بعد مرور حوالي أربعة أشهر تقريبا على تأخير تشكيل الحكومة وبعد الصيغ العديدة التي طرحها رئيس الحكومة المكلف ​سعد الحريري​ على رئيس الجمهورية ​ميشال عون​، خرج ​البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي​ بموقف لافت يدعو فيه القوى السياسيّة الى تشكيل حكومة طوارئ حياديّة، فلماذا يدعو الراعي الى مثل هذا النوع من الحكومات، وماذا يقول الدستور عنها؟.

"نحن بوضع شاذ حكوميا وهذا الواقع ناتج عن عجز البعض عن إنجاز التشكيلة الحكوميّة، وهذا الأمر مرفق بسجال سياسي خطير حول الصلاحيات وحول تطبيق الدستور وحول المهلة المفتوحة للتكليف، وغير المرتبطة بأفق زمني محدود، وهذه الازمة اضافة الى السجال العوني-الجنبلاطي دفعت الراعي كواحد من المراجع المدركة لحجم الخطر على واقع البلد الى دق جرس الانذار". هذا ما يؤكده الكاتب والمحلّل السياسي وسيم بزي عبر "النشرة"، لافتا الى أن "السبب الاساسي الاضافي لهذه الازمة يتركّز على التشبث بالرأي من قبل الحريري حول مهلة التكليف غير المحدودة والمرفقة بتصاريح من مجموعات، كدار الفتوى وغيرها تدعو الى عدم المسّ بصلاحيات رئيس الحكومة"، مشيراً الى أن "موقف الراعي ليس له أي دلالة سياسيّة بقدر ما له دلالة أبويّة، وبالتالي فإنه دعا الى الخروج من الازمة بتشكيل حكومة طوارئ"، معتبراً أن "أهمية هذا الطرح أنه يرمي فكرة جديدة بالتداول".

وفي هذا الاطار يرى الخبير الدستوري عادل يمين أن "الدستور يحدّد معيارين للتأليف، الاول يتمثّل ببلورة صيغة عادلة في التشكيلة الحكومية عملاً بالمادة 85 من الدستور، والثاني أن تكون التشكيلة مؤهّلة لحيازة الاغلبية النيابيّة لنيل الثقة، وحتى تتمكّن الحكومة من ممارسة أعمالها يفترض أن تكون التشكيلة مؤهلة لنيل تأييد الاغلبية"، مضيفاً: "بناء على ما تقدم ليس من مانع صريح أمام هذا النوع من الحكومات إذا كانت مقترنة بموافقة الكتل النيابيّة وبإرادة رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة"، لكنه يعود ويؤكد أن "ليس في الدستور أي توصيف لحكومة طوارئ، ولكن عندما تتحدث المادة 95 من الدستور عن تمثيل الطوائف في تشكيل الحكومة، فهذا يعني أنه يريد أن تتمثل الطوائف بحسب إرادة الناخبين المعبّر عنها في الكتل النيابية".

ويرى عادل يمين أن "فكرة الراعي تأتي من ضمن مجموعة أفكار تهدف الى ايجاد مخرج للازمة، ولكن اذا ما أردنا ترجمة هذه الافكار عملياً، نجد أنها ليس متعارضة مع الدستور وليست الأقرب اليه في نفس الوقت"، مضيفاً: "العوائق التي تقف بوجه تشكيل حكومة وحدة وطنية هي نفسها التي ستعترض قيام حكومة طوارىء حياديّة"، معتبرا أن "من غير الملائم تشكيل حكومة تعقب الانتخابات النيابية، ولا تحترم قيام نتائج الانتخابات لأن الشعب هو مصدر السلطات ولان نظامنا برلماني".

إذاً، يأتي طرح الراعي في اطار الافكار التي تهدف الى المساعدة على تحريك المياه الراكدة في زجاجة التأليف، ولكن الاهمّ لماذا دعا الراعي الى تأليف حكومة طوارئ حياديّة، ولم يدفع باتجاه احترام نتائج الانتخابات النيابية في الحكومة؟!.