كثُر الحديث في الأيام القليلة الماضية عن ليونة "قواتية" في الملف الحكومي يُقابلها تشدد "جنبلاطي"، في ترويج لامكانية أن تقبل قيادة "القوات" بالحصول على وزارة دولة من ضمن حصّتها التي يُرجح أن تتضمن 4 وزارات، في مقابل رفض كلي من القيادة "الاشتراكية" لمجرّد فكرة الحصول على وزارتين من أصل 3، وهو مجموع الوزارات المخصّصة للدروز. وللمفارقة أنّ مصادر قيادية قواتية تؤكد مبدأ الليونة الذي يعتمده الحزب لتسريع تشكيل الحكومة، كما امكانية القبول بوزارة دولة، لكنها تتحدث عن شرطين أساسيين لا رجوع عنهما للقبول بعرض مماثل، الأول يقول بأن تتضمن الحصّة الحكومية القواتيّة وزارتين أساسيتين ووزارة سيادية اضافة لوزارة دولة، أو أن تكون وزارة الطاقة من حصة معراب.

وتشير المصادر الى أن "الليونة القواتية" ظهرت في أكثر من محطّة في المسار الحكومي، "أولا من خلال قبولنا بالتنازل عن 5 مقاعد وزارية لتقتصر حصتنا على 4، ثانيا من خلال تنازلنا عن حقنا بالحصول على وزارة سياديّة، باعتبار ان منطق الأمور يقول بتقاسم أكبر تكتّلين مسيحيّين الحصّة المسيحيّة من الوزارات السياديّة وهي 2، وأخيرا من خلال قبولنا أيضا بالتخلي عن نيابة رئاسة الحكومة، لنكون بذلك أكثر فريق قدّم تنازلات حتى الساعة، بمقابل فريق يحاول الاستئثار بكامل الحصّة المسيحيّة ويرفع سقوفه، ما بدأ يؤكد أنه لا يريد أصلا تشكيل حكومة لهدف سينكشف لا شك قريبا".

وتستهجن المصادر "التمسّك العوني" بوزارة الطاقة، معتبرة أنه "وبعد 8 سنوات من استلام هذه الوزارة وعدم تحقيق أي انجاز يُذكر فيها، لا يزال "التيار الوطني الحر" يرفض التخلّي عنها وافساح المجال لفريق سياسي جديد بتنفيذ خطط ستؤمن سريعا الكهرباء وبأسعار منخفضة، ما يجعل هذا التشبّث برسم اللبنانيين وكل من يئنّ من حالة هذا القطاع، وما أكثرهم".

وبمقابل الشروط القواتيّة، يتمسك العونيّون بـ"الملاحظات" التي وضعها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على الصيغة الحكوميّة التي تقدم بها رئيس الحكومة المكلف ​سعد الحريري​. وتشدد مصادرهم على أن أي حديث عن حصولهم والرئيس عون على الحصة المسيحية كاملة من وزارات الدولة، لن يمر، معتبرين أن هناك من يسعى للانقضاض على نتائج الانتخابات النيابية عبر حجج واهية، بمسعى لاعادة انتاج الحكومة الجديدة بتوازناتها الراهنة ولكن بشكل جديد. وتشير المصادر العونيّة الى أن "التركيز على المشكلة المسيحيّة في ملفّ التشكيل، وحرف النظر عن المشكلات الأخرى ظنّا أننا بذلك سنقبل بتمرير انقضاضهم على حقوق باقي المكونات ونحصر اهتمامنا بتحصيل حقوقنا، لن يمر أيضا، فهناك مبادىء وقواعد لا يمكن القفز فوقها في ملف تشكيل الحكومات، وهو ما أعلنه الرئيس عون صراحة في عيد الجيش وأكده مرارا وتكرار طوال الأشهر الماضية".

بالمحصّلة، يبدو أن التعويل على مهلة الـ10 أيام التي كانت تفصل بين زيارة الرئيس عون الى ستراسبورغ وسفره المرتقب الى نيويورك للمشاركة بالجمعيّة العامّة للأمم المتحدة، ذهب سدى، ما سيؤدي حكما لدفع أي حراك جدي لتأليف الحكومة حتى مطلع شهر تشرين الأول المقبل.