شكل الفشل في الوصول إلى لائحة توافقيّة بين "الحزب التقدمي الإشتراكي" و"​التيار الوطني الحر​"، في الإنتخابات النيابية الأخيرة ضمن دائرة الشوف-عاليه، نقطة الإنطلاق نحو موجة من التصعيد السياسي غير المسبوق بين الجانبين، لا سيما مع وصف رئيس "الإشتراكي" النائب السابق ​وليد جنبلاط​ عهد رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​ بـ"الفاشل"، الأمر الذي استدعى العديد من ردود الفعل من نواب تكتل "التيار الوطني الحر".

في الوقت الراهن، يعدّ الصراع بين الجانبين على الحصّة الدرزية في الحكومة من أبرز المواد الخلافيّة بينهما، في ظل إصرار "الإشتراكي" على الحصول على تلك الحصّة كاملة، في مقابل رفض "لبنان القوي" هذا الأمر، وإصراره على توزير رئيس "الحزب الديمقراطي اللبناني" النائب طلال أرسلان، بناء على تفاهم سياسي حصل بين الجانبين في الإنتخابات النيابية، الأمر الذي كان له تداعيات كبيرة على مستوى القواعد الشعبيّة، تُرجم بشكل واضح على مواقع التواصل الإجتماعي، خصوصاً بعد أن وصلت المعركة إلى الموظفين في الإدارات العامة.

اليوم، خرج رئيس "الإشتراكي" من دون سابق إنذار في تصريح، عبر مواقع التواصل الإجتماعي، يشير فيه إلى رغبته في عدم الدخول بسجالات عقيمة، الأمر الذي تفاعل معه "التيار الوطني الحرّ" إيجابياً، عبر التعميم الصادر عن نائب رئيس التيار للشؤون الادارية رومل صابر، الذي طلب فيه التوقف عن السجالات واعتماد التهدئة الاعلامية مع "الاشتراكي"، الذي بدوره دعا، عبر أمانة السر في الحزب، إلى عدم الدخول في أي سجالات سياسية أو إعلامية مع "التيار الوطني الحر"، في حين كان وزير البيئة في حكومة تصريف الأعمال طارق الخطيب قد التقى، في مكتبه في الوزارة، رئيس لجنة محمية أرز الشوف الطبيعية شارل نجيم بحضور الاختصاصي البيئي نزار هاني وشكري الحداد، وجرى عرض لما رافق قضية إلغاء إلتحاق الموظف هاني بالمحميّة قبل أيام، فما الذي حصل في الساعات الماضية؟.

ينفي عضو تكتل "لبنان القوي" النائب ماريو عون، في حديث لـ"النشرة"، حصول أي لقاء أو إتصال، خلال وقت سابق، بين الجانبين لتهدئة الأمور، ممّا ادّى الى صدور تعميم "التيار الوطني الحر" على اثره، لكنه يشير إلى أن التيار يريد أن يثبت من جديد أنه ضد التصعيد، لا سيما أن وضع البلد لم يعد يحتمل، بالرغم من أن بعض المصادر كانت قد تحدّثت عن إتصالات عالية المستوى قد حصلت.

ويلفت عون إلى أن لبنان في وضعية تشكيل حكومة، وبالتالي التصعيد السياسي لن يؤدّي إلى أي نتيجة، لكنّه يوضح أن التصعيد جاء في الأصل من جانب جنبلاط، ما استدعى ردوداً من "الوطني الحر" وأخرى من "الإشتراكي"، معتبراً أن التهدئة قد تؤدّي إلى وضعية أفضل على المستوى السياسي.

على صعيد متصل، يؤكد عون أن كل تصعيد إعلامي، من المسؤولين والنواب، يكون له ردّات فعل على المستوى الشعبي، كاشفاً عن حادثة حصلت معه، خلال مرافقته البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في جولته في الشوف، حيث اقترب منه أحد الأشخاص في محطّة برجا، ودعاه إلى التخفيف من مواقفه "العدائية" و"الأصوليّة"، لافتاً إلى أن الحادثة مرت على خير لكنها تعكس أجواء التشنج القائم.

في الجهّة المقابلة، يوضح عضو "اللقاء الديمقراطي" النائب بلال عبدالله، في حديث لـ"النشرة"، وجود حرص مشترك بين الجانبين على التهدئة، وعلى ألاّ تأخذ الأمور أبعادا أكثر، لافتاً إلى أنه من غير الضروري وجود وسيط بين الحزب والتيار، سواء حصل لقاء أو إتصال مشترك أو لم يحصل.

وأعرب عبدالله عن تصوره بأنه كان هناك نصيحة من جانب البطريرك الراعي في هذا المجال من خلال العظات في جولته الشوفيّة، بالإضافة إلى وعي من جانب رئيس "الإشتراكي" لعدم تحميل البلاد أكثر مما تحتمل في هذا الظرف، لا سيما بعد الإقالات العشوائية التي حصلت لبعض الموظفين، لافتاً إلى أن الرهان على هذه التهدئة لإعادة وصل ما انقطع بين الجانبين مرهون بالظروف والتوقيت.

في المحصلة، هي تهدئة قرّر الحزب والتيار تعميمها اليوم، لكن الكثير من الأسئلة تُطرح حول إمكانية صمودها في المستقبل، في ظل الخلافات بينهما على العديد من الملفات، والصراع على النفوذ في منطقة الجبل!.