على الرغم من أن الجمهورية الإسلامية في ​إيران​ لديها شبه اكتفاء ذاتي على مستوى حاجات السوق المحلي من ​الأدوية​، إلا أن ​العقوبات الأميركية​ الاقتصاديّة تؤثر سلباً على هذا القطاع، الأمر الذي أكد عليه وزير الصحة حسن قاضي زادة مؤخراً، كاشفاً أن المواطنين يشعرون بذلك إلا أن الوزارة تبذل، بالتعاون مع مختلف المنظمات، جهوداً لتقليص أثر هذه العقوبات.

في هذا السياق، يؤكد المعنيون الإيرانيون في هذا القطاع أن ​طهران​ تسعى إلى كسر "الحصار" عبر السوقَين الروسي والصيني بشكل أساسي، بالإضافة إلى الاستفادة من العلاقات التي بنتها الشركات الخاصة مع أخرى عالمية، لاسيما أن ​الاتحاد الأوروبي​ ليس جزءاً من الاجراءات التي قررت واشنطن فرضها بصورة منفردة بعد انسحابها من الاتفاق النووي، إلا أن الأساس يبقى الاعتماد على القدرات الذاتية، التي تضاهي تلك الموجودة في البلدان الأكثر تطوراً، بالقول: "إن بلادهم كما تفوقت في قطاع الأسلحة، الأكثر تعقيداً، ستتفوق في قطاع صناعة الأدوية".

هذا الواقع تظهره جولة قام بها وفد إعلامي ​لبنان​ي على مجموعة متنوعة من مصانع الأدوية في طهران، لا سيما أن بعض الشركات باتت تمتلك القدرة على إنتاج مواد أولية غير موجودة في أي دولة من بلدان الشرق الأوسط، مثل مادة "nitroglycerine" التي تعتبر أساسية في صناعة الأدوية، والتي تنتجها شركة "dorsa" العضو في مجموعة "tavan holding".

ويشرح المسؤولون في "dorsa" أسباب انخفاض أسعار الأدوية المنتجة في إيران، بالإشارة إلى أن الأمر يعود بشكل أساسي إلى الاعتماد على "الجينيريك"، كما أن المبتكر الأول يحدد السعر الذي يريده في البداية بينما باقي الشركات المنافسة، بعد انتشار الدواء، تستطيع إنتاج المشابه له بكلفة أقل، من دون تجاهل أهمية إنخفاض تكلفة اليد العاملة في إيران بالمقارنة مع تلك الموجودة في البلدان الأوروبيّة والولايات المتحدة، أي أن مختلف المصاريف الجانبية أقل.

ويشير هؤلاء إلى أن الشركة تصدّر، في الوقت الراهن، إلى سوريا والعراق وبلدان الاتحاد السوفياتي السابق والدول المجاورة، لكنها تؤكد الاستعداد إلى التصدير إلى أي دولة ما تحتاج إليه وفقاً لدراسات علميّة، بالإضافة إلى استقبال طلاب لبنانيين، بهدف تدريبهم على التقنيّات المتطورة، في كلية الصيدلة التابعة لها، كون أغلب العاملين فيها من أساتذة الجامعات.

على صعيد متصل، يوضح مدير الهندسة في شركة "actoverco" نيروز برو أن حوالي 90% من إنتاج الشركة هو أدوية سرطان، لافتاً إلى أن الجزء الأكبر من المواد الأوليّة يتم تصنيعه محلياً، نظرا إلى أن الهدف الأساسي من تأسيس الشركة كان انتاج أدوية بكلفة اقل.

ويكشف برو أن القدرة الإنتاجية تخطّت الحاجة المحليّة، حيث أصبح هناك فائضاً يمكن تصديره الى الخارج. أما بالنسبة إلى فعاليّة أدوية ​السرطان​، فيؤكد بأنها مطابقة للمعايير العالميّة من حيث المواد الأوليّة والمنتج بشكله النهائي.

بالإضافة إلى ذلك، يشير برو إلى أن لدى الشركة مشروعاً جدياً لتصدير الأدوية إلى أوروبا في غضون عام ونصف العام، بعدما كانت تصدر، بشكل أساسي، الى دول الجوار، موضحاً أن الشركة، في ما يتعلق بتأثير العقوبات الأميركية، لديها ذخائر لمدّة عامين، نظراً إلى أن هذه المواد تنتهي صلاحياتها بعد هذه الفترة، لكنه يعرب عن اعتقاده بأن الشركة، من خلال علاقاتها مع بعض الشركات والمؤسسات العالمية، تستطيع تجاوز أي أزمة محتملة.

من جهة ثانية، يشهد القطاع الطبي الإيراني تطوراً بارزاً في مجال علاج وتصويب الخلايا والجينات، بحسب ما يؤكد مدير عام شركة celltech pharmed"" مسعود كربازيان التي توصلت، بعد دراسة علمية استغرقت 10 سنوات، إلى تقنية علاج الخلايا والجينات وتصويب وظيفتها العمليّة، مشيراً إلى أنه في مجال معالجة سرطان الأطفال توصلت الشركة إلى تقنية لعلاج هذا المرض بنسبة نجاح ما بين 83 و86%.

ويلفت كربازيان إلى أن كلفة الحقنة الواحدة في عملية تصحيح الخلل الجيني تبلغ في أوروبا وأميركا نحو 375 ألف دولار، بينما في طهران نحو 100 ألف دولار، موضحاً أن الشركة تتعامل مع العديد من الدول الأفريقية والآسيوية، مثل سوريا والعراق والبحرين، لكنها جاهزة للتعاون أيضًا مع لبنان ونقل التقنيات، نظراً إلى أن إمكانية التصدير إلى الخارج غير متوفرة حالياً بسبب الطريقة التي يتم بها العلاج.