايات المتحدة​ قيام كردستان سوريا التي ستتاخم الحدود التركية، بغض النظر عما ستثيره من مشاكل بالنسبة لأنقرة".

وأضافت: "تستطيع واشنطن ممارسة ضغوط على جميع الدول تقريبا، وفي مقدمتها إيران، مع العلم أن الوجود الإيراني في سوريا يعدّ السبب الرئيسي للوجود الأميركي في البلاد، في المقابل، يعدّ التمركز الروسي في سوريا أقل تعقيدا، خاصة أن علاقات موسكو مع أنقرة جيّدة في الوقت الحالي. بعبارة أخرى، يمكن ل​روسيا​ أن تتعاون مع تركيا فيما يتعلق بمسألة الأكراد، الذين تعتبرهم أنقرة تهديدا حقيقيا لأمنها القومي".

وأشارت الصحيفة إلى أنه "بإجماع من قبل الخبراء، وحتى في حال انتصار الجيش السوري في معركة إدلب، لن تتوقف محاولات مواجهة الأسد وأتباعه من قبل المعارضين له، علاوة على ذلك، لن يتوقف المسلحون الأكراد عن انتهاج سياستهم الاستفزازية، كما أن من الصعب بلوغ تهدئة في جنوب سوريا بصفة تامة وعلى الرغم من ذلك، يستبعد نيكولاي سوركوف فكرة إقامة حكم ذاتي كردي في سوريا، حيث قد تتفق دمشق مع الأكراد الذين قد تنحصر مطالبهم في الاستقلال الذاتي الثقافي".

وأكدت أنه "ليس من قبيل الصدفة أن شدد الرئيس التركي مرارا وتكرارا على قدرة بلاده على التعامل مع مسلحي إدلب ومن الواضح أن استعادة دمشق بصفة تامة لإدلب أو حتى تحقيق مسألة الحكم الذاتي للأكراد غير واردة إلى حد الآن. وحتى تتدخل تركيا لحل الوضع في إدلب، فقد طالبت بتنفيذ شرطين اثنين: أولا عودة ​اللاجئين السوريين​ أو أغلبهم من تركيا إلى سوريا وثانيا، تقديم ضمانات لمشاركة تركيا على نطاق واسع في عملية إعادة إعمار سوريا".